أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

مدير الـ'CIA' يكتبُ عن.. 'فنّ التجسّس وفنّ الحُكم'؟ (2ــ 3)


محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo

مدير الـ'CIA' يكتبُ عن.. 'فنّ التجسّس وفنّ الحُكم'؟ (2ــ 3)

محمد خروب
محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
استكمالاً لمقالة أمس/الثلاثاء, حول ما كتبه وليام بيرنز/مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية «CIA» في العدد الأخير من مجلة «Foreign Affairs», وموقفه مما يحدث في قطاع غزة ورؤيته لكيفية «تحقيق الأمن في المنطقة ولـ"إسرائيل", عندما حصرها بـ"الخطر الإيراني» تحديداً, يجدر التنويه إلى ما كان أورده/ بيرنز في مذكراته الموسومة «القناة الخلفِية». إذ إعتبر أن عسكرة السياسة الخارجية «فخّ» يؤدي إلى الإفراط في استخدام القوة، مُضيفاً.. (إذا كانت أداتك الرئيسية «المطرقة", فعندها ستبدو كل مُشكلة كأنها «مسمار"). الأمر الذي برز فيه بيرنز (حينذاك بالطبع) من الرافضين لغزو العراق العام 2003، خاصة عندما كتبَ إلى رؤسائه أن «الدخول إلى العراق سيكون أسهل بكثير من الخروج منه»، مُعتبراً أن إدارة «بريمر» في العراق «كانت مزيجاً غريباً من الغطرسة الأميركية والتفكير بالتمني».
ماذا جاء في مقالته عن سياسة أميركا تجاه روسيا والصين؟.
يرى بيرنز أن الرئيس الروسي/بوتين «مُطلق اليد", مُعتبراً «بلا شكّ» أن حقبة ما بعد الحرب الباردة «طُويت تماماً ساعة غزت روسيا أوكرانيا في 24 شباط 2022. لافتاً أنه أمضى شطراً كبيراً من العقدين الماضيين في محاولة فهم المَركب القابل للانفجار، وواصفاً «المركب القابل للإنفجار» بأنه مُؤلف من عناصر «الظلم والطموح وانعدام الأمن التي يجسّدها الرئيس الروسي، بوتين». مُقرِّراً أنه تُعلم أمراً واحداً, هو أنه كان من الخطأ الاستهانة، على الدوام، بإلحاح هاجس السيطرة على أوكرانيا وخياراتها، على بوتين». زاعما أنه «من غير هذه السيطرة، يعتقد بوتين أنه من المستحيل على روسيا أن تصير قوة عظمى، أو أن يكون هو زعيماً روسياً عظيماً» (لاحظوا هنا أن بيرنز يُكرر أو ينقل حرفيّاً العبارة التي نحتها أحد أبرز كارهي روسيا وأكثرهم حماسة لعسكرة العلاقات الدولية, ونقصد الأميركي البولندي الأصل زبيغنيو بريجنسكي). وهذا الهوس المأساوي والوحشي ـ يتابع بيرنز ـ سبقَ أن جلب العار على روسيا وكشف نقاط ضعفها، من اقتصادها الأحادي والإفراط في تقدير براعتها العسكرية إلى نظامها السياسي الفاسد(!!). كذلك، يُواصل الكاتب أثار غزو بوتين مستوى مذهلاً من الإصرار والعزيمة لدى الشعب الأوكراني. وقد رأيت شجاعتهم بشكل مباشر في زيارات متكررة إلى أوكرانيا في أثناء الحرب.
وعلى وجوه كثيرة ـ يستطردِ بيرنز، أثبتت حرب بوتين أنها كانت مثابة فشل لروسيا. وقد تبيّن أن هدفه الأساسي، وهو الاستيلاء على كييف وإخضاع أوكرانيا، كان هدفاً غبياً وخيالياً. وقد تعرض جيشه لأضرار جسيمة، فقُتل أو جُرح ما لا يقل عن (315) ألف جندي روسي، ودُمّر حوالى (ثلثيّ) ترسانة الدبابات الروسية قبل الحرب(!!)، وشهِد برنامج التحديث العسكري الذي تباهى به بوتين، والذي دام عقوداً من الزمن، إخفاقات كبيرة. وكل هذا كان ثمرة مُباشرة لـ«شجاعة الجنود الأوكرانيين ومهارتهم، ومن ورائهم المساعدات الغربية». ويعاني الاقتصاد الروسي انتكاسات على المدى البعيد، والبلاد على طريق التحوّل إلى دولة تابعة اقتصادياً للصين. وأدّت طموحات بوتين المُفرطة إلى نتائج عكسية، ومن طريق أخرى، فـ"أسهمت في (توسيع) حلف شمال الأطلسي وتعزيز قوته. ختم بيرنز قراءته الرغائبية وغير الواقعية للمشهد الروسي, بعد إعتباره العملية العسكرية الروسية الخاصة, مثابة رصاصة رحمة على مرحلة ما بعد إنتهاء الحرب الباردة. أو أنه يستبِطن الإعلان أن «حرباً باردة جديدة قد بدأت. وربما تتدحرج إلى حرب ساخنة».
ماذا عن العلاقات الأميركية/الصينية؟.
لعبة نفوذ شي جينبينغ ــ هكذا بدأ/بيرنز حديثه عن التحدّي/الخطر الصيني للنفوذ الأميركي، لافتاً إلى أن لا أحد يُراقب الدعم الأميركي لأوكرانيا على قدر مراقبة القادة الصينيين. والحق أن الصين تبقى «المنافس الوحيد للولايات المتحدة", الذي ينوي صوغ النظام الدولي من جديد، ويملك القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية لفعل ذلك. وكان التحوّل الاقتصادي الذي شهدته البلاد على مدى العقود الخمسة الماضية فريداً. ويستحق الشعب الصيني عليه ثناءً كبيراً. وهو إنجاز ـ يتابع بيرنز ـ ساندته دول العالم الأخرى، على نطاق واسع، اعتقاداً منها بأن ازدهار الصين منفعةً عالمية. والقضية ـ يستطرِد ـ لا تتعلق بصعود الصين في حد ذاته، بل بالتهديدات المُتعاظمة التي تصاحبه. وبدأ الزعيم الصيني، شي جينبينغ، مدة ولايته الرئاسية الثالثة متمتعاً بسلطة أعظم من سلطة أي من أسلافه، منذ عهد ماو تسي تونغ. وبدلاً من استخدام هذه القوة ـ يُضيف الكاتب ـ في تعزيز النظام الدولي وتنشيطه، وهو مكّن تحول الصين، يسعى «شي» إلى صوغه من جديد. وفي مهنة الاستخبارات ـ يردِف بيرنز ـ، ندرس أقوال القادة بعناية، لكننا نولي اهتماماً أكبر، بأفعالهم. ومن المستحيل أن نتجاهل القمع المتزايد الذي يمارسه «شي» في الداخل، وعدوانيته في الخارج، بدءاً من شراكته «غير المحدودة» مع بوتين وانتهاءً بتهديده السلام والاستقرار في مضيق تايوان.
في السطر الأخير لم يتوقف بيرنز عن لفت الأنظار إلى نظرة الزعيم الصيني/شي للولايات المتحدة بأنها قوة آفلة، على طريق الانحطاط.
ماذا عن مهمات وخطط «توسّع.. عمل ومهام الـ«CIA»؟.
غداً.. الحلقة الأخيرة.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ