مع اقتراب موعد الاستحقاق الدستوري باجراء الانتخابات النيابية التي يبدو أن هناك إصرارا على عقدها بصرف النظر عن الظروف الإقليمية، دخل المحللون وصالونات عمان في حقل التكهنات حول شخصية رئيس الحكومة القادم!.
هذه التكهنات تبالغ كثيرا في شخصنة استحقاقي الانتخابات والتغيير الحكومي إن حدث، لكنها لا تدخل إلى عمان التحديات، لكن ما بات معروفا بحكم التجربة أن رؤساء الوزراء لا يتشابهون في القدرات والاهتمامات وهم متباينون في القدرة على اتخاذ القرار في مواجهة تحديات لن تتغير سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي.
التحديات الداخلية لم تتغير ويستطيع أي كان تصنيفها لكن ما تغير هو ترتيبها وطريقة التعامل معها بين حكومة واخرى.
التحديات الخارجية لم تتغير كذلك فهي تتصاعد مرة وتهبط درجة حرارتها مرة اخرى، لكن التعامل معها يسير وفق مبادئ ثابتة لا تتبدل.
لم يكن أي من رؤوساء الوزارات الذين تعاقبوا على كرسي الحكم طارئا على العمل العام لكن منذ سيرة التداول الأثيرة في تاريخ الأردن الحديث المتمثل في مدرستين تميزتا بتداول السلطة لفترات طويلة «زيد ومضر»، لم نشهد تنافسا ولا مدارس مماثلة مع أن التجربة لم تكن أيدلوجية بل إدارية.
هذا ليس بيت القصيد، ففي العادة ينغمس الأردنيون في شبكة التخمينات الشخصية بعيدا عن البحث عن مدارس سياسية للحكم أو ذات نهج سياسي واقتصادي واجتماعي له هوية.
سبق وإن قلنا أن رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونة ليس طارئاً على السياسة والاقتصاد والإدارة فقد أمضى وقتا كافيا في العمل العام ومارس مسؤوليات متعددة، وقد اختير رئيساً للحكومة لتحمل مسؤوليات المرحلة وحاز وحكومته على ثقة مجلس النواب.
اداء الرئيس وحكومته يخضع للتقييم وفق النتائج وهي كما نراها اليوم تسير بشكل مرضي وجيد بالنظر إلى تصاعد وتيرة التحديات، وهي في ذروتها محليا واقليميا ودوليا، وإن كانت المؤشرات الاقتصادية هي الأهم فهي تعطينا نتائج إيجابية كان آخرها التصنيف الائتماني، وقبلها نتائج سير العمل في خطة التحديث الاقتصادي وقبلها الانتهاء من التحديث السياسي وصولا إلى الاستحقاق الدستوري باجراء الانتخابات.
بعض الآراء تتخذ من الظروف الداخلية والخارجية حجة للمطالبة بحكومة جديدة. لكن آراء اخرى رأت أن الاستقرار الحكومي هو الطريق لاستكمال الحكومة برامجها ولطالما كانت هناك قواعد سياسية منقوصة ومطلوبة، في ذات الوقت وهي أن عمر حكومة مرتبط بعمر البرلمان تبقى معه وتذهب معه وهي مدة كافية لقياس مدى الإنجاز والحكم عليه.
الحكومات في الأردن تقوى وتضعف تبعا للظروف، وليس ثمة ظروف مناسبة للحكم على اداء الحكومة ليس لأن التحديات التي تواجهها كبيرة في ظل امكانات ضعيفة فقط بل لأن المزاج العام يؤثر في هذا الحكم ولو كانت الاوضاع الاقتصادية جيدة لجاءت النتائج بالرضى والثقة بالحكومة ورئيسها.
هناك خطة تحديث ومثلها الاصلاح الاداري لم تأخذ وقتها بالتنفيذ بعد ونتائجها هي المقياس على اداء الحكومة.
من حق حكومة بشر الخصاونة أن تحكم حتى اللحظات الأخيرة على تغييرها دون تشويش وهو بظني ليس الوقت المناسب لنشوء مثل هذا الجدل وأن تتحمل المسؤولية تحت رقابة البرلمان والرأي العام.
لكن جهات متعددة تتصدى للقيام بوظائف الحكومة، والنهوض بواجباتها، والتخطيط لأعمالها، وتجهيز قراراتها، ثم تقديمها لها لتعمل بموجبها وما على الحكومة سوى الانصياع.
مثل هذه التكهنات ترصد المزاج العام في لحظته، وهو مزاج متقلب فهي مثل النقد الأدبي ليس إنتاجأً بل تقييمأً ينتهي بتقييم الثقة بالحكومة.
دعوا الحكومة تحكم ودعوا الاستحقاق الدستوري يسير نحو أهدافه بهدوء.