صادمة ومُفجعة وإن كانت غير مُستغربة, برقية «الشكر», التي أرسلها رئيس القائمة العربية المُوحدة/ نائب رئيس «الحركة الإسلامية» في الداخل الفلسطيني (الجناح الجنوبي), النائب في كنيست العدو الصهيوني/منصور عباس, إلى رئيس الإئتلاف الفاشي مُجرم الحرب/ نتنياهو, على «القرار المسؤول» الذي اتّخذه أمس (5 آذار الجاري), وسمحَ نتنياهو بموجبه بـ«حرية العبادة» للمسلمين خلال شهر رمضان المبارك. (على ما جاء في نص البرقية باللغة «العبرية» حرفياً).
وإذ دأب منصور عباس ونواب كتلته (منذ انشقاقه عن القائمة المشتركة), ما أسهم في تراجع تمثيلها داخل الكنيست بعدما وصلت ذروتها (بما هي ائتلاف «رباعي» مكون من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، القائمة العربية للتغيير، حزب التجمع والقائمة الموحدة/ منصور عبّاس) بحصولها على «15» مقعداً من أصل «120», كادت ان تُصبح «زعيمة المعارضة» (أي الكتلة التي تلي القائمة التي حازت على العدد الأكبر من المقاعد, والتي يُكلف رئيسها تشكيل الحكومة الجديدة).
نقول: إذ داب منصور عبّاس ونواب كتلته على اتخاذ مواقف مُمالئة للخطاب الصهيوني الإستعماري الإحلالي, حدّاً وصل به إلى دعم حكومة اليمين المُتطرف الذي ترأسه نفتالي بينيت زعيم مجلس الإستيطان في الضفة الغربية/ يَشَعْ, بعد إئتلافه مع حزب يوجد مستقبل/ يش عتيد/يائير لبيد, مُوفراً منصور عباس لهما أغلبية، حالت دون نتنياهو وتشكيل إئتلاف أكثر تطرّفاً (علماً أن نتنياهو رفضَ الإتكاء على المظلة التي «عرضَ» منصور عباس, توفيرها له. وإلاّ لكان التحق بنتنياهو الذي هو اكثر تطرّفاً من بينيت (ربما يتساويان في التطرف كثنائي إستعما?ي لعملة صهيونية رديئة الوجهين) حدّاً، وصل به/ منصور عبّاس «الموافقة» على قانون القومية/يهودية الدولة, الذي صادق عليه كنيست العدو كـَ(قانون أساس) في تموز عام/2018.
مُعتبراً/عبّاس أن إسرائيل دولة اليهود كانت وستبقى (حرفيّاً قال): فضلاً عن إعلانه الخصومة بل العِداء لكل منافسيه في الداخل الفلسطيني, من أحزاب وكتل برلمانية ونقابات عمّالية، مُفضّلاً مُغازلة اليمين الصهيوني الذي أشاد به, بعد أن وصفَ المقاومة الفلسطينية بالإرهابية, ومُتنصّلاً من زيارة قام بها لـ «المخربين» في السجون الصهيونية، بعد حملة شنّها عليه عتاة الصهاينة والمستوطنين.
وإذ كان منصور عبّاس وصفَ قرار نتنياهو بـ«المسؤول» ما استدعى تقديم الشكر له، فإن «حقيقة» القرار الذي أصدره نتنياهو تقول: إن ذلك القرار لم يأتِ بجديد, كونه ما كان يسمح الإحتلال للمؤمنين بأداء الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، كانت تتسم بالقمع والمنع والملاحقة وتدنيس المسجد، وتحديد الأعمار المسموح بدخولها, ناهيك عن تحديد الأعداد وتواصل إقتحامات المستوطنين الإستفزازية للحرم القدسي وأداء طقوسهم التلمودية, المترافقة مع دعوات لهدم الصخرة المشرفة/ المسجد الأقصى, لإقامة هيكلهم الثالث المزعوم. وهو ما فجّر انتف?ضات ومواجهات مُتواصلة كانت أشهرها عام/2021. ناهيك عن منع مواطني الضفة الغربية المحتلّة, من دخول القدس والصلاة في المسجد الأقصى, سواء في شهر رمضان أم غير رمضان، ما بالك في ظل حرب الإبادة والتجويع التي يشنها جيش النازية الصهيونية على قطاع غزّة المنكوب.
بالطبع تجاهل منصور عبّاس ان قوات الشرطة الإسرائيلية شرعَت «مباشرة» بعد «القرار المسؤول» الذي اتخذه نتنياهو, باستدعاء مواطني القدس خاصّة الشباب منهم, وإبلاغ مَن يتم استدعاؤهم بأنهم «ممنوعون» من دخول المسجد الأقصى طوال شهر رمضان. ما أفرغ «القرار المسؤول» من مضمونه كإستجابة (وليس بالضد للكاهاني وزير الأمن القومي/بن غفير. زد على ذلك ان ما مرت به وتمر دولة العدو الصهيوني, من تطرّف وانحياز مُتسارع نحو اليمين وتحريض على الفلسطينيين, فضلاً عمّا تعكسه الإستطلاعات االتي تنشرها صحيفة «معاريف» كل يوم جمعة, تؤشّر من بي? أمور أخرى, أن كتل اليمين وتحالفاته, وبخاصّة الإئتلاف الفاشي الذي يقوده نتنياهو, لن يحصل على أقل بكثير من «44 ـ 46» مقعداً (يتوفر الآن على 64 مقعداً)، فيما كتل المعارضة ستحصل على 66 مقعداً أو أكثر (باستثناء مقاعد قوائم فلسطينيي الداخل, التي ستحصل على 9-10 مقاعد منها «5» للجبهة والعربية للتغيير, و«4-5» لقائمة منصور عبّاس).
هذا يعني أن واحدة من كُتل الصهاينة وإئتلافاتها لن تطلب من منصور عبّاس «مظلّة» لتوفير أغلبية لها، فلماذا كل هذا التهافت والخروج السافر على النهج الوطني الفلسطيني, الذي يواجهه عموم الشعب الفلسطيني في الداخل/48, كما في الضفة الغربية والقطاع الفلسطيني المنكوب وفي الشتات أيضاً؟. علماً أن برقية الشكر التي وجّهها منصور عبّاس لنتنياهو, تضمّنت «دعوة» من عبّاس لـ«الجمهور العربي» في إسرائيل, الى «ممارسة حقه في الصلاة والفريضة»، مع الحفاظ ـ أضافَ عباس ـ على «القانون والنظام العام».
أي قانون واي نظام عام؟.
الإسلامويّ/منصور عباس «مُمثل» الحركة الإسلامية/ الجناح الجنوبي في الداخل الفلسطيني... مَدعوّ للتوضيح والتفسير.