مدار الساعة - عاش اليمنيون حياة كريمة في أجمل بقاع الأرض في جنوب الجزيرة العربية، التي اشتهرت وعرفت بجمالها وحدائقها الغنّاء، وكانوا يتمتعون بالتقدم مثل غيرهم من الأمم، التي استطاعت أن تبلغ أعلى وأرفع مراتب الرقي والتطور، إلى أن جفت ينابيعها وتحولت حدائقها الفسيحة إلى أراضٍ قاحلة، تسببت في هجرة سكانها من مساكنهم عقب أن حل هذا الجفاف الذي حل بهم.
ولمنطقة مأرب تاريخ قوي وهائل، حيث مثّلت مأرب العاصمة السياسية لمملكة سبأ القديمة، والتي نشأت قبل الألف الأول قبل الميلاد، وقد شهدت مأرب عددا من مراحل الازدهار بالدولة اليمنية القديمة.
وذلك بعد أن تم تشييدها في فترة الألف الثاني قبل الميلاد، وقد ذاع صيت العاصمة مأرب نظرًا لما حققته خلال تاريخها القديم ، من تقدم وتطور في مجالات عدة مثل الزراعة والهندسة المعمارية ، حيث برعوا في تشييد السدود والحواجز المائية وغيرها من الأبنية المهمة خلال فترة ازدهار نشاطهم المعماري .
ومن بين أهم السدود التي تم بناؤها سد مأرب، واشتهر باسم سد العرم ؛ وهو سد قديم تقع أطلاله في وقتنا هذا بالقرب من مدينة مأرب القديمة ، حيث يعود تاريخ بنائه إلى فترة القرن الثامن قبل الميلاد ، وهو أقدم السدود التي تم تشييدها على مستوى العالم ، وليس المنطقة العربية فحسب .
هذا السد الذي تجلت به أروع صور المعمار ، ومثّل انهياره سببًا في قحط المياه بالمنطقة وهجرة سكانها ، من اليمن إلى الدول العربية بالجزيرة وبلاد الشام .
تاريخ بنائه:
يعود تاريخ بناء سد مأرب إلى الفترة بين عامي 1750 و 1700 قبل الميلاد ، وكان أول من شيده هو المعماري يثعمر بن سمعهلي ، بينما تم إعادة إصلاح هذا السد في الفترة من 780 إلى 750 قبل الميلاد ، على يد يدع إل بيين.
موقعه:
تميز سد مأرب بموقع استراتيجي للغاية ، فوقع بين ثلاثة جبال حيث يصب سيل الماء القادم نحوه باتجاه واحد فقط ، وكان الأوائل يضعون قبل بناء السد ، عددًا من الصخور الصلبة ، وبعض الرصاص ليحتجزوا المياه خلفها ، فصارت الصخور كالبوابات إذا ما أراد السكان الحصول على قدر محدد من المياه للاسترزاع فتحوها على قدر احتياجهم ، ثم يقومون بسدها مرة أخرى .
انهيار السد :
حكم أرض سبأ ملك يدعى عمرو بن عامر، وفي الفترة التي تولى فيها هذا الملك الحكم ، نعمت سبأ ورفلت في النعيم والرخاء ، وفي أحد الأيام رأت ابنة الوزير حلمًا مقبضًا ، حيث شاهدت الفئران تنهش في خيرات المدينة ، فانطلق الوزير يسأل الكهنة والعرافين ، وعلم منهم أن هناك خطر على المدينة من هجوم محتمل للفئران.
وهنا اقترح العرافون أن يتم تشجيع السكان على تربية القطط ، أو يعطي الوزير أو الملك الهدايا والعطايا لمن يبادر بقتل أكبر عدد ممكن من الفئران، إلى أن اختفت من المدينة تمامًا .
ثم رأت زوجة الملك رؤيا لبرق ورعد ، سقطا على كل شيء في المدينة ودمراه ، وأتت الفئران من جديد لتخرب في البلاد. فانزعج الملك من تلك الرؤيا المشؤمة لزوجته ، وذهب إلى سد مأرب ووجد الفئران تنهشه بالفعل ، حتى أنها قد استطاعت أن تأكل الصخور وتحركها من مكانها ، رغم ثقلها الذي يتطلب عدة رجال لتحريكها ، فأيقن تمامًا بأن الخراب آت لا محالة .