حَدثان لافتان.. «وَصفٌ» مُهين من رئيس دولة عظمى لرئيس دولة عظمى آخر, و«رسالة» فظةمن وزير خارجية كيان عنصري إستعماري, الى رئيس دولة،عَكسا من بين أمور أخرى, حجم التردّي الذي إنزلقت اليه الدبلوماسية المتغطرسة التي تنتهجها واشنطن وتل أبيب, على أكثر من صعيد وبخاصة مع قادة دول العالم, واللغة المهينة التي يستخدمها ساسة البلدين, على نحو لم تعهده الحِقب السابقة حتى في ذروة الحرب الباردة, وبخاصة مع تصاعد «الغرور» الذي رافق صعود تيارات الفاشية الصهيونية والأحزاب الدينية المتطرفة, في المشهد السياسي والحزبي في الكيان العنصري الإستيطاني.
لنبدأ بما أقدم عليه الرئيس الأميركي/ بايدن عبر وصف نظيره الروسي/بوتين بـ» المجنون «, خلال حملة جمع تبرعات لإعادة انتخابه في سان فرانسيسكو الأربعاء الماضي حضرها مجموعة «صغيرة» من الإعلاميين، وقوله حرفياً: » لدينا ابن زانية مجنون، مثل هذا الرجل بوتين وآخرين غيره، حيث علينا ـ أضافَ بايدن ـ ان نخشى من اندلاع نزاع نووي، لكن التهديد - ختمَ فخامته – الوجودي للبشرية هو المناخ».
كلمات قاسية وغير مسبوقة في انحدارها الى هذه الدرجة من الشتائم البذيئة والمسيئة، وإن كان بايدن نفسه وصفَ بوتين قبل ذلك بألفاظ لا تقل قسوة, إلاّ أنها لم تصل الى حد الشتائم الشخصية بأبعادها الأخلاقية, التي تتطلب كياسة وترفّعاً يليق بمقام » الواصِف والمَوصوف » على حد سواء، إذ كان بايدن وصف الرئيس بوتين في مناسبات اخرى بـ » السفّاح » و«مجرم الحرب, والقاتل», خاصّة بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصّة قبل عامين تماماً (24/2/2022).
ما يعكس من بين امور أخرى غطرسة الرجل الأبيض, التي تحكُم ساسة الغرب وعنصريتهم واستعدادهم للذهاب بعيداً, في كسر الأعراف والنواميس بل والقوانين الناظمة للعلاقات الدولية والثنائية. اعتقاداً من الرئيس بايدن بأن مفاعيل ونتائج انتهاء الحرب الباردة ما تزال قائمة, وإن التفرّد الأميركي في قيادة العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكّك حلف وارسو ومنظومة الدول الإشتراكية، يسمح له بأن يُخاطب رؤساء الدول الأخرى بلغة كهذه. ما بالك روسيا (المهزومة في نظره), التي تمضي قُدماً هي والصين ودول وزانة وصاعدة أخرى, في تحدي وكسر الأحادية القطبية هذه، والتأسيس لعالم مُتعدد الأقطاب, تكون فيه واشنطن «واحد بين متساويين».
صحيح ان ردّاً روسيّاً قاسياً جاء على لسان مُتحدث الكرملين/ بيسكوف, كما على لسان الرئيس السابق/ ميدفيديف, إلاّ انه لم يخرج عن إطار الكياسة ولم ينزلق الى درك اطلاق الشتائم البذيئة. إذ تساءلَ بيسكوف في معرض ردِّه موجهاً كلامه لبايدن: هل استخدم السيد بوتين كلمة خطة واحدة لمخاطبتِكم؟, مُجيباً: لم يحدث هذا قط، لذلك - أضافِ بيسكوف - مثل هذه المفردات تحطًّ مِن قدّر اميركا نفسها.
هذا بالضرورة يستدعي «ردّاً» متهافتاً آخر, تولّاه وزير خارجية الكيان الصهيوني العنصري الإستعماري, وربيب الولايات المتحدة التي تُشاركه واشنطن «قِيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان, واحترام القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها», إذ أرسل يسرائيل كاتس (وهذا اسمه) رسالة شديدة اللهجة (إقرأ تفيض وقاحة), الى الرئيس البرازيلي الشجاع/ لولا دا سيلفا, عقب تصريحات الأخير الذي شبّه فيها الحرب الصهيونية على قطاع غزّة الفلسطيني بـ «المحرقة النازية, وما فعله هتلر باليهود ».
ومن الحكمة ايراد النص الكامل للرسالة, التي تفيض غطرسة وتغرِف من مفردات » التفوّق » اليهودي المزعوم, وفرادة » عِرق » شعب الله المختار المُؤسطر, وغيرها مما حفِلت بها مرويات التلمود ووصايا النبي » يوشع «, وقاموس الميليشيات الإرهابية الصهيونية, قبل قيام كيان العدو الغاصب على ارض وانقاض الشعب الفلسطيني مثل إيتسل,ليحي,الهاجانا والأرغون,بيتار,شتيرن والبلماخ.
تاليا نص رسالة كاتس للرئيس البرازيلي للولا دا سيلفي:
«رئيس البرازيل.
ملايين اليهود حول العالم ينتظرون «اعتذارك». (هل تجرؤ على مقارنة إسرائيل بهتلر)؟
أُذكِّركَ بما فعله هتلر؟ أخذ الملايين من الناس إلى الأحياء الفقيرة، وسرقوا ممتلكاتهم، واستخدموهم كعمال بالسخرة ثم بدأوا بوحشية لا نهاية لها في قتلهم بشكل منهجي. أولا بإطلاق النار، ثم بالغاز. صناعة إبادة اليهود بطريقة منظمة وقاسية.
شرعت إسرائيل في حرب دفاعية ضد «النازيين الجُدد» الذين قتلوا كل يهودي رأوه. لا يهم لهم. كبير في السن..معاق.. لقد قتلوا فتاة على كرسي مُتحرك. خطفوا الأـطفال. لو لم يكن لدينا جيش، لكانوا قد قتلوا عشرات الآلاف غيرهم.
(عيبٌ عليك).. مُقارنتك غير شرعية ومُضللة. (عار على البرازيل والبصق في وجه اليهود البرازيليين).
لم يفت الأوان بعد لـ(ِتعلُّم التاريخ وطلبِ السماح)..... (حتى ذلك الحين ستظلّ (شخصية غير مرغوب فيها) في «إسرائيل».
هذا نص لرسالة شخص يُفترّض ان يكون «دبلوماسيا», وفق الموقع الذي يشغله, لكنهم ـ في «إسرائيل» لا يُقيمون وزنا لـِ«الغوييم/الأغيار».
** إستدراك:
لم نَتدخّل في النص سوى في وضع «الأقواس», لِلفت الأنظار الى وقاحة وتهافت مفردات المُرسِل وغطرسته.