مدار الساعة - ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن وثائق خاصة بمجلس الوزراء الأسترالي تعود إلى فترة حرب العراق عام 2003، تُظهر أن حكومة جون هوارد، كانت تعتبر في ذلك الوقت مصالحها متوافقة بدرجة كبيرة مع مصالح الولايات المتحدة، وأن القدرة على الوصول إلى نفط الشرق الأوسط، يمثل مصلحة وطنية رئيسية لأستراليا.
وأوضحت الصحيفة البريطانية في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن وثائق سرية تم نشرها الآن أظهرت أن حكومة هوارد كانت تخشى من أن يؤدي خفض مستوى الانتشار العسكري وقتها في العراق، إلى تبديد المنافع التي تعود على التحالف الأمريكي الأسترالي، وذلك خلال نقاشات في مجلس الوزراء الأسترالي حول خطط لخفض عدد القوات الأسترالية التي شاركت في الغزو عام 2003.
كما تظهر الوثائق أن حكومة هوارد قدمت مبرراً علنياً من أجل الانضمام إلى ما سمي في وقتها "تحالف الراغبين" بقيادة الولايات المتحدة، يتمثل في نزع أسلحة الدمار الشامل من العراق، برغم أنه لم يتم العثور على هذه الأسلحة، في حين أن معارضي الغزو كانوا يقولون إن هناك عوامل أخرى مثل تأمين إمدادات النفط من العراق، لا بد من أن يكون لها دور في تلك الحرب.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن تقرير وزاري قدمه وزير الدفاع وقتها روبرت هيل في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2003، قال فيه إن "أستراليا لديها مجموعة من المصالح الوطنية الدائمة في الشرق الأوسط، وهي مصالح اقتصادية وتجارية كبيرة، وبالتالي لابد من الحفاظ على أمن المنطقة، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، واستمرار وصول العالم المتطور إلى احتياطيات النفط في الشرق الأوسط، ودعم دور الولايات المتحدة في المنطقة، والحفاظ على قدرة قوات الدفاع الأسترالية".
ولفتت الصحيفة إلى أن مجلس الوزراء الأسترالي تبلغ قبل غزو آذار/ مارس 2003، بأن الأهداف الأمريكية في العراق "متوافقة إلى حد كبير" ولكنها ليست متطابقة مع المصالح الأسترالية.
وتابعت الصحيفة أنه برغم أن الإطاحة بنظام صدام حسين لم تكن هدفاً صريحاً للسياسة الأسترالية، إلا أن إحدى الوثائق التي تم توزيعها على الوزراء وقتها تشير إلى أن حكومة هوارد "أدركت أن هذا قد يكون نتيجة مرغوبة، بل وحتى حتمية، للعمل العسكري".
وأضاف التقرير أن الوزراء والمسؤولين الأستراليين أظهروا حساسية عالية تجاه الكيفية التي ستنظر بها إدارة الرئيس جورج بوش إلى تصرفاتهم، حيث قال وزير الدفاع هيل إنه "سيكون لأستراليا مصلحة في الحفاظ على المكاسب التي جلبها انخراطنا في العمليات ضد العراق، للتحالف الأسترالي الأمريكي".
وتنقل إحدى الوثائق عن الوزير هيل قوله لمجلس الوزراء إن "الدعم القوي من أستراليا للولايات المتحدة خلال أزمة العراق، عزز تحالفنا الأمريكي، وعزز بشكل متواضع موقف الولايات المتحدة من خلال زيادة مستوى الدعم الدولي لموقف الولايات المتحدة".
وبحسب الوثائق، فإن الوزير هيل اعتبر أن مشاركة أستراليا في "مجموعة مسح العراق" التي كانت آنذاك تبحث عن أسلحة الدمار الشامل، كانت "مفيدة من حيث موقف أستراليا في نظر حلفائها" ويجب أن يتم تمديدها.
ولفت التقرير إلى أنه عندما أوصى الوزير هيل بعد سبعة شهور من الغزو، بالاستعداد لخفض العدد الإجمالي لعناصر القوات الأسترالية في الشرق الأوسط من 880 إلى 600، فأنه واجه معارضة قوية من عدة إدارات في الحكومة الأسترالية، بما في ذلك دائرة رئاسة الوزراء التي قالت إن "التخفيض الكبير في التزام أستراليا تجاه العراق والذي تم الإعلان عنه قبل نهاية العام 2003 قد يتسبب في ردة فعل أمريكية حاسمة تلحق ضرراً بمصالح تحالفنا الأوسع" حيث اعتبرت الدائرة أيضاً أن الأهداف الرئيسية بما في ذلك "البحث عن أسلحة الدمار الشامل"، لم تتحقق حتى الآن.
أما وزارة الشؤون الخارجية والتجارة فقد حذرت مجلس الوزراء من أن أي تخفيض في مستوى مساهمة أستراليا في العراق خلال هذه "المرحلة الحرجة"، قد يؤدي إلى "إرسال إشارة خاطئة" إلى الحلفاء.
وبحسب الصحيفة، فإنه من بين الوثائق الجديدة، رسالة من وزير الخارجية وقتها ألكسندر داونر، موجهة إلى جون هوارد في 27 شباط/ فبراير 2003، يقول فيها إن التركيز الحالي هو "بالطبع على حل سلمي في العراق"، إلا أنه يجب على الحكومة الأسترالية أن تأخذ بالاعتبار "مسائل ما بعد الصراع في حالة أن العمل العسكري كان أمراً لا مفر منه".
وتتابع الوثيقة بالقول إن الوزير داونر قال لهوارد "لقد أوضحت للرئيس بوش أن أستراليا لن تكون في وضع يسمح لها بالمساهمة في قوات حفظ السلام أو الاستقرار في مرحلة ما بعد الصراع، إلا أنه يوجد هناك مصالح تجارية أسترالية مهمة في العراق ونرغب في تعزيزها".
وأبلغ الوزير داونر رئيس الوزراء الأسترالي أن الولايات المتحدة تصورت لنفسها "دوراً مهيمناً في القطاعات كافة في عراق ما بعد الصراع لمدة تصل إلى 18 شهراً، في حين نقلت الأمم المتحدة إلى دور فرعي، من خلال وكالاتها الإنسانية".
وتشير وثيقة إلى أن وزير الخارجية داونر قال إنه "يشك في أن موقف الولايات المتحدة سيكون مستداماً وسيعتمد الكثير في نهاية الأمر على ما إذا كان أي عمل عسكري بقيادة الولايات المتحدة سيتم تنفيذه تحت غطاء الأمم المتحدة".
وتظهر الوثائق أنه قبل أسبوعين من بدء غزو العراق، فإن لجنة الأمن القومي التابعة لمجلس الوزراء الأسترالي تبلغت بأن الولايات المتحدة "من المرجح أن تسير بخططها لقيادة تحالف لفرض إجراءات ضد العراق" حتى لو لم يصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً جديداً يجيز بشكل محدد القيام بعمل عسكري ضد العراق.
ولفت التقرير إلى أن مجلس الوزراء الأسترالي كان بكامل هيئته ووقع رسمياً على انخراط أستراليا في 18 آذار/ مارس 2003 بناء على "تقارير شفهية من رئيس الوزراء"، وليس على أساس مخططات تفصيلية، مضيفاً أنه جرى نشر القوات الأسترالية مسبقاً.