لم تأخذ موسكو اشارة السفارة الأمريكية لديها بخصوص تخطيط تنظيم القاعدة " داعش " الأرهابي بغزوها لإستهداف المعابد اليهودية فيها بتاريخ 7/ أذار / 2024 ، أي قبل اسبوعين من حادثة مسرح " كوركوس " الأرهابية بتاريخ 23/ أذار / 2024 بالقرب من المدخل الغربي للعاصمة بحمل الجد رغم تحذير السفارة لرعاياها بعدم التردد على المولات التجارية أيضا. و تعتبر موسكو بأن جرس الأنذار الأمريكي غير كافي ولم يحمل تفاصيل ، و في المقابل كان بأمكان موسكو الأكتفاء بما ورد لطرفها من معلومة سريعة من السفارة الأمريكية لرفع مستوى الجاهزية الأمنية وسطها تماما كما فعلت بعد وقوع الحادثة المأساوية . و المعروف هو بأن أمريكا لها حضور في أفغانستان بعد مغادرة الاتحاد السوفيتي لها عام 1989 ، و تعرف روسيا التي قادت الاتحاد السوفيتي أفغانستان جيدا عندما غزتها عام 1979 .
اعتبر مدير جهاز المخابرات الروسية الكسندر بوريتنيكوف في تصريح حديث له بأن الأجهزة الأمنية للعاصمة كييف ضليعة في حادثة مسرح " كوركوس " ، و بأنها من قدمت التمويل ومنه المشفر لعصابة القاعدة الإرهابية ، و كانوا بأنتظار عودتها الى الأراضي الأوكرانية ، لكن الأمن الروسي كان لها بالمرصاد ، فتم القاء القبض على جميع أفراد العصابة و ايداعها خلف القضبان و التحقيق الجنائي جاري معها على قدم و ساق للوصول لمزيد من حقائق العملية الأرهابية التي مست حياة المواطنين الروس و في مقدمتهم الأطفال . و المعروف بأن ميدان العملية / الحرب الروسية – الأوكرانية و مع " الناتو" بالوكالة على أطراف مناطق الدونباس ، و الروس لا يحاربون الأوكران و لا أوكرانيا ، و إنما التطرف الأوكراني و سلطة " كييف " المشابهة .
سيبقى الموقف الأمريكي و البريطاني غير مفهوم بالنسبة لموسكو بسبب مصلحتهما المشتركة في استنزاف روسيا بسبب الحرب الأوكرانية و لديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ، و هما بالنسبة لها في قفص الأتهام في حدث موسكو الإرهابي الى جانب تنظيم القاعدة و التيار البنديري الأوكراني المتطرف . و في الوقت الذي أدان فيه وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكين حادثة موسكو صمت الرئيس جو بايدن لكي يكسب أيضا جولة الأنتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة ، و صمتت بريطانيا ، بينما أدانت فرنسا – ماكرون الحادثة الإرهابية ، و قررت ذات الوقت ارسال قوات فرنسية مباشرة الى " كييف " العاصمة بهدف اسنادها في حربها الخاسرة مع روسيا . و لا صوت غربي في المقابل ينادي بسلام روسي أوكراني ومع الغرب نفسه .
ينتظر الشارع الروسي و العالم العقوبات التي ستفرضها روسيا – بوتين ووعدت بها والتي ستطبق على الجهة المنفذة للعملية الأرهابية ، و الممولة ، و المخططة ، و الموجهة" بالريموت كونترول " عن بعد . و اعتقاد يسود بأن العقوبات الروسية العسكرية ستشمل العاصمة " كييف " التي رغبت روسيا بداية حسم المعركة من خلالها ، و توجهت لها أولا ومن دون سلاح . وحادثة موسكو الارهابية قذرة استهدف المواطنين الروس و الاطفال بينما ميدان المعركة معروف ، و سبق لروسيا أن نظفت سوريا من القاعدة – داعش ، و تواصل تنظيف الاراضي الأوكرانية من التطرف الشديد المماثل ، وهو ما يتطلب منها ، أي من روسيا رفع مستوى الحس الأمني الى درجات عالية على مستوى الأجراءات و التقنيات و العسكرة .
وما نعرفه أيضا هو بأن هدف العملية الروسية الخاصة التحريرية الدفاعية التي انطلقت بتاريخ 24 / شباط / 2022 تطهير أوكرانيا المجاورة من التطرف البنديري ،وعدم السماح لأوكرانيا بالأنخراط مع الغرب في حلف "الناتو" المعادي لها ، ولها في عمق التاريخ المعاصر تجربة مماثلة في أفغانستان . لذلك نلاحظ كيف أن التطرف نفسه يباغت و يهاجم روسيا بين الفينة و الأخرى ، وهو ما يتطلب الحذر الدائم . و ستبقى روسيا ناهضة على كافة المستويات الأقتصادية و السياسية و العسكرية و التكنولوجية و النووية ، و تشكل ميزانا عالميا و رقما صعبا ليس في مجلس الأمن فقط و انما وسط المجتمع الدولي .
روسيا الاتحادية هي الأكبر مساحة في العالم ، أكثر من 18 مليون كيلومتر مربع ، وتحتاج لجهود أمنية كبيرة لحمايتها من الأرهاب ، و يركز الأرهاب عادة على الاستعراض " الشو " وعلى قتل أكبر عدد من المواطنين ، و يكرر سلوكه هذا في مناطق عديدة في العالم ، وفي روسيا سبق و أن غزا الارهاب القفقاس ، و مدرسة " بيسلان " عام 2004 ، و موسكو العاصمة أيضا ، و يكرر أفعاله العدوانية ، و يحقق أجندات غربية معروفة ،ولقد تزامن الحدث الأرهابي الخير في موسكو مع فوز الرئيس فلاديمير بوتين في الأنتخابات الرئاسية الروسية و بنسبة مئوية فاقت التوقع وصلت الى حوالي 88% من أصوات الناخبين الروس ، وبعد نجاحات عسكرية ملاحظة وسط الاراضي الأوكرانية ، و بعد تصدي فولاذي للعسكرة الغربية بالوكالة .
اخر المعلومات تفيد بتقدم روسيا على الجبهة الأوكرانية في مناطق " دونيتسك" ، و لازالت الجيش الأوكراني عاجز عن احراز أي تقدم عسكري ، و هو أمر طبيعي ، و على نظام " كييف " و الغرب أن يعوا بأنهم يواجهون جيشا روسيا جرارا يعتبر واحدا من أقوى جيوش العالم ان لم يكن أقواها خاصة على المستوى التقني العسكري ، و يعمل بإستراتيجية و حكمة ، و لا يستعجل تحقيق انتصارات غير محسوبة نتائجها . و يصعب هزيمة روسيا عسكريا و سياسيا و اقتصاديا ، و هي دولة و قطب ناهض . وهي دولة فوق نووية السلاح ، و تجذف صوب استكمال بناء عالم متعدد الأقطاب ، عادل و متوازن و متعاون . و التنسيق العالمي الأمني مطلوب لمواجهة تحدي الأرهاب . ومدرسة احادية القطب الغامضة ان الاوان لها لكي ترحل .
وفي مدينة " بيلغاراد " الروسية المحاددة لأوكرانيا يطالب المواطنون الروس حماية روسيا لمدينتهم من التطاولات الأوكرانية من طرف " كييف " ، و يتمنون على موسكو كما رشح لي تعويضهم على خسرانهم لممتلكاتهم جراء القصف الأوكراني المتكرر . و سيطرة روسية جديدة على حادثة ارهابية استهدفت مدينة " ستافروبل " في القرم ، و هو الأمر الذي يعكس نباهة الأمن الروسي بعد حادثة موسكو . و اعلان روسي رسمي للتجنيد في الجيش الروسي لحماية الداخل الروسي خاصة بعد مشاركة أكثر من نصف مليون عسكري روسي في العملية / الحرب الروسية – الأوكرانية ومع الغرب بالوكالة .
وفي الختام لاتوجد دولة تستطيع حماية نفسها من عيون الأرهاب الحاقد الا بالإعتماد على نفسها ، و روسيا بالذات محسودة في الغرب ، و ليس كل الغرب يفرق بين الحروب و الأرهاب الذي يستهدف بسطاء الناس هنا و هناك . و المواطن الروسي مطالب في المقابل الأنتباه لكل ما يستهدف بلده لإجتثاث الأرهاب من جذوره .