مدار الساعة - أعلن القائم بأعمال قاضي القضاة في القدس الشريف الدكتور واصف البكري إحالة نفسه إلى التقاعد، بعد ما يزيد عن ثلاثين عاما في العمل القضائي بمواقعه المختلفة، منها 11 عاماً قضاها في القدس الشريف قائما بأعمال قاضي القضاة ورئيسا لمحكمة استئناف القدس الشرعية.
وقال البكري في تعليقه على إحالة نفسه للتقاعد، وفق ما رصدت مدار الساعة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبيّنا وحبيبنا وقرة أعيننا محمد وعلى وآله وأصحابه ومن دعا بدعوته وجاهد بجهاده الى يوم الدين:
أما وأنه قد مضى من عمري ما يزيد عن ثلاثين عاما في العمل القضائي بمواقعه المختلفة بذلت خلالها ما استطعت من جهد في خدمة ديننا الحنيف ووطننا العزيز وشعبنا الكريم ، واجتهدت في إقامة العدل وإحقاق الحق ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
وكان من هذه الخدمة قرابة أحد عشر عاما أكرمني الله سبحانه وتعالى فيها بالعمل في القدس الشريف قائما بأعمال قاضي القضاة ورئيسا لمحكمة إستئناف القدس الشرعية، حظيت فيها بشرف الرباط في المسجد الأقصى المبارك، وشرف المساهمة في الدفاع عنه حسب الوسع والقدرة ، والتي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبلها بقبول حسن، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم إنه وليّ ذلك والقادر عليه، فهو جهد المقلّ وعمل الضعيف وحسبنا الله ونعم الوكيل.
كما وأكرمني الله سبحانه وتعالى بشرف خدمة أهلي وإخواني في بيت المقدس وتيسير أمورهم، وتقديم الخدمة الفضلى لهم والإرتقاء بدائرة القائم بأعمال قاضي القضاة والمحاكم الشرعية في القدس الشريف حتى غدت بفضل الله وتوفيقه واستمرارا وبناء على ما قدمه أسلافي وأشياخي وزملائي من اصحاب السماحة والفضيلة ممن سبقوني في تولي هذا الموقع قلعة من القلاع الناطقة بعروبة القدس وإسلاميتها، وحصنا من الحصون الداعمة لصمود أهلها ورباطهم وثباتهم في الدفاع عنها وعن المسجد الأقصى المبارك، ورمزا من رموز الحق والعدالة ، وما كان ذلك ليتم لولا فضل الله وتوفيقه وعون اخواني وزملائي اصحاب الفضيلة قضاة الشرع الشريف والموظفين العاملين في محاكم القدس الشرعية ، ودعم الحكومة الأردنية تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية بدعم القدس وصمود أهلها فلهم جميعا الشكر والتقدير وجزاهم الله عنا خير الجزاء ، فإن أحسنت في ذلك فمن الله وبفضله وتوفيقه، وإن أسأت فمن نفسي ومن الشيطان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وحيث قضت حكمة الله إن لكل بداية نهاية، وأن التمام علامة النقصان فقد آن الأوان للفارس ان يترجل وللمسافر ان يحط عصا الترحال، لذلك وبعد التوكل على الله سبحانه وتعالى واستخارته جلّ في علاه واستشارة أهل الثقة والفضل فقد قررت إحالة نفسي على التقاعد إعتبارا من تاريخ 1/3/2024
فهذه سنة الله تعالى الماضية في خلقه
لقد اتخذت هذا القرار لألتفت لبعض شأني - ان كان في العمر بقية - من رعاية للوالدة حفظها الله تعالى والقرب منها لعلي أحظى برضاها وأتشرف بخدمتها فعند قدميهما الجنة وهذا غاية الطلب ومنتهى الأرب ، ولأكون بجانب عائلتي التي طالما عانت أيما معاناة من بعدي وغيابي الدائم والمتكرر عنها خاصة أبنائي الذين أصبحوا في سن المراهقة ويحتاجون وجود والدهم بجوارهم في هذه السن الحرجة من أعمارهم .
ولعل من نافلة القول الإشارة الى ما لحق بي من وحشة الغربة عن الأهل والولد ، وعناء السفرالدائم ومشقة الترحال الدائم
ولا يقل أهمية عما ذكرت استدراك ما يمكن استدراكه من تقصيري في حق العبادة والدعوة الى الله سبحانه وتعالى وطلب العلم الذي طالما شغلت عنه بملهيات الحياة وشواغل الوظيفة فلا بد من محاولة استدراك ذلك إن قدر الله لي ذلك ، فما لا يدرك كله لا يترك جلّه، فإن لبدنك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولربك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه.
وختاما أسأل الله سبحانه وتعالى ان يمنّ على امتنا بالنصر والتمكين ، والفرج العاجل والقريب وتحرير مسرى رسولنا الكريم وعودته إلى بيضة الإسلام والمسلمين وأن يقر أعينا بعز الإسلام وأن يحقن دماء المسلمين ويثبت المرابطين والمجاهدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وأصحابه أجمعين