بالفعل قالها شاب غزّي "محدش بيعملها إلا الأردنية"، لم تكن مانشيت يعلو مقالاً لجذب إنتباه قارئٍ ما، أو ملئ الفراغ لمقالة عابرة، وليست جملة مصطنعه لمحتوى مقطعٍ مصوّر يجلب المشاهدات، بل كانت لحظة شعور بلذة أن ترى إخوة لكَ يسعون بكل الطرق والسبل لمساندتك وتلبية نداء الأخ لأخيه.
كانت لحظة إدراك أن الأردن شقيقهم بالدم والأرض والمصير قام بفضح المجتمع الدولي المتخاذل في ممارسة شرعيته لإدخال المساعدات المكدّسة على المعابر إلى ما يقارب من مليونين ونصف المليون غزي يمارس عليهم الإحتلال الإسرائيلي فنونه في الإبادة الجماعية والتجويع على مدار خمس شهور، تحت مرأى العالم أجمع وتصفيق الغرب مدّعِ الإنسانية.
نعم فعلها الأردن بقيادة فارسه العربي الهاشمي أبا الحسين حفظه الله، مليكنا الشجاع الذي لم يدّخر جهداً منذ بداية الحرب إلا وقد بذله لإيقاف هذه الإبادة بحق أهلنا في غزة، لقاءات مع قادة العالم وزيارات على مدار الخمسة أشهر الماضية لإيقاف المحتل الاسرائيلي عند حده. والآن تتوج هذه الجهود ببادرة غير مسبوقة لإيصال المساعدات الى أراضي القطاع جواً وعلى امتداد أراضي غزة من الجنوب وحتى الشمال المنكوب، في وقت تخاذل فيه الجميع عن إيصال هذه المساعدات الى القطاع، وتجبّر فيها المحتل الاسرائيلي متجاهلاً قرارات الأمم المتحدة بالإدخال الطارئ والعاجل للمواد الغذائية والإغاثية، قال الأردن كلمته وسارع بإدخال المساعدات عبر إنزالات جوية.
ما قدمه الأردن بحق الأشقاء في غزة ليس كافٍ نعلم ذلك جيداً وجلالة الملك بنفسه قالها بالأمس في معان، ولكننا نبذل قصار جهدنا ولا ندّخر جهداً في سبيل مساندتهم والوقوف الى جانبهم والله يعلم ذلك، وهذه الإنزالات ما هي الا بداية لسلسلة من الإنزالات ستكون بمثابة ممر جوي إنساني يقوده الأردن وسيتوسع لتشارك به مختلف الدول العربية وغيرها من الدول الراغبة.
بات من الواضح جداً أن عجز المجتمع الدولي عن إدخال المساعدات لم يعد مُبرّراً، ولن تكون أي مبررات مستقبلية قابلة للتصديق، نعم الأردن أثبت ذلك وسيبقى يثبته دائما.
لن يكون تجويع القطاع ورقة ضغط في يد الإحتلال لكسر صموم الغزيين بعد الآن بعون الله أولاً وبهمة الأردنيين وعلى رأسهم قائدنا المفدى، ونقولها بملئ فاهنا، عاش الأردن حراً عربياً هاشمياً، عاش الأردن صامداً مدافعاً عن الحق، عاش الأردن وفلسطين قضيته حتى التحرير.