أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

كيف نصلح بيوتنا؟ (1)

مدار الساعة,شؤون دينية
مدار الساعة ـ
حجم الخط
مدار الساعة - نحن مطالبون بإصلاح بيوتنا؛ لتكون سكنًا طيبًا مباركًا، ولتكون مبنية على أسسٍ طيبة.
ومن وسائل إصلاح البيوت تعلُّم الأحكام الشرعية الخاصة بالبيوت، ومن ذلك أن يصلي الرجال الفريضة في المسجد إلا لعذر، والنافلة في البيت أفضل، يقول صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»؛ [رواه مسلم].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: «تطوُّع الرجل في بيته يزيد على تطوعه عند الناس، كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده»، وأما المرأة صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، ولكن إذا اقترن مع صلاتها في المسجد طلب علم وتعلُّم القرآن والشريعة، فصلاتها في مسجدها أفضل، هكذا يقول علماؤنا.
ومن أحكام البيوت الاستئذان؛ يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [النور:28]، ويقول جل شأنه: ﴿ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ﴾ [البقرة: 189].
وجواز دخول البيوت التي ليس فيها أحد بغير استئذان إذا كان للداخل فيها متاع؛ كالبيت المُعد للضيف؛ قال جل شأنه: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾ [النور:29].
ولقد علَّمنا الإسلام أن نُعلِّم أبناءنا الاستئذان في ثلاث أوقات؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ*ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 58].
قال أكثر أهل العلم: إنها آيةٌ محكمة واجبة على الرجال والنساء، فقد أدَّب الله عز وجل عباده في هذه الآيات بأن على العبيد والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم إلا أنهم يعقلون ما يرون - أن يستأذنوا على أهلهم في هذه الأوقات الثلاثة، وهي الأوقات التي هي عرضة للانكشاف:
أولها:
من قبل صلاة الفجر؛ لأن الناس إذ ذاك يكونون نيامًا في فُرُشهم، وهو أيضًا وقت انتهاء النوم، ووقت الخروج عن ثياب النوم ولبس ثياب النهار.
الثاني:
وقت القيلولة، حين تضعون ثيابكم من الظهيرة؛ لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله.
الثالث:
من بعد صلاة العشاء؛ لأنه وقت النوم، فيؤمر الأطفال والخدم ألا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال؛ لِما يخشى أن تقع أبصارهم على أمر يجب ستره.
ومن الآداب عباد الله:
تحريم الاطلاع في بيوت الآخرين بغير إذنهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن اطَّلع في بيت قوم بغير إذن، ففقؤوا عينه، فلا دية له ولا قصاص»؛ [رواه مسلم].
ومن الآداب التفريق بين الأولاد في المضاجع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع»؛ [أخرجه أبو داود والحاكم].
ومن النصائح لإصلاح البيوت تكوين مكتبة إسلامية مصغرة في البيت، فمما يساعد في تعليم أهل البيت، وإتاحة المجال لتفقُّههم في الدين، وإعانتهم على الالتزام بأحكام الشريعة، عمل مكتبة إسلامية في البيت، وليس بالضرورة أن تكون كبيرة، ولكن العبرة بانتقاء الكتب المهمة، ووضعها في مكان يسهل تناولها، وحث أهل البيت على قراءتها.
أخي الحبيب، ليكن لك كتاب في التفسير، وليكن مثلًا تفسير ابن كثير، تفسير ابن سعدي، وكتاب في الحديث، مثل صحيح الكلم الطيب، رياض الصالحين وشرحه نزهة المتقين، وكتاب في العقيدة: مثل كتاب شرح العقيدة الطحاوية تحقيق الألباني، أو سلسلة العقيدة لعمر سليمان الأشقر ثمانية أجزاء، وكتاب في الفقه مثل كتاب فقه السنة والفقه على المذاهب الأربعة، وكتاب في الأخلاق وتزكية النفوس مثل تهذيب مدارج السالكين، الفوائد، الجواب الكافي، وكتاب في السير والتراجم مثل البداية والنهاية لابن كثير، الرحيق المختوم للمباركفوري، وزاد المعاد لابن القيم.
وغير هذا كثير من النافع الطيب، وما ذكرناه على سبيل المثال لا الحصر، وهناك في عالم الكتيبات أشياء كثيرة نافعة، سيطول بنا المقام إذا أردنا السرد، فعلى المسلم الاستشارة والتمعن للانتقاء، «ومن يرد الله به خيرًا، يُفقهه في الدين».
إن سماع التلاوة الخاشعة من أصحاب الأصوات الندية، له تأثير عظيم على النفوس، وكم لمقاطع الفتاوى والمحاضرات الإسلامية من أثرٍ في تزكية وتفقيه النساء بالأحكام الشرعية التي يتعرضن لها يوميًّا في حياتهنَّ.
ومما ننصح به لإصلاح البيوت: دعوة الصالحين والأخيار وطلبة العلم لزيارة البيت، وليكن لسان حال الواحد منا كما دعا نوحٍ عليه السلام: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ﴾ [نوح: 28].
إن دخول أهل الإيمان بيتك يزيده نورًا، ويحصل بسبب أحاديثهم وسؤالهم والنقاش معهم من الفائدة أمور كثيرة، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، وجلوس الأولاد والإخوان والآباء وسماع النساء من وراء حجاب لما يُقال، فيه تربية للجميع، وإذا أدخلت رجلًا صالحًا منعت سيِّئًا من الدخول والتخريب.
عباد الله، من وسائل إصلاح البيوت عدم إظهار الخلافات العائلية أمام الأولاد:
أيها المسلمون، ليس هناك بيتٌ يخلو من الخصومات والمشاكل، لكن أين الحكمة في حل هذه المشاكل والصلح خير والرجوع إلى الحق فضيلة.
ومما يزعزع تماسك البيت، ويضر سلامة البناء الداخلي، ظهور الصراعات أمام أهل البيت، فينقسمون إلى معسكرين أو أكثر، ويتشتت الشمل، بالإضافة إلى الأضرار النفسية على الأولاد وعلى الصغار بالذات، فتأمل حال بيت يقول الأب فيه للولد: لا تُكلم أمك، وتقول الأم له: لا تكلم أباك، والولد في دوَّامة وتمزُّق نفسي، والجميع يعيشون في نكد، فلنحرص على عدم وقوع الخلافات، ولنحاول إخفاءها إذا حصلت، ونسأل الله أن يؤلف بين القلوب.
ومما ننصح به لإصلاح بيوتنا الدقة في ملاحظة أحوال أهل البيت:
من هم أصدقاء أولادك؟
هل سبق أنْ قابلتهم أو تعرفت عليهم؟
ماذا يجلب أولادك معهم من خارج البيت؟
إلى أين تذهب ابنتك ومع من؟
بعض الآباء لا يدري أن في جوالات أولاده صورًا سيئة، وأفلامًا خليعة، وربما يتأخر أولاده إلى منتصف الليل لا يسأل عنهم، ولا يعرف أين يذهبون، وهؤلاء الآباء الذين يهملون أولادهم لن يفلتوا من مشهد يومٍ عظيم، ولن يستطيعوا الهرب من أهوال يوم الدين؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيَّعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته»؛ [أخرجه النسائي في عشرة النساء «292» وصححه ابن حبان «4492»].
ومما ينشر في البيت الراحة والسعادة الممازحة والملاطفة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب الأطفال يمسح رؤوسهم، ويتلطف في مناداتهم، ويعطي أصغرهم أول الثمرة، وربما ارتَحله بعضهم.
وفيما يلي مثالان على مداعبته للحسن والحسين رضي الله عنهما، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلع لسانه لحسن بن علي، فيرى الصبي حُمرة لسانه، فيبهش له»؛ أي أعجبه وجذبه، فأسرع إليه[في السلسلة الصحيحة]، وكان يلاطف ويمازح زوجته عائشة رضي الله عنها، ورُبَّما يسابقها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا اله إلا الله تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه وعلى آله وأصحابه وجميع إخوانه، أما بعدُ:
فعباد الله، ومما نصلح به بيوتنا حفظ أسرار البيوت:
وهذا يشمل أمورًا منها:
أولًا: عدم نشر أسرار العلاقة الزوجية.
ثانيًا: عدم تسريب الخلافات الزوجية.
ثالثًا: عدم البوح بأي خصوصية يكون إظهارها ضرر بالبيت أو أحد أفراده.
فأما المسألة الأولى، فدليل تحريمها قوله صلى الله عليه وسلم: «إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يُفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرَّها»؛[أخرجه أحمد «3 /69»، ومسلم «1437» بمعناه]، ومعنى يُفضي: أي يصل إليها بالمباشرة والمجامعة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴾ [النساء: 21].
ومما يصلح بيوتنا إشاعة خلق الرفق في البيت:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله عز وجل بأهل بيت خيرًا، أدخل عليهم الرفق»، وفي رواية أخرى: «إن الله إذا أحب أهل بيت، أدخل عليهم الرفق»؛ أي: صار بعضهم يرفق ببعض، وهذا من أسباب السعادة في البيت، فالرفق نافع جدًّا بين الزوجين، ومع الأولاد، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه»؛ [رواه مسلم].
ومما نصلح به بيوتنا اختيار الجار قبل الدار،وهذه مسألة تحتاج إلى إفراد لأهميتها، فالجار في عصرنا له مزيد من التأثير على جاره، بفعل تقارب المساكن، وتجمع الناس في البنايات والشقق، والمجمعات السكنية.
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع من السعادة، وذكر منها: الجار الصالح، وأخبر عن أربع من الشقاء، وذكر منها: الجار السوء.. ولخطر الجار السوء كان يتعوذ منه في دعائه، فيقول: «اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة، فإن جار البادية يتحول عنك»؛ [رواه ابن حبان في صحيحه، وحسَّنه الألباني في صحيح الأدب: 86]؛ أي: الذي يجاورك في مكان ثابت، فإن جار البادية يتحول، ودار المقام يعني: القرية والمدينة.
عباد الله، ومن وسائل إصلاح البيوت عدم إدخال من لا يُرضى دينه وخلقُه إلى البيت، روى أبو داود والنسائي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك، إن لم يصبك منه شيء أصابك منه ريحه، ومثل الجليس السوء كمثل صاحب الكير إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه».
وفي رواية البخاري: «وكير الحداد يحرق بيتك أو ثوبك، أو تجد منه ريح خبيثة».
إيه ورب الكعبة، إنه يحرق بيتك بأنواع الفساد والإفساد، فكم كان دخول المفسدين والفاسقين سبب العدوان بين أهل البيت! وكم فُرِّّق بين الرجل وزوجته بسبب دخول الفاسدين المفسدين! وكم سبَّب دخولهم العداوة بين الأب وأولاده، وما أسباب وضع السحر في البيوت أو حدوث السرقات أحيانًا، وفساد الخُلُق كثيرًا، إلا بإدخال من لا يُرضى دينه وخلقه، وإن المرأة تتحمل في البيت جزءًا عظيمًا من هذه المسؤولية؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثنايا خطبته الجامعة في حجة الوداع: «فأما حقكم على نسائكم، فلا يوطئن فُرُشَكم مَن تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون»؛ [رواه الترمذي وهو في صحيح الجامع].
ومما ننصح به أخيرًا لإصلاح البيوت:
الحذر من دخول الأقارب غير المحارم على المرأة في البيت عند غياب زوجها،ومن ذلك فصل النساء عن الرجال في الزيارات العائلية.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول أو فعل أو عمل، ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى، ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه.
اللهم هيِّئ لنا من أمرنا رشدًا، واجعلنا هداة مهتدين، اللهم اختم بالصالحات أعمالنا، واجعل خير أيامنا يوم لقائك، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
هذا وصلوا عباد الله على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
مدار الساعة ـ