أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: تحولات أردنية تجاه روسيا


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: تحولات أردنية تجاه روسيا

مدار الساعة ـ
برقيتان لجلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله لرئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين ، أحدهما تهنئة
بمناسبة فوزه مؤخرا في الأنتخابات الرئاسية الروسية بين 15 و 17 أذار / 2024 ، و الثانية تعزية لسيادته و لروسيا الصديقة للأردن بحادثة مسرح غرب موسكو الإرهابية المؤسفة بتاريخ 22 / أذار / 2024 ، شكلتا منصة و رافعة ايجابية لتنشيط العلاقات الأردنية – الروسية التاريخية . ورشح حديثا أيضا ظهور جهود أردنية و روسيا لعودة اقلاع طائرة الملكية الأردنية بين عمان و موسكو بعد انقطاع طويل لظرف مؤقت ، وهو الذي تسبب في إعاقة حركة السفر و السياحة و منها الدينية ، و التجارة كذلك ، و في عرقلة سريان البريد السريع و الطرود البريدية و العادي ، و اضطرار المسافرين لأختيار طرق الترانزيت المكلفة و المتعبة و الأطول زمنا ، في وقت تعود فيه الأردنيون و المسافرون سابقا خاصة قبل ظرف كورونا للسفر من عمان الى موسكو أربع ساعات فقط . و حركة طيران بدأنا نسمع بها بين مطار العقبة و موسكو حديثا ، وهو مؤشر حميد و مطلوب .
و المتابع للعلاقات الأردنية – الروسية في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني بين عامي 1999 و 2024 يلحظ بأنها شهدت زيارات ملكية لموسكو بدأت عام 2001 و استمرت متكررة و على مستوى الدولة حتى عام 2008 ، و سجل عام 2019 مكالمة هاتفية لجلالته مع الرئيس بوتين في ظرف كورونا مع حاجة الأردن أنذاك للمضاد " سبوتنيك " . ومن رؤساء روسيا الذين زاروا الأردن بوريس يلتسين عام 1999 للتعزية بوفاة مليكنا الراحل الحسين طيب الله ثراه ، و الرئيس دميتري ميدفيديف عام 2011 ، وزار الرئيس بوتين الأردن مرتان عامي 2007 و 2012 ، و اهتمام من قبل سيادته بمنطقة المغطس حيث تعمد السيد المسيح عليه السلام هناك بإعتراف " الفاتيكان " بالقرب من نهر الأردن الخالد ، و حرص في الزيارتين على زيارة المغطس .
و يذكر بأن جلالة الملك عبد الله الثاني خصص للجانب الروسي قطعة من الأرض لبناء كنيسة روسية ، و هو الذي حصل فعلا ، و يتوجه الأردن لبناء متحف متخصص بالديانة المسيحية ، و بهدف تفعيل السياحة الدينية المسيحية . وحديقة للحسين الراحل في غروزني ، و أخرى للشهيد أحمد قديروف في عمان ، و زيارة للرئيس الشيشاني رمضان أحمد قديروف لعمان رافقته فرقة " الويناخ " الفنية الكبيرة المدهشة . وزار منطقة الصفاوي في المفرق وشجرة " البقيعاوية " المباركة التي استظل في ظلها الرسول محمد صل الله عليه و سلم .
و ينسجم الموقفان السياسيان الأردني بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني و الروسي بقيادة الرئيس بوتين في موضوع القضية الفلسطينية العادلة ، و الدعوة المشتركة لقيام دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشرقية الى جانب إسرائيل وفقا للقانون الدولي و الشرعية الدولية ، و قرارمجلس الأمن و الأمم المتحدة رقم 242 الذي ينادي إسرائيل أيضا بضرورة اخلاء الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 ، و بتجميد المستوطنات و دراسة حق العودة . وحاليا ووسط حرب غزة سجل الأردن بقيادة جلالة الملك موقفا مشرفا الى جانب الأشقاء الفلسطينيين ، و يواصل تقديم المساعدات الإنسانية و الطبية ، و يطالب في المحافل الدولية بوقف اطلاق النار حماية للمواطنين الفلسطينيين المسالمين و للعودة لطاولة المفاوضات الممكن أن تضفي لحل الدولتين العادل . وحضور روسي في الحدود السورية الأردنية بعد عام 2015 ساعد في تخفيض حدة التوتر الناجم عن غزوات الارهاب و تجار المخدارت .
وفي شأن العملية / الحرب الروسية – الأوكرانية ومع " الناتو " بالوكالة التي اندلعت بتاريخ 24 / شباط / 2022 التزم الأردن بقيادة جلالة الملك الحياد ، و دعا للحوار من أجل السلام ، و اشترك عبر وزير الخارجية أيمن الصفدي مع وفد الجامعة العربية برئاسة أحمد أبو الغيط ، ووزاء الخارجية العرب في محاورة وزيري خارجية روسيا سيرجي لافروف و أوكرانيا دميترو كاليبا للوصول لسلام الحلول الوسطية . وعمل ناشط للسفارتين الأردنية في موسكو التي يقودها السفير خالد الشوابكة ، و السفارة الروسية بعمان بسفيرها غليب ديسياتنيكوف ، و تعاون قنصلي متميز . و يقدم المركز الثقافي الروسي بعمان سنويا 180 منحة دراسية للأردنيين في كافة التخصصات . و تبادل تجاري بين بلدنيا الأردن و روسيا وصل الى نصف مليار دولار . و بحث دائم مشترك عن منافذ تجارية تتجاوز معيقات الحرب الأوكرانية الدائرة رحاها حتى الساعة .
في زمننا المعاصر بادر مليكنا العظيم الراحل الحسين لبدء ماراثون العلاقات الأردنية – الروسية بتاريخ 21/ أغسطس / اب عام 1963 وقابل الخطوة الدبلوماسية و السياسية و الاقتصادية القائد السوفيتي نيكيتا خرتشوف وسط احتدام الحرب الباردة و سباق التسلح بين الغرب و الشرق ، فأصبح الاردن ميزانا وسط الشرق ومع الغرب ، وشكل الاتحاد السوفيتي وقتها جناحا شرقيا هاما الى جانب الصين ، وعندما كان العالم ينقسم بين الشرق و الغرب . و أول سفير أردني عمل في موسكو كان الدكتور جميل التوتنجي ، و أول سفير سوفيتي عمل بعمان كان السيد بيتر جلوسارينكا .
ولقد زار مليكنا الراحل الحسين موسكو ، و ليننغراد ، و سوتشي و زرع شجرة الحياة في حديقتها " دينداري " عام 1978 . و موقع المملكة الأردنية الهاشمية جيو استراتيجي هام الان وسط العرب ، و في اطلالتها على القضية الفلسطينية وولوجها في عمقها ، وهي المعنية مباشرة في حلولها النهائية ، و بما يتعلق بالحدود ، و القدس ، و الوصاية الهاشمية ، و اللاجئين . و روسيا الميزان الدولي الاستراتيجي الهام معنية بقربها من الاردن و دوره المحوري في المنطقة ومع الغرب .
يتطلع الاردن اليوم بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ، و روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين لسلام يسدل الستارة على الحربين في غزة و في أوكرانيا . ومعا و الى جانب دول العالم مطالبون في مواصلة مقارعة الأرهاب المعادي للبشرية و للحضارات ، والذي يضرب وسط دول العالم من دون رحمه . و سلام ضعيف خير من حروب مدمرة نعم ، و لا مخرج لدولتينا و لكل العالم الا بالتوجه المشترك للتنمية الشاملة الخادمة للإنسان . وكلما اقتربت الدول من بعضها البعض ، كلما ساد التعاون و علا البنيان .
و يتطلع الاردن لعلاقات متوازنة مع كافة أقطار العالم ، و يصعب في المقابل تصور العالم من دون روسيا . و ان اوان للحرب الباردة أن يتلاشى ضوءها ، و كذلك سباق التسلح ، ولقد سعت روسيا الى ذلك عام 2000 ، و نتمنى أن تنتهي الحروب ليعود العالم الى الاستقرار . و مثلما أن احادية القطب لم تعد النظام الملائم لأدارة العالم ، فإن تعددية الأقطاب توجه تقوده روسيا تجاه التوازن و العدالة و لإعادة هيكلة مجلس الأمن . وهو قادر على النجاح و يشمل شرق و جنوب العالم و يبقي الباب مواربا لانضمام الغرب اليه طوعا و قناعة .
مدار الساعة ـ