مدار الساعة - قال رئيس الوفد البرلماني الأردني العين الدكتور خالد البكار المشارك بأعمال الدورة ١٤٨ للاتحاد البرلماني الدولي والمنعقدة في جنيف، إن المجتمع الدولي بات يتخلى عن مبادئه وأخلاقه حين اختار الصمت على أبشع جريمة عرفها التاريخ الحديث، حيث تقوم دولة الاحتلال بإبادة جماعية بحق أهل قطاع غزة في فلسطين.
وتساءل البكار في كلمته: من هذا المكان الذي يجمع ممثلي ديمقراطيات العالم، كيف نخطط لمجتمع آمن نحظى فيه بسلام يعم على شعوب العالم في ظل عجز دولي عن الزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية؟ وكيف لمبادئ المجتمع الدولي التي تنادي بحقوق الإنسان وحفظ أمن الشعوب وسيادتها أن تستقيم في ظل العجر عن إيقاف الجرائم الإسرائيلية بحق النساء والأطفال في قطاع غزة المحاصر، وكيف سنواجه العالم ونحن نصمت على استخدام الجوع كسلاح لإبادة أهل غزة؟.
كما تساءل البكار أيضا: هل موت أطفال غزة جوعا وموت الجرحى دون علاج وقصف المدنيين والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس يحقق أمنا وسلاما للمنطقة وهل نحن شركاء في تلك الإبادة بصمتنا عن تلك الجرائم، إلى متى هذا الصمت المخزي.
يذكر أن الوفد البرلماني الأردني يضم كل كم العين الدكتور خالد البكار والعين طلال الماضي والعين محاسن الجاغوب، وقد نجح الوفد بتوحيد جهود برلمانات جنوب أفريقيا والجزائر وإندونيسيا وماليزيا لتبني مقترح بند طارىء في البرلمان الدولي المنعقد بجنيف حيث تم الاتفاق على عنوان (رفع مستوى الوعي حول اجراءات محكمة العدل الدولية واتخاذ اجراء فوري لادخال المساعدات إلى قطاع غزة).
وتاليا نص كلمة البكار كاملة.. مرفق فيديو للكلمة كاملة مع صور
معالي رئيس الاتحاد البرلماني الدولي الأكرم
السيد الأمين العام
السيدات والسادة رؤساء وممثلي وأعضاء الوفود المشاركة
أحييكم باسمي وزملائي أعضاء الوفد الأردني، معبرين عن تقديرنا الكبير لرئاسة الاتحاد والأمانة العامة على الجهود الكبيرة من أجل إنجاح أعمال دورتنا لهذا العام.
وبعد،،
دون مقدمات، أقول والقلب يعتصر ألماً، بأن العالم بات يتخلى عن مبادئه وأخلاقه حين اختار الصمت على أبشع جريمة عرفها التاريخ الحديث، حيث تقوم إسرائيل بإبادة جماعية بحق أهل قطاع غزة في فلسطين.
وقد برهنت الإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي، إخفاق المجتمع الدولي في اختبار الضمير والإنسانية، وتجلى المعنى الحقيقي للازدواجية والانتقائية في تطبيق القانون الدولي، فسقطت مع العدوان الإسرائيلي كل شعارات ومبادئ الإنسانية، وباتت جرائم المحتل وصمة عار في جبين العالم الذي ينحاز متى ما أراد للدين والأعراق، متخلياً عن قيمه ومبادئه لصالح محتلٍ أقل ما يوصف بأنه يمارس بحرائمه إرهاب الدولة على وجهه الحقيقي.
السيدات والسادة الكرام
اتساءلُ من هذا المكان الذي يجمع ممثلي ديمقراطيات العالم، كيف نخطط لمجتمع آمن نحظى فيه بسلام يعم على شعوب العالم في ظل عجز دولي عن الزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية؟
وكيف لمبادئ المجتمع الدولي التي تنادي بحقوق الإنسان وحفظ أمن الشعوب وسيادتها أن تستقيم في ظل العجر عن إيقاف الجرائم الإسرائيلية بحق النساء والأطفال في قطاع غزة المحاصر، وكيف سنواجه العالم ونحن نصمت على استخدام الجوع كسلاح لإبادة أهل غزة.
هل موت أطفال غزة جوعا وموت الجرحى دون علاج وقصف المدنيين والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس يحقق أمنا وسلاما للمنطقة.
اليوم علينا أن نعترف بصراحة أن هناك دولا فوق القانون الدولي، وقد وقف العالم عاجزا عن إلزام إسرائيل بتطبيق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.
وعلينا الإجابة اليوم عن تساؤلات تجرح الصدر: هل نحن شركاء في تلك الإبادة بصمتنا عن تلك الجرائم، إلى متى هذا الصمت المخزي.
السيدات والسادة الكرام
لقد حذر جلالة الملك عبد الله الثاني مرارا وتكرارا وفي كافة المحافل، أن العنف لن يولد إلا عنفا وأن الاحتلال الإسرائيلي لن يقابله أبناء فلسطين إلا بمزيد من المقاومة والشعور بالظلم، هذا إضافة لما يقوم به المستوطنون من تعدٍ على حريات وحقوق الفلسطينيين بدعم من قوات الاحتلال الأمر الذي يزيد من وطاة المعاناة، بل إن التقارير الدولية تؤكد أن هناك جرائم إبادة جماعية ترتكبها قوات الاحتلال في غزة وتستدعي التدخل الفوري من كافة القوى العالمية لوضع حد لها ومحاسبة مرتكبيها، وهذا يتطلب منا جميعا في هذه الجمعية حث الحكومات على اتخاذ قرارات رادعة للحفاظ على مصداقيتنا أمام أنفسنا أولاً وأمام برلمانات الشعوب التي نمثلها ثانياً.
السيدات والسادة الكرام
مع بداية العدوان على غزة كان جلالة الملك عبد الله الثاني يوضح كيف أن الدين الإسلامي جاء برسالة السلام، فالعهده العمرية، التي صدرت على عتبات بوابات القدس قبل ما يقرب 15 قرنا من الزمن وقبل أكثر من ألف عام من صدور اتفاقيات جنيف، أمرت الجنود المسلمين بألا يقتلوا طفلا، ولا امرأة، ولا كبيرا في السن، وألا يقطعوا شجرة، وألا يؤذوا راهبا، وألا يدمروا كنيسة.
وقد أراد الملك بهذا المثل أن يقول للعالم بأسره أن هذه هي قواعد الاشتباك التي يجب على المسلمين تطبيقها والالتزام بها، كما يتحتم الالتزام بها على كل من يؤمن بإنسانيتنا المشتركة، فحياة كل المدنيين ثمينة.
وعليه، أقول إن منطقة الشرق الأوسط لن تنعم بالأمن والاستقرار دون حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، يلبي مطالب الفلسطينيين العادلة بإقامة دولتهم المستقلة وأن يعيشوا كغيرهم من شعوب العالم بأمن واستقرار، وهنا لا بد من تدعيم مساعي الحل السياسي على أساس حل الدولتين كسبيل وحيد لإنهاء الصراع، فالحلول العسكرية والأمنية لن تنجح بل ستخلف مزيداً من العنف والدمار.
وأحذر بأن الاستمرار في إنكار الحق الفلسطيني واستمرار العدوان على المدنيين في غزة، من شأنه نقل الصراع وتوسعه إلى كارثة يطول أمدها إلى المنطقة بأكملها ويصعب بعد ذلك تدارك الأمر، وعلينا في البرلمانات واجب تحمل مسؤولياتنا واتخاذ كل التدابير التي تفضي إلى وقف العدوان على غزة ومحاسبة قادة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمهم التي فاقت أبشع صور الوحشية بل تجاوزت ما شهدناه من إجرام منظم في الحروب العالمية التي شهدها القرن المنصرم.
السيدات والسادة الكرام
قبل الختام أود القول أنني كأردني أشعر بالاعتزاز وأنا أرى طائرات سلاح الجو الملكي تقوم بإنزال المساعدات على قطاع غزة في وقت أطبق العالم صمتاً وبات عاجزاً عن وقف إسرائيل عما ترتكبه من جرائم ستقود المنطقة ولربما العالم إلى كارثة لا تحمد عقباها، كما لا يفوتني أن أتقدم بالتحية لكل دول وبرلمانات وشعوب العالم التي ناصرت قضية فلسطين العادلة، وعلى رأسها دولة جنوب إفريقيا التي انتصرت لقيم الراحل العظيم نيلسون مانديلا حين وقفت إلى جانب أصحاب الحق والقضية وخوضها معركة قانونية أمام محكمة العدل الدولية بوجه جرائم الإبادة الإسرائيلية، ونحي كذلك كندا على قرارها قبل أيام بوقف تصدير السلاح لإسرائيل.
نعم هذه هي الحرية وهذه هي قيم الحق التي ستنتصر بوجه الشر والطغيان، وأختم بقول خالدٍ للراحل نيسلون مانديلا: الحرية لا تُعطى على جرعات، فالمرءُ إما ان يكون حراً أو لا يكون.
الحرية لشعب فلسطين وأرضها المقدسة
شكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته