" كان الاشتباك دموياً بين الجانبين؛ خسائر في الأرواح البشرية، تدمير للمعدات، ولا شك في أنَّ الفدائيين لفتوا النظر بروعتهم في القتال، وقد قاتلوا في معركة الكرامة إلى جانب القوات الأردنية ببسالة وفعالية".
بهذه الكلمات وصف الملك الراحل الحسين بن طلال في كتابه مهنتي كملك أحداث معركة الكرامة التي تصادف الحادي والعشرين التي استطاع فيها الجيش العربي تحقيق أول انتصار عربي على اسرائيل.
يتجدد الفخر والاعتزاز والشموخ في كل عام لدى الأردنيين أجمع بمناسبة هذا اليوم الوطني الذي يحوي تاريخ وطني وإنجاز عالمي سُجل بأنامل أردنية وبخطوط الجيش العربي.
استطاع جيشنا الباسل "سياج هذا الوطن" بتحقيق أول انتصار عربي على من كان يدعي أنه الجيش الذي لا يقهر ولا يُهزم، والذي هاجم المرتفعات الشرقية من المملكة ومن ثم كان يطمح بالتوجه إلى العاصمة عمان للضغط على القيادة الأردنية بالاستسلام إلى شروطهم التي لا اساس لها من الصحة.
56 عاما على معركة استمرت لغاية 15 ساعة متواصلة مثلت أول هزيمة فادحة لـ "جيش لا يقهر" كما يتحدث عن نفسه، بدأت المعركة في الخامسة والنصف من صبيحة يوم الخميس الحادي والعشرين من آذار عام 1968، إذ قام العدو بالتسلل إلى الأراضي الأردنية من ثلاثة جسور رئيسية.
بعد 15 ساعة متواصلة من القتال العنيف بين الجيش المصطفوي والعدو الصهيوني انتهت المعركة بخسائر للعدو بلغت 250 قتيلًا و450 جريحًا وعشرات الدبابات والآليات و7 طائرات مقاتلة، بينما بلغ عدد شهدائنا الأجاود 86 جنديًا أردنيًا و108 جرحى وعشرات الآليات.
طالب العدو الصهيوني بعد خمس ساعات من بدء المعركة وقف إطلاق النار جراء ما تكبده من خسائر كبيرة، إلا أن الملك الراحل الحسين بن طلال رفض حتى ينسحب جميع الجنود الإسرائيليين من شرق النهر.
بتماسك أردني فلسطيني وبوحدة عربية جمعت الضفتين الشرقية والغربية، استطاع الجيش العربي الوقوف وتحطيهم غرور العدو الصهيوني بإعتقاده انه قادر على الوصول إلى أي منطقة في العالم والسيطرة عليها.
في هذا اليوم المشرق تظهر روح الوحدة والتضامن بين الأردنيين بشكل لا يضاهى، إذ يتجمعون تحت راية الوطن لإحياء هذه المناسبة التي تحتل أعظم معاني الفخر والاعتزاز في قلوب الأردنيين أجمع متحدين الصعاب والتحديات ومدافعين عن تراب أرضهم.
يُعتبر يوم الكرامة الأردني يوم عزيز على قلوب الشعب الأردني بتجدد به قيم العهد والولاء للوطن، وترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز التلاحم بين أبناء الوطن، والتأكيد الجيش العربي حقق مالم يحققه اقوى جيوش العالم.
جسدت معركة الكرامة أقوى معاني البطولة التي تحلت بها القيادة الهاشمية منذ اليوم الأول، والتي كان النصر حليف جيشنا بفضل الحنكة والحكمة الهاشمية بقيادة سياج هذا الوطن بطريقة صحيحة مليئة بالشجاعة والقوة والإنتصار.
استطاعت هذه المعركة رفع المعنويات لدى الإنسان العربي الذي يعاني من وجود سموم صهيونية في قلب الوطن العربي، إذ حطم الجيش اسطورة التفوق العسكري الذي كان يدعيها على مدى سنوات عديدة.
ولا يمكن ان ننسى قول الراحل الملك الحسين " هزيمة الصلف والغرور على يد الأسود، إذ رغم أنه في يدهم القليل من السلاح إلّا أنّ في قلوبهم العميق من الايمان بالله والوطن".
عاش الاردن بلدًا عزيزًا شامخًا حرًا عربيًا في قلوب الاوفياء وحفظ الله وطننا من كل حاقدًا على الأردن ومن كل مكروه.