أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: ميدفيديف لا يستثني 'كييف' من الحرب


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: ميدفيديف لا يستثني 'كييف' من الحرب

مدار الساعة ـ
بمرور عامين على اندلاع العملية الروسية الخاصة الإستباقية الدفاعية منذ الرابع والعشرين من شهر شباط لعام 2022 ، صرح دميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي بتاريخ 22 / شباط / 2024 (بأن بلاده لا تستبعد اجتياح " كييف " العاصمة الأوكرانية لتحقيق أهداف العملية الروسية، وبأن الروس والأوكران شعب واحد، وعلى الحكومة الأوكرانية أن تسقط.
والمتابع عن قرب للعملية / الحرب ، وهي التي فرضت على روسيا ولم تذهب اليها طوعا، وتعتبرها مجرد عملية عسكرية و ليست حربا، لكنها قد تتطور الى حرب نووية مع الغرب بالخطأ خاصة بعد شروع الغرب تسليم "كييف " طائرات اف 16 وصواريخ بعيدة المدى). انتهى الاقتباس .
ورواية الحرب الأوكرانية تضليلا بدأت عندما رصدت موسكو لوجستيا الحراك البنديري وسط الثورات البرتقالية الأوكرانية عام 2007 في عهد الرئيس ليونيد كوجما ، وبعد انقلاب " كييف " عام 2014 الدموي المفتعل من قبل اللوجستيا الأمريكية والغربية الذي أطاح بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يونوكوفيج، وبهدف اجتثاث الحضور الروسي من الوسط الأوكراني ، فجاءت الحرب مبرمجة من طرف أمريكا والغرب عبر "كييف"، ولم تأت من طرف موسكو كما يشاع اعلاميا وسياسيا في " كييف " وعواصم الغرب.
وارتكزت روسيا بحراكها تجاه الاراضي الأوكرانية السابقة على الأحقية التاريخية أولا ، وعلى اعتبار أن "كييف " هي " كييفسكايا روس ، أي " كييف " الروسية ، وبأن كل أوكرانيا هي أراضي روسية اقتطعها فلاديمير لينين لأغراض زراعية ، وحركها تجاه المياه الدافئة نيكيتا خرتشوف بعد ضمه القرم لأوكرانيا عام 1954 .
واعتمدت روسيا في تحريك عمليتها العسكرية على مادتين قانونيتين أيضا ، الأولى اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 التي تمنع التحالف مع أحلاف معادية مثل " الناتو " ، والثانية مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تخول الدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ، ولقد تم اطلاع رئيس الأمم المتحدة غوتريش عليها . و بالمناسبة عندما تحركت روسيا للتصدي للحراك العسكري الأوكراني والغربي عام 2022 اتجهت صوب حدود العاصمة " كييف " بداية ومن دون سلاح ، وتم تغيير الاستراتيجية العسكرية في اللحظات الأخيرة و العودة لتحرير الدونباس – لوغانسك ودونيتسك الى جانب زاباروجا و خيرسون ، و حاليا أفدييفكا لتحصين الجبهة الروسية العسكرية التي تتحرك بالتدريج وفق أفق عسكري محكم و مدروس .
و أمريكا قائدة الناتو و احادية القطب ، و الدولة العظمى ، التي تدعي قيادتها للقانون الدولي ، و على أنها محقة في تصرفاتها و سلوكها وسط خارطة العالم ، و بأنها بريئة ، و كل من يعترض سياستها مذنب و يجب معاقبته اقتصاديا و عسكريا ، هي من نشرت في أوكرانيا أكثر من 30 مركزا بيولوجيا ضارا غطت مساحات واسعة في الاراضي السوفيتية السابقة بهدف توسيع رقعة فايروس " كورونا " هناك ، و هي من ساندت تفجير خط الغاز " نورد ستريم 2 " ، و التطاول على جسر القرم و أكثر من مرة ، و اغتيال صحفيين روس و في مقدمتهم داريا غودينا ، و صحفيين أجانب أيضا ، والتحرش بمدن و قرى روسية حدودية مثل بيلغاراد ، وكان أخرها قصف طائرة ركاب عسكرية روسية بصورايخ الباتريوت الأمريكية تحمل على متنها 65 أسيرا أوكرانيا ، وقصف المدن الروسية مثل( بيلغاراد و فارونيج ) بالمسيرات الأوكرانية – غربية الصنع ، و التي استهدفت المواطنين الروس ، وحتى العاصمة موسكو .وهاهو الرئيس بايدن يستقبل ويحتضن زوجة و ابنة المعارض الروسي اليكسي نافالني الذي توفي حديثا في سجنه ، وهو بالنسبة لأمريكا تماما كما زيلينسكي مادة سياسية و اعلامية مناهضة لروسيا .
لقد بلغ ما صرفته خزائن الغرب الأمريكي المالية على الحرب الأوكرانية أكثر من مئتي مليار دولار ، و الهدف الكبير ليس الدفاع عن سيادة أوكرانيا التي عرضتها روسيا عبر الحوار و اتفاقية " مينسك " و عبر جلسات تركيا ، وانما استهداف روسيا بالوكالة ، و محاصرتها بالعقوبات المتكررة ، والحاق الأذى بها عسكريا ، و هو مجرد أحلام و سراب . و يخطط الغرب الأمريكي لتقسيم روسيا بعد وصول امبراطوريتها لذروة القوة فوق النووية ، و لتبوئها المركز الأول في الاقتصاد على مستوى أسيا ، وليست الصين التي تزعج أمريكا بسبب قوتها الاقتصادية رقم 1 على مستوى العالم ، بل روسيا التي تتربع على عرش قوة السلاح النووي عالميا .
وهاهي روسيا تتقدم في ميدان المعركة ، ليس مع غرب أوكرانيا فقط ، و انما مع الغرب الأمريكي أيضا ، وتقود عالما متعدد الاقطاب قادرا للتصدي أيضا لاحادية القطب المتغولة على أركان العالم ، ولا علاقة بتوزيع المال الغربي على الجبهتين الأوكرانية وفي إسرائيل في حربها في غزة ، فلروسيا جاهزية ليس التصدي لنظام " كييف " فقط ، و انما لكل الناتو مجتمعا ، و قادرة على التفوق عليه ، وما تملكه من سلاح تقليدي و نووي حديث مرعب حقا . لكنه لا تستخدمه إلا إذا اعتدي عليها وعلى حلفائها . ومن يعتقد بأنه من الممكن العودة بطاولة المعركة الروسية – الأوكرانية ومع الناتو بالوكالة الرملية الى طاولة المفاوضات و بسهولة فهو مخطيء ، ولا مخرج للجناح الغربي الأوكراني و للغرب الا بقبول سلام الأمر الواقع قبل أن يفوت الاوان و تسقط " كييف " العاصمة لا محالة .
لقد قالت مناطق شرق و جنوب أوكرانيا كلمتها ، و أعني " القرم ، و لوغانسك ، و دونيتسك " الدونباس " و زاباروجا و خيرسون كلمتها ، و صوتت عبر صناديق الاقتراع لصالح الانضمام لروسيا طوعا ، ولم نظام " كييف " صالحا للإستخدام ، و عليه أن يرحل طوعا قبل أن تجول الدبابات الروسية في داخل عاصمته ، و هو غير مستبعد . و النتيجة صفر التي حصلت عليها " كييف " و عواصم الغرب الأصل أن يكون لها مردودها عليهم ، ليعرفوا مجتمعين بأن الرسالة الروسية وصلت ، و بأن لا وقت للمزاح مع موسكو بعد الان . وعندما أعادت روسيا بناء القرم و ماريوبل عنت ما هدفت اليه ، و التحرش بروسيا عبر التفكير بالتصرف بوديعتها من قبل الغرب و البالغة 300 مليار دولار ضرب من الجنون ، و سوف يعاقب عليه اقتصاديا و بصرامة ، و لقد حذر الرئيس بوتين الغرب من هكذا خطوة مالية غير محسوبة نتائجها ، و غير مسؤولة .
لم يعد جو بايدن المسن و القابع في نهاية ولايته السياسية في البيت الأبيض يطيق سماع اسم الرئيس فلاديمير بوتين ، رغم جلسات " جنيف " الدافئة السابقة ، ومع قدوم كل فترة زمنية ينعته بألفاظ نابية ، و يرد عليه بوتين بلباقة كبيرة و مهذبة ، و يصفة بالرئيس الخبير و الحكيم سياسيا ، و يساند ترشحه لدورة رئاسية ثانية في 5 نوفمبر 2024 الجاري .و في الختام هنا لا شيء يعلو في زمننا على السلام العالمي ، وهو هام للتنمية الشاملة الخادمة للبشرية جمعاء ، و لا مكان حقيقي لحرب ثالثة مدمرة للحضارات أكيد .
مدار الساعة ـ