انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

ظواهر جديدة في الشارع الرقمي بلطجة رقميّة ومعركة وعي


سيمياء الشطرات

ظواهر جديدة في الشارع الرقمي بلطجة رقميّة ومعركة وعي

مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/02 الساعة 13:06
لم تعد الحياة قبل الكورونا كما هي بعدها، والأصح أن أقول بأن التغيير الذي كان سوف يحدث خلال سنوات طويلة حدث كتأثير الدومينوز في عامين، أصبحت وتيرة الدخول لمنصات التواصل الاجتماعي تتزايد يوما بعد يوم من مختلف الفئات العمرية والثقافية على تعدد الأماكن والدرجات العلمية، بمعنى أنها أصبحت عصب وشريان الحياة في كل المجالات فلا تنفك تجد بائع على عربة لديه صفحة يسوق نفسه وعمله من خلالها مرورا بشركات MNCEs كبرى تقوم بذات الشيء بمعنى أن هذه المنصات قد أعطت أدوات عادلة نوعا ما للجميع للدخول والتواجد في نفس المكان والفضاء الرقمي والوصول للكثير من الفئات، ونترك عملية الجذب مسؤولية المحتوى وصانعه بالكامل بأن يعجب من يراه.
ينظر الكثيرون لمنصات التواصل الاجتماعي على أنها قد "خرّبت بيوتنا وحياتنا" ويقوم البعض على تبني نظرية "تعطيل الحساب أو الغياب الرقمي بالكامل" أعلم أن ما نراه اليوم هو ضرب من الجنون ببعض الأحيان ولكن لي وجهة نظر تختلف بعض الشيء أنا أتفق تماما مع عبارة إذا كان الموج قوياً ليس من البطولة أن تقاوم اسبح مع التيار واستخدم قوته لصالحك، كثيرون هم من يلعنون منصات التواصل لأنها جعلت من أبنائهم مشاريع صنّاع محتوى وكأن الأمر مسيء هم لا يعلمون بأن عليهم اليوم في الثورات الرقمية وحروب الجيل الخامس أن يقوموا بتقويم الميول ذلك ولكن بنفس الأدوات فأدوات عصرهم لم ولن تكون في عصر أبنائهم وأنهم لن يدوموا لهم وبيوم ما ستصبح تلك الرغبة المكبوتة وحشا سيخرج عندما يستطيع يوما وسيأتي ذلك اليوم مؤكدا، كان حريّ بنا أن نشاركهم ذلك الاهتمام مع ذكاء عاطفي كافٍ لتصويبه حين الخطأ فلا مناص ولا هروب من العالم الرقمّي هذا.
ربما ستتحول طاقة تلك الرغبة بأن يصبح الأبناء طهاة أو كوميديين أو غيرها إلى طاقة تُمارس في العالم الرقمي الخاطئ أو الويب الأسود وهذا مؤكدا ما لا نريده اليوم.
دعوني اتطرق الآن إلى مصطلحات غريبة وظواهر تستحق التركيز وأعطي كل حالة مسمى من وجهة نظري، سوف أقوم بتسميّة منصات التواصل الاجتماعي بالشارع الرقمي واليوم ترانا نبصر في هذا الشارع سلوكيات منها "الردح الرقمي" "التسول الرقمي" التنمر الرقمي" "طوشة رقمية" "معارك رقمية" "ابتزاز رقمي" الخ.... فترانا اليوم وفي كل فترة من تواجد زخم رياضي أو سياسيّ نرى الالاف من البشر "المواطنين الرقميين" يتفاعلون مع الحدث بمختلف الأساليب العنيفة الهادئة الدبلوماسيّة وغيرها، فمثلا مباراة بين فريقين ترى ردحا رياضيا واضحا وسخرية كبيرة وتراشقا للكلام المسيء فهل يا ترى هذه ظاهرة غريبة؟ برأيي ليست بغريبة قطعا بل هي ظاهرة موجودة في الملعب من سنوات طويلة وما كان على أرض الملعب أصبح اليوم موجودا في الشارع الرقمي.
هل برأيكم لم يكن هنالك في حياتنا أيام الصحف والمجلات عنفا تنمرا تسولا أو تراشقا للاتهام؟ ببساطة نعم كان موجودا ولكن اليوم أصبح يُعرَض بأدوات جديدة ومتخلفة ونوعيّة سرعة وصولها تتعدى مئات المرات تلك التي كنا نستخدمها.
المعنى ليس ما يحدث اليوم بجديد بل هو كان بالأصل سلوكيات وأموراً تحدث ولكن لم تتواجد أدوات لإيصالها بنفس الزخم الحاصل اليوم، إن محاولة الهروب من هذه الأدوات والتهجم عليها لن يقوم البتة بإيقاف صناع المحتوى الهابط والسيء ولن يكبح جماح أولئك المستعرضين المحاولين الوصول للشهرة بغض النظر عما يقدموه.
المخطئ الحقيقي فيما يحصل اليوم من ترك الشارع الرقمي لبعض الفئات التي تنشر المحتوى المنافي أو على الأقل غير المرغوب والمضطرب هم أولئك الصامتون القادرون على نشر أي شيء إيجابي سواء أكان فنجان قهوة الصباح أم مقالا أم طريقة طهي طبق طعام، ذلك الفراغ الذي نتركه سوف يقوم أحدهم مؤكدا بإشغاله بما يراه يرضيه.
الشارع الرقمي اليوم مليء وزاخر وتستطيع ربما إن كنت مختصا في مجال ورأيت دخلاء عليه أن تقوم بتكثيف المحتوى الهادف أو تحاول تثقيف تلك الفئة على الأقل نابعا من "وعي رقميّ" تجاه مجتمعك بدل التمحور حول الذات والتفكير بالنفس والكسب الشخصي فقط وهنا قد تخفف من وطأة أولئك الجهلاء لكنك مؤكدا من الصعب أن تخفيهم تمام أو على الأقل ستجعل لدى مستهلكي المحتوى ذوقا عاليا مع الوقت بالتوعية والتهذيب المستمرين وعندها ستبدأ شعبية أولئك بالتناقص.
شهدنا جميعاً ملاسنات ومناكفات رقميّة أدت الأمر للوصول لأبواب السجن والمحاكم شارع رقميّ محتقن بشدّة مليء بالاتهام والتبرير وكأنك تدخل حارة للبلطجة فيختبئ ذلك الشخص خلف حساب الكتروني يمارس بجرأة الابتزاز والتعدّي على الآخرين ويعاكسهم بما يغذي غروره وعقده النفسيّة تماما كما تراه في بعض الشوارع وهذا أمر علينا أن نعلم بأنه في ظل الثورات المتتابعة من الصعب اهدار طاقتنا عليه لأنه ظاهرة لن تموت ولكن ربما يمكننا كبح جماحها بقانون واضح أو شخوص واعيين قادرين على توجيه الرأي وتثقيفه بدلا من الدخول في ساحات يجر إليها بعض الفارغين الهواة معتبرين أنفسهم "أسوداً خلف الشاشات".
استغرب بشدّة من فئة تخاف الخروج للشارع وتخشى المواجهة حتى بكلمة حق أو منشور أو مقال قائلين "بتتعب نفسيتي" أو يبدئون اللوم بعد مشاهدة التعليقات من البعض وكأنهم وصاة على التعليقات التي سوف تُكتب وهذا مفهوم خاطئ جدا، أهم ما يجب أن نقوم به برأيي اليوم تهذيب المحتوى درء الإشاعة وتوقع الأسوأ في التعليقات فالحسابات الوهمية بازدياد وما تستطيع التحكم به ليس عليك إهدار الطاقة عليه بتاتا فهذا المفهوم يجب أن يتبدد لا سيّما لدى الكثير من الشخصيات الذين يتبوؤون مواقع المسؤولية.
وفي النهاية ليس عليك الهروب بل المواجهة ولا يتحتم عليك تفصيل ردود الفعل والنشر بناءً عليها بل عليك في هذا الفضاء الكبير والشارع المليء التوقع والاستمرار ومليء ذلك الفراغ الرقمي، وطنك بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لمواطن رقمي واعِ وعلى المؤسسات الرسميّة تبني مراكز توعية رقمية بدءا من القرى وحتى أكبر المحافظات بدءا من الفئات العمريّة الكبيرة والصغيرة تماما كما تنتشر المؤسسات الحصية والمراكز الطبيّة.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/02 الساعة 13:06