في وقت زعمَ فيه وزير الخارجية الأميركي/ بلينكن, أنه «لم» يَطّلِع بعد على خطة «اليوم التالي» للحرب, التي وضعها مجرم الحرب نتنياهو, وسارعَ بعده مستشار الأمن القومي/ سوليفان وعلى نحو لافت للشك والريبة, إلى القول إن الرئيس بايدن «لم» يتم إطلاعه حتى الآن على خطة نتنياهو, فإن وسائل الإعلام الصهيونية وبخاصة الصحافة الورقية, ذات التأثير الأكبر على الجمهور, لم تتوقف منذ الكشف عن ما سُميّت «وثيقة/مخطط اليوم التالي» لحرب الإبادة, التي يشنها تحالف الشر الصهيو ـ أميركي على قطاع غزة منذ نحو من خمسة أشهر, عن مناقشتها وال?عليق عليها, بين مُؤيد لها بين القوى اليمينية المُتطرفة, التي رأى بعضها أنها غير «كافية», فيما لم تتردّد قوى أخرى, يمكن إحتسابها على معسكر الوسط ويسار الوسط في إنتقادها واعتبارها خطة لـِ«تخليد الصراع», على ما جاء في المانشيت الرئيسي لصحيفة «هآرتس», والذي فصّله على نحو موسع جاكي خوري/ مُحرِر الشؤون الفلسطينية في الصحيفة. خاصة تفاصيل وتعقيدات المشهديْن الفلسطيني والإقليمي.
وإذا كانت خطة نتنياهو تقوم على «ثلاثة شروط", يصعب على أحد في الجانب الفلسطيني الموافقة عليها والإنخراط فيها, على النحو الكارثي الذي «يحلم» نتنياهو بأن يتم تحت طائلة مواصلة إجتياح رفح إعلان «إنتصاره الكامل» في حرب «السيوف الحديدية» التي شاركته فيها الولايات المتحدة وما تزال, فإن ميخائيل ميليشتاين (باحث في الشؤون الفلسطينية في جامعة تل أبيب) اعتبر في مقالة له بصحيفة «يديعوت أحرونوت», تحت عنوان «المبادئ العامة لا تشكل خطة», أن «اليوم التالي» ليس على مسافة لمسة. كما يعطي الانطباع الخطاب الإسرائيلي. أهداف وثيقة?نتنياهو ـ أضاف ميليشتاين ـ لا يمكنها أن تتحقق إلا مع تقويض حُكم حماس, الذي لا يمكن حالياً تحديد متى وكيف سيتحقق. لافتاً إلى أنها/ الوثيقة «تعكس من جهة وعياً صحيحاً في أنه من الضروري البحث في المسألة، لكن من الجهة الأخرى تنطوي على غموض ينبع من عدم الرغبة في اتخاذ القرارات, ومن محاولة للمناورة بين الاضطرارات السياسية. والنتيجة ـ تابع الكاتب ـ هي خطوط عامة للسياسة, تُعبر عن المثال الأعلى المرغوب فيه من ناحية إسرائيل، لكنه عديم التفاصيل اللازمة لغرض الترجمة العملية أو التصدي الثاقب لاضطرارات الواقع».
هنا لاحظت نائبة رئيس تحرير «هآرتس/ نوعل لنداو, في مقالة لها تحت عنوان: «مع بيبي، اليوم التالي هو اليوم السابق», ان خطة بنيامين نتنياهو للمدى البعيد هي أنه «لا تُوجد لديه خطة، وأن اليوم التالي هو مثل اليوم السابق، وكل ما يريده هو إدارة النزاع وليس حله», مُضيفة... مِن الاطلاع على هذه الوثيقة القصيرة، التي تتكون من صفحة ونصف مثلما هي الحال, في محاكاة ساخرة لواجب بيتي، بعنوان «اليوم التالي لحماس»، يتولّد الانطباع بأن «اليوم التالي» يُشبه بدرجة مُدهشة «اليوم السابق». وكما هو سائد في حكم نتنياهو ـ تابعتْ الكاتبة?ـ فإن هدف هذه الوثيقة, هو التلاعب بالكلمات لـِ"اخفاء حقيقة أنه لا يٍوجد لها أي معنى». في نهاية المطاف ـ ختمتْ لنداوـ «على المدى البعيد خطة نتنياهو لاتفاق سياسي مستقبلي, هي أنه لا توجد لديه خطة كهذه. «إسرائيل ترفض تماماً» و"إسرائيل ستُواصل مُعارضتها». مُحاكاة ساخرة، هل قلنا ذلك في السابق؟.
لكن «جدعون ليفي» اختار الإضاءة على مسألة «حيوية» ولافتة أخرى في المشهد الصهيوني الداخلي, بكل ما يحفل به من تناقضات وبخاصة في «الخيط» الصهيوني المُتطرّف و«المتين», الذي يربط بين القوى السياسية والحزبية الصهيونية على إختلاف توجّهاتها الايديولوجية, والتعليق بمرارة على تصويت كنيست العدو الأسبوع الماصي, بأغلبية ساحقة (99 مقابل 9) تأييداً لقرار إئتلاف نتنياهو الفاشي برفض ومعارضة «الإعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية», إذ كتبَ في «هآرتس» مقالة تحت عنوان: «الأسبوع الأخير أثبتَ أنه لا يُوجد بديل لنتنياهو» جاء ف?ها: «مرة أخرى تم الإثبات بأنه لا يُوجد بديل لنتنياهو، سواء بديل حقيقي أو مُعارضة حقيقية. التصويتات الهامة ـ أضافَ ليفي ـ في الكنيست الأسبوع الماضي إلى جانب سلوك أحزاب الوسط في فترة الحرب، تُثبت بوضوح أنه في المسائل الأساسية في الدولة التي تُحدد صورتها، الاحتلال والحرب، وحتى، الأمر الذي لا يُصدَق... «الديمقراطية»، فإنه لا يوجد فرق كبير بين اليمين والوسط واليسار الصهيوني. في هذه القضايا ـ تابعَ الكاتب ـ نحن دولة مع صوت واحد ورأي واحد.. معاً سننتصر(علّق جدعون ليفي ساخراً, كون هذا الشعار «معاً ننتصِر» يظهر على?كُل شاشات التلفزة ومعظم الصحف الصهيونية منذ السابع من أكتوبر الماضي حتى الآن).
هذه الأمور ـ لفتَ ليفي ـ مُدهشة بشكل خاص, إزاء النضال السياسي الصاخب الجاري بين المعسكرات الآن. الجميع يتحدثون عن الانقسام، الشرخ، في الوقت الذي لا توجد فيه وبحق اختلافات حقيقية في الرأي. كان يمكن «واصلَ الكاتب» الاعتقاد بأن إسرائيل في الحرب كانت ستكون دولة مختلفة, لو أنه ترأسها غانتس أو آيزنكوت أو لبيد. لا وألف لا «ختمَ ليفي», فسلوكهم الشخصي بالتأكيد كان سيكون أكثر استقامة وتواضعاً. لكن النتيجة كانت ستكون مُشابهة بشكل مدهش. وهاكم الدلائل. (99 مقابل 9) صوّتوا لقرار نتنياهو.