بعين على الخارج وأخرى على الداخل، إذ لا يفصل السياسة عن تقديم الدعم الأخوي والإنساني سوى التفاتة وحسن نظر، يُقدّم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفطه الله ورعاه أنموذجا عز نظيره في الذود عن القضية الفلسطينية، والدفاع عنها بكافة السبل.
وليس هذا بغريب عن ملك يحمل إرث الرسالة، ونسب طال عنان السماء مع الرسول محمد الهاشمي، واتصل بالأرض إبان الثورة العربية الكبرى، هو من هو، وريث المشروع النهضوي العربي الحديث.
ولأن الخبر ما ترى لا ما تسمع، أتت مشاركة جلالة الملك في عمليات الإنزالات الجوية لمساعدات إغاثية موجهة إلى سكان قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا لكسر الحصار على غزة وأهلها فحسب، بل لكسر أنوف الصهاينة في عملية قال عنها خبراء إنها نُفّذت دون أجهزة توجيه للمظلات، مع اضطرار الطائرات للتحليق على ارتفاعات منخفضة.
وبهذا، يوجه الأردن رسالة قوية للعالم أجمع أن مواقفه نابعة من منطلق قومي وطني سيبقى معه الأردن على الدوام الرافد الأساسي لدعم الأشقاء الفلسطينيين في جميع المحافل، وبكل الوسائل المتاحة، لتحرير أرضهم والحصول على حقهم في تقرير مصيرهم عليها، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ليس غريبا كلُّ ما سلف، بل الغريب أن يتعرض الأردن لحملة تشويه من المقربين منه لمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية، وأن تُستهدَف منعته الداخليه، عوضا عن دعمه ومساندته في قضية الأمة جمعاء.
لكن، ورغم ما كان وما سيكون، سيبقى الأردن عروبي الهوى والمنطلق والموقف، بلدا ينهض للوقوف إلى جانب كل أرض عربية، يرعى الجميع بمحبة، ويقاسمهم شظف العيش دون منة، هذا البلد الذي طالما آثر الأمة على خصوصيته، لن يبالي بالثمن الذي يدفعه، ولن ترده عن دربه مكائد الصغار وأصحاب الهوى، كما لن يردعه عن دوره إنكار المعروف أو اتهام بالباطل.