أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات رياضة أحزاب وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الزيود يكتب: لا وصاية لهم على الأردنيين


د. عبدالباسط محمد الزيود

الزيود يكتب: لا وصاية لهم على الأردنيين

مدار الساعة ـ
تمرّ المنطقة بمنعطف خطير نتيجة العدوان الهمجي على غزّة ، و الذي سيترك أثره على المنطقة و شكلها المستقبلي تفكيكاً و تركيباً ؛ بكل ما يعني ذلك من تغيّر في خريطة التحالفات و عناوينها الجديدة ضمن منطق الخاسر و الرابح ، و مآلات الحرب التي ستجد من يجني ثمارها بعد أن تضع الحرب أوزارها ، و العرب هم الطرف الأضعف في هذه المعادلة ، التي ستتركهم على الهامش إلا من دعوة لتمويل الخطط المرسومة مسبقاً و إضفاء الشرعية على مخرجاتها من خرائط جديدة و أنظمة بديلة .
و بلدنا يقع في العمق الإقليمي لهذه المنطقه التي ما عرفت استقراراً منذ زمن بعيد ؛ و بخاصة بعد احتلال العدو لأرض فلسطين و ممارسته لدور " البلطجي" في المنطقة و حرمانه أبناء الشعب الفلسطيني حقوقهم في إقامة دولتهم المستقلة و عاصمتها القدس الشريف ، و ممارسته لكل أنواع البطش و التنكيل بهم .
في ظل هذا الوضع المعقّد و الكارثي ، نجد أن بلدنا ليس بمنأى عن التأثر الكبير سواء بالحرب الدائرة على أرض غزّة أو ما ستؤول إليه الأمور بعد انتهائها ، و التي نرجو من الله أن يكتب لأهلها الثبات و نيل الحريّة ، أقول في ظل هذا الوضع يغدو من المفروض علينا كأردنيين أن نحافظ على هذا الوطن و نحمي منجزاته و نحترم تضحيات أبنائه من الشهداء و الآباء المؤسسين الذين بنوه من تعب و ذهب ، و قدّموا أرواحهم و أنفسهم رخيصة ثمناً لازدهاره و استمراره رغم كيد الكائدين و عيون الحاسدين ، و هم كُثْر بالمناسبة ، و هم خليط من أعداء خارجيين نعرفهم جيداً و لا يضمرون لنا و لبلدنا خيراً ، و منهم آخرون نصّبوا أنفسهم حرّاساً للدين نيابة عن الله مرة أو دعاة للوطنية باحتكارهم الدور الوطني المغشوش مرة أخرى ؛ لا حباً في هذا البلد و أنما طمعاً بمكاسب سياسية آنية في سوق المزادات و البازارات التي تنتعش في هكذا مناسبات !.
و قد يسأل القارئ ، و هو حق طبيعي له ، ما مناسبة هذه المقدمات ؟، و أقول قد قرأت بياناً دعا فيه موقعوه إلى خليط من قضايا سياسية و اقتصادية و محاربة فساد و غيرها ، و قد استرعى انتباهي أمران ؛ الأول يدعو فيه موقعوه إلى تغيير خارطة تحالفات البلد و انخراطه في محور إقليمي ، طالما عاث فساداً في دول محيطة و أخرى قريبة ، مزقّها و قسّمها على مستوى الهويات الفرعية و نمّاها بما يتفق و مصالحه في المنطقة سواء على المستوى التكتيكي أو الاستراتيجي ؛ طمعاً في السيطرة عليها بعيداً عن مصالح شعوبها و تطلعاتهم ؛ بمعنى أنهم يطلبون من الأردن أن يرهن قراره و مصيره لصالح قوى إقليمية لا لمصالحه الوطنيّة و كأننا مجاميع ميليشيات و لسنا دولة تحتكم في بناء تحالفاتها و علاقاتها بما يخدم الدولة و استقرارها و ازدهارها .
و قد تضمن البيان دعوة مبطّنة إلى تكوين ميليشيات مسلحة تحت بند المقاومة الشعبية ، و هو أمر ظاهره الخوف على الدولة و مستقبلها و باطنه جرّ البلاد إلى منطق آخر غير منطق الدولة و هو منطق المليشيات المسلحة التي تأتمر بأمر جهات خارجيّة ، لا هدف لها سوى زعزعة استقرار البلاد ، لا قدّر الله ، و هو مخطط قديم في زي جديد ، يطلّ برأسه كلّما حدث اضطراب في المنطقة و بخاصة على الجهة الغربيّة من النهر ، كل ذلك باسم القضيّة الفلسطينية و الدين و المقاومة !.
و الثاني ، مرتبط بالأول و هو متمثل بهتافات خرجت عن حدود المقبول و العقل ، تريد أن ترهن قرار الدولة لحساب فصائلي على حساب الدولة و هوّيّتها ، وتطعن في موقفها وتشكك في انتمائها للقضية المركزية بالنسبة للأردن و هي القضّة الفلسطينية و يصور " الهتيفة " الدولة بأنها مانعتهم من النضال في إطار من هتافات التخوّين و العمالة ؛ فهم يخونون كل أطياف البلد إلا أولئك الذين يشتركون معهم في التخطيط بليل فيه الويل ، إي و الله ، فقد سمعت تسجيلات لهتافات تجاوزت و تعدت أجواء الحريّة المتاحة للتظاهر و المسيرات ضمن حدود احترام القانون !.
أعتقد أن الهدف الأثير لهؤلاء ، دعوني أسمّيهم سماسرة إلا من فئة قليلة غُرّر بها ، لهم مرجعياتهم الخارحيّة و حساباتهم البعيدة عن مصلحة الدولة ، أقول إن هؤلاء يهدفون إلى فرض وصايتهم على عقول الأردنيين و الوعي العام في البلد ، بكل ما يحمل هذا الهدف من تداعيات تقسيم الشعب و زرع بذور الفتنة لتأجيج الجو العام و تنفيذ مخططاتهم المشبوهة و ضرب عنصري قوته العظيمين ؛ و هما الالتفاف حول قيادته الهاشميّة ذات الشرعيّة الدينية و التاريخية من جهة و التشبث بدواعي قوته و منعته المتمثلة بأجهزته الأمنيّة و العسكريّة ، رغم قناعتي بمناعة شعبنا ضد كل هذه المخططات إذا ما تمسّكنا بإيماننا القوي بهذه البلاد التي لا بلاد لنا غيرها !.
مدار الساعة ـ