المملكة الأردنية الهاشمية دولة ذات سيادة ولها مرجعياتها الدستورية، وعبر مائة عام ونيف نجح الأردنيون ؛ قيادة وشعبا ؛ في بناء دولتهم المتماسكة بمؤسساتها وأجهزتها ووحدتها الوطنية التي قل نظيرها في دول العالم قاطبة وسمعتها الدولية يشهد لها القاصي والداني.
من الثوابت الوطنية لهذه المملكة إعتبار القضية الفلسطينية قضيتها المركزيه ؛ فالأردنيون حملوا الهم العربي والأسلامي عبر تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وكانوا الأقرب لفلسطين في الحرب والسلم، وقيادتهم الهاشمية كانت وما تزال وستبقى بإذن الله تعالى في طليعة الأمة كابرا عن كابر، وهم أصحاب الوصاية الشرعية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في الأراضي العربية المحتلة، ومن الطبيعي؛ أن لا يقبل الأردنيون بأية مزايدات على مواقفهم التاريخية تجاه وطنهم وأمتهم من أين كان .
الموقف الأردني واضحا وعادلا وصريحا ؛ ففي الوقت الذي يدعو فيه الملك المجتمع الدولي إلى العمل من أجل إيجاد أفق سياسي لضمان فرص تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، ورفضه لمحاولات التهجير القسري للفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم وترحيل الأزمة إلى دول الجوار، فإنه يقود أضخم حملة إغاثة للأهل في غزة بكافة الوسائل المتاحة والممكنة؛ والتي تنفذ على المستوى الرسمي والشعبي في مشهد يعكس التوافق المجتمعي في الأردن ؛ والذي يظهر جليا قوة ومنعة الجبهة الداخلية الأردنية ووقوف جميع الأردنيين بمخلتف مكوناتهم، مؤسسات المجتمع المدني ،والأحزاب السياسية، والقيادات الشعبية والدينية، خلف القيادة الحكيمة والجيش العربي ؛ وهذا يعتبره الاردنيون مثلثا للعز الأردني ( الملك، الجيش والأجهزة الأمنية، والشعب الأردني).
وعلى الرغم من كل ذلك ؛ تطل علينا بين الفينة والأخرى أصوات يائسة تسعى لتأليب الرأي العام بإستغلال المشاعر والعواطف وتسعى للنيل من وحدتنا الوطنية عبر التحريض على الدولة الأردنية ومحاولة النيل من سيادتها أو توريطها في خيارات إنتحارية عبثية.
الموقف الأردني متزنا وعقلانيا، وهو موقف دولة لها سيادتها وإرتباطاتها وإتفاقياتها الدولية التي تحتم عليها إحترامها من منطلق أخلاقي وقانوني؛ وهذا لم يمنعها من الوقوف مع الأهل في فلسطين وغزة بشكل خاص ، وإتاحة المجال للتحرك الشعبي السلمي ، بالسماح للمسيرات السلمية الراشدة للتعبير عن رفض العدوان ودعم صمود الأهل هناك؛ غير أن ذلك لايعني السماح لإستثمار هذا المناخ السياسي من فئة مغرضة للتحريض على الدولة الأردنية والمزايدة على موقفها كمحاولات يائسة تريد أن تشتت البوصلة والتركيز الأردني.
الأفضل للفئة المزايدة على الدور الأردني، بدلا من الخروج على سيادة القانون ومؤسسات الدولة من خلال إستثمار العاطفة الشعبية ؛أن تطلب توظيف المؤسسات الوطنية ، والحضور الدولي للقيادة الأردنية لتعزيز الدور الرسمي في تخفيف الضغوط على الأهل في الضفة الغربية ودعم صمود غزة ووقف العدوان الغاشم عليها، وأي مطالبات اخرى تتم وفق القنوات الدستورية.
" الأردن ولد من النار .. لم ولن يحترق " عندما قال ذلك شهيد الوطن وصفي التل رحمه الله، كان يعي ما يقول، ونحن الأردنيون على يقين تام بأن وطننا لم ولن يحترق بإذن الله؛ فهناك العناية الربانية بأرض الحشد والرباط، والدعوة النبوية المباركة لبلاد الشام التي يشكل الأردن قلبها النابض، والتي بفضلها رزقنا بقيادة هاشمية حكيمة وجيش مصطفوي باسل تسنده أجهزة أمنية محترفة يلتف حولها شعب موحد متماسك، لتبقى مملكتنا دولة قوية ، فقوة الدولة الأردنية مصلحة وطنية فلسطينية أيضا.