أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس الموقف شكوى مستثمر شهادة مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

عبيدات يكتب: تعزيز دور الجامعات في الأردن لخلق بيئة جاذبة محليّا وعالميّاً لسوق العمل في مجال صناعة الشرائح الإلكترونية


د. فادي عبيدات
استشاري في مجال صناعة الشرائح الإلكترونية

عبيدات يكتب: تعزيز دور الجامعات في الأردن لخلق بيئة جاذبة محليّا وعالميّاً لسوق العمل في مجال صناعة الشرائح الإلكترونية

د. فادي عبيدات
د. فادي عبيدات
استشاري في مجال صناعة الشرائح الإلكترونية
مدار الساعة ـ
في هذا المقال، سأسلًط الضوء على التحدّيات الّتي يواجهاها الأردن لتلبية احتياجات سوق عمل صناعة الشرائح الإلكترونيّة وسأقترح خطوات عملية للتغلّب على هذه التحدّيات. على الرغم من المكانة المرموقة للأردن في التعليم في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة، يواجه الخريّجون معدلات بطالة عالية ومقلقة، خاصة في مجالات الهندسة، ناتجة عن نقص في الفرص الصناعية. هذا التباين يجبر العديد من خريجي هندسة الحاسوب والإلكترونيات على توجيه مساراتهم المهنية نحو مجال البرمجيات، على الرغم من الطلب المتزايد على مثل هؤلاء المهندسين عالمياً. على سبيل المثال، تشير التوقعات إلى وجود نقص في عدد المؤهلين في الولايات المتحدة الى ما يزيد على مائة ألف مهندس بحلول عام 2030.
هناك عدد من الأردنيين في شركات الشرائح الإلكترونية الرّائدة أكملوا دراستهم الجامعية في الأردن. ثمّ توجّهوا الى الولايات المتحدة ودول صناعية أخرى لمتابعة الدراسات العيا، حيث أظهروا كفاءة عالية خلال الدراسة أو خلال فرص التدريب العملي المتوفرة وأمّنوا مسارات مهنية لهم هناك. هذا النموذج جيّد لكن لا يتماشى مع الأهداف الاقتصادية للدولة التي تهدف إلى تعزيز فرص العمل ذات دخل منافس للكفاءات الأردنيّة والحدّ من معدلات البطالة. لذا فمن الضروري تنمية بيئة جاذبة للشركات العالميّة للاستثمار في الأردن واستقطاب الكفاءات الأردنيّة.
يفتقر الطلاب الجامعيون في الأردن إلى فرص لاكتساب الخبرة العملية في المجالات ذات الصلة بصناعة أشباه الموصلات لندرة الشركات العاملة في هذا المجال محليّاٍ. يشكل غياب هذه الفرص تحدياً مزدوجاً، حيث يعيق قدرة الطلاب على تأمين فرص لاكتساب الخبرة التي تحتاجها الشركات وبالتالي تعاني الشركات من نقص المؤهلين في حال قرّرت التوسّع في نشاطها في الأردن. لكسر هذه الحلقة، يجب تطوير استراتيجيات مبتكرة لتعزيز المناهج الأكاديمية والتخفيف من أثر نقص الفرص الصّناعيّة والذي بدوره يلقي "عبئاً" اضافيّاّ على النظام الأكاديمي. من الجدير بالذكر أنّ دول العالم الرائدة في هذا المجال تتسابق لاتخاذ اجراءات سريعة لتنمية مواردها البشريّة على الرّغم من وضعها الجيّد نسبياً مقارنة بالدول الّتي ليس لها بصمة كبيرة في هذا المجال.
هذه مجموعة من التوصيات لتعزيز جودة وأعداد الخرّيجين في الأردن لتشجيع الشركات العالميّة على اعتبار الأردن مصدراً مهمّاً للكفاءات في مجال صناعة الشرائح الإلكترونيّة:
1. تطوير المناهج: مراجعة المناهج الحاليّة لتعزيز الجوانب العملية والمشاريع ذات الصلة بالصناعة. للأسف، فإن نظام التعليم العالي في الأردن يقيّد المبادرات التي قد تهدف إلى تحسين جودة الخرّيجين لتلائم احتياجات السوق. فمن الغرابة بمكان سهولة إنشاء قسم أكاديمي جديد في مثل هذا النظام "الجامد" على تطوير خطّة مساق أو تخصّص. يجب معالجة هذا ضمن أنظمة التّعليم العالي؛ فالنًًًّظام الحالي لا يمكنه تحقيق المهمة المرجوّة لدخول هذه الصناعة الإستراتيجيّة ويقيّد من المبادرات والحركة.
2. الدفع بتقنيّات الصناعة: على نحو متزامن مع تطوير المناهج الدراسيّة والمشاريع والمختبرات لكي تصبح موجهة نحو الصناعة، ينبغي على الجامعات الدفع بالحلول التقنيّة والبرمجيّات المستخدمة في الصناعة في المساقات والمختبرات، مع تدريب الهيئات الأكاديمية لضمان تطبيق ناجع، وهذا سيمكن الطلاب من اكتساب المهارات الصناعية الأساسيّة.
3. التعاون مع الصّناعة: تعزيز التعاون بين الجامعات وخبراء الصناعة المحليّين من خلال الندوات وورش العمل لزيادة وعي الطلاب وتطوير مهاراتهم.
4. الزملاء الصناعيون: من المهم أيضًا النظر في توظيف الخبراء في الصناعة لقدرتهم على الدفع بالمهارات المطلوبة وتمكين الطلّاب.
5. المسابقات الموجهة من الصناعة: هذا النوع من التعلّم القائم على المشاريع سيحول المعرفة التي اكتسبها الطلاب خلال سنوات الدراسة الجامعيّة إلى خبرة عمليّة ومن شأنه أيضاً تطوير مهارات معالجة التحديّات والابتكار.
6. برامج التدريب العملي: يجب إقامة شراكات مع الشركات العالميّة والمحليّة لتوفير فرص تدريب عملي طويلة التي من شأنها صقل مهارات الطلّاب وتجهيزهم لسوق العمل.
7. إعادة النّظر في برامج الهندسة: إعادة هيكلة البرامج الهندسيّة لتضمن عامًا مخصصًا للمشاريع الخاصة بالصناعة، مما يُعدّ الطلاب للاندماج الفوري في صناعة الشرائح الإلكترونيّة. يمكن اعادة هيكلة برنامج الهندسة في الكمبيوتر والإلكترونيات إلى أربع سنوات. يمكن إعادة تصميم السنة الخامسة لتتطلّب العمل على مشاريع مستهدفة يمكن أن تجهزّهم بالمهارات المطلوبة في قطاع صناعة الشرائح الإلكترونية.
8. برامج التدريب المكثّفة: الاستثمار في برامج التطوير المهني والشهادات المعتمدة من الصناعة لتعزيز مهارات الطلاب وجاهزيّتهم.
9. اعادة تقييم التعليم عبر الإنترنت: إعادة تقييم تجربة التعليم عبر الإنترنت وتعزيز التعليم الوجاهي للمساقات الّتي تستهدف تمكين الطلًاب من مهارات عمليّة أساسيّة. من الواضح أن جدّاً قصور جودة التعليم عبر الإنترنت في عصر كوفيد-19 فيما يخّص المهارات العمليّة.
10. نظام الترقية: يجب اعادة النظر في معايير ترقية أعضاء الهيئة الأكاديميّة لاعتماد المساهمات في المبادرات الموجهة نحو الصناعة وليس فقط الأبحاث الّتي في الغالب ليس لها علاقة مباشرة بالصناعة ولا تُنمّي المهارات المطلوبة عند الطلّاب ويقتصر هدفها على الترقيات.
11. إرادة التغيير: يجب دعم إصلاحات التعليم الموجّه نحو الصناعة على مستوى أصحاب القرار في الوزارات المختصّة والمؤسّسات الأكاديميّة. بدون إرادة التغيير على مستوى القيادات الإداريّة ستبقى هذه الخطط تراوح مكانها ولن ترى النور.
12. استشارة خبراء الصناعة: يجب التعاون الوثيق مع قادة صناعة الشرائح الالكترونيّة وتمكين دورهم لتوجيه السياسات بما يخدم توجّهات الدولة الإستراتيجيّة لدخول هذا القطاع الاستراتيجي.
علينا المضي قدماً في حزمة الاجراءات المقترحة، لا نملك ترف الوقت لإضاعة مزيداً من الفرص. يمكن للأردن تحديد مكانته في هذا القطاع الحيوي، ودفع مساره الاقتصادي قدماً، وتأمين مستقبل مستدام في هذا القطاع التكنولوجي الهام.
مدار الساعة ـ