ذهبت الى الطبيب وأجريت فحوصاً مخبرية ، فإذ به يقدم لي نصيحة مفادها أن أصوم ، ففي الصيام صحة ، وفيه نتعلم أن لا نتمسك بلذة او بغذاء ، فلذة الطعام تقود للذة الجسد ، فمن يضعف قليلاً يضعف كثيراً ، نعم ان الله قد وضع هذا الطبيب لانه يريدني قوياً بالصوم لاكبح حاجاتي ، فالله هو الغذاء والزاد الابدي الذي لا ينفذ ، ففي الصوم عن الطعام انت تتذكر اخوك الانسان الجائع الذي لا يملك هذه النعمة فتشعر بالهبات والمراحم فبالصوم تصبح كريماً وتغير من أسلوبك في التفكير، وبالنظر الى طيور السماء فهي لا تزرع ولا تحصد والله يقوتها ، وفي الصيام انت تطلب البر .
قد يكون صوت الطبيب هذا جاء لي من أجل أن يشد انتباهي أكثر لأرى فرصةً جديدةً وأملاً جديداً في التغير ، فبالصوم عن النميمة ، وعن نية الأشخاص المتروكين المهملين ، وعن نية العائلات المتروكة ، وعن الفكر الأسود الذي يسود حياتنا ، لتخرج الخير فيك . وبالصوم عن الكذب تعيش الصدق . والصوم عن الخوف تعيش شجاعة ؛ وصوم عن اليأس هو رجاء ؛ وصوم عن السطحيه هو العمق ، وصوم عن كسل هو الحماس وصوم عن حزن هو الفرح .
فهذا الصوم الذي اراده لي الطبيب وهو بين يداي الان وكأنه وصفة سحريه لعلاج ليس بدواء بل بعوده الى ما هو نقي وابيض كبياض الثلج .ليلمس القلب والعقل املاً ان تكون الدعوة بالعودة الى الجميل فينا هي من إرادة الله.