أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

أبو عمارة يكتب: عشم أم واجب؟!


الدكتور محمد أبو عمارة

أبو عمارة يكتب: عشم أم واجب؟!

مدار الساعة ـ
تقول القصة إن أحدهم كان يعطي متسولاً يقف على باب شركته في كل أسبوع عشرة دنانير، وبعد فترة من الزمن أصبح يعطيه ثمانية دنانير، وبعد فترة زمنية أخرى ستة دنانير، وفي يوم من الأيام استوقفه المتسول قائلاً: سيدي.. لقد كنت تعطيني عشرة دنانير أسبوعياً ثم أنقصتها لثمان وبعد ذلك لست، فما السبب!!
فقال الرجل: كلامك صحيح ولكن دخل ابني الأول للجامعة، فاختل ميزاني فأنقصت مبلغك إلى ثمان دنانير، وفي العام الذي تلاه دخلت ابنتي سارة للدراسة أيضاً في الجامعة، فاضطررت أن أقلل المبلغ، فما كان من صاحبنا أن قال : شوو هو إنت ناوي تدرس ولادك على حسابي!..
ربما ضحكنا على القصة المختلفة الآن ... ولكن لو نظرنا للموضوع من جوانبه المختلفة، فلو كنت أنت مكان الرجل المتصدق فهل ستستمر بإعطاء هذا المتسول نقوداً أم ستعتبره وقحاً ومتطاولاً ولا حق له بما يأخد لأنك أنت صاحب المال ، و لو كنت مكان المتسول، فما الذي دفعك لقول ذلك هل هو الطمع أو الاعتياد أو ربما العشم !! أو الشعور بأن من واجب هذا المتصدق أن يعطيك هذه المبالغ فتشعر بأنها حقك أنت ، و هنا يستدعيني الموضوع لأناقش مفهومي الأمل الزائد ( العشم) و (التطوع ) الذي يصبح واجباً أو فرضاً..
فالبعض يقوم بعمل معين من باب التطوع لأشخاص محيطين به ، و لكن مع تكراره لهذا العمل يصبح لدى الآخرين واجباً ثابتاً، فإذا انقطع عن القيام به أو توقف لفترة تجدهم يسخطون عليه و يعتبرونه مقصراً ، و يعتبرون أنه لم يقم بواجبه مع العلم بأنه بالأصل عمل تطوعي ، و لكن هنا معادلة متناقضة بين كثرة العشم و الواجب!
فأحد الطرفين يكثر العشم بالآخر لذلك يصبح من معتقداته بأن ما يقدمه هو شكل من أشكال الواجب والحقوق، بينما يعتقد الطرف الآخر أن الطرف الثاني يجب أن يكون ممتناً لما يقدم من شيء إضافي وتطوعي وليس إجباريا وأمام عدم الامتنان يشعر بأنه مغبون لوهلة ما..
وهنا أتذكر قصة مثل (زي اللي بيشتغل عند خاله) فالخال يعتقد بأن أبن أخته سيسامحه بأجرته، وابن الأخت يعتقد بأن خاله سيجزل عليه العطاء..
وفي هذا الموضوع لطالما كثر النقاش واحتدم واختلفت الآراء، ولكن لو كنت أنا صاحب القرار وأمام عشم صاحب العشم سأستمر بالعطاء، طالباً الأجر والتقدير من الله فقط وليس من البشر.
مدار الساعة ـ