مدار الساعة - أكد محافظ البنك المركزي عادل الشركس، أن الحفاظ على الاستقرار النقدي "هدف رئيس وأولوية أولى" للبنك، مشيراً إلى أن هذا الاستقرار "يعد ركناً أساسياً من أركان الاستقرار الاقتصادي الكلي".
وخلال جلسة حوارية بعنوان "السياسة النقدية كأداة للاستقرار الاقتصادي"، التي عقدها المنتدى الاقتصادي الأردني ضمن الصالون الاقتصادي، أشار الشركس إلى أن السياسات الاقتصادية، ومنها السياسة النقدية، وجدت لوضع الاقتصاد على مساره الصحيح.
وأكد أنه "من الطبيعي، في أثناء عمل الاقتصاد، أن يتم اتباع سياسات تشددية أو توسعية لضمان عدم خروج الاقتصاد عن هذا المسار، وهذا الأمر تحكمه الدورات الاقتصادية وفقاً لمتطلبات كل مرحلة"، مؤكداً أن السياسة النقدية لا يحكمها مسار محدد مسبقاً لاتجاهها، بل يتم اتخاذ قراراتها وفق البيانات المتاحة، وانعكاساتها على التوقعات الاقتصادية.
ولفت الشركس إلى أن البنك المركزي "حقق قصة نجاح في بسط دعائم الاستقرار النقدي في المملكة وبلورته إلى واقع ملموس على مدى أكثر من عقدين، وذلك على الرغم من العديد من التحديات التي تعرض لها الاقتصاد الوطني خلال هذه الفترة، كتداعيات الأزمة المالية العالمية في عام 2008، والربيع العربي في المنطقة في عام 2011، وجائحة كورونا في عام 2020، وأخيرا الموجة التضخمية العالمية".
وأكد في هذا الصدد، أن قرارات البنك برفع أسعار الفائدة خلال هذه الموجة جاءت للمحافظة على الاستقرار النقدي، وسعياً لاحتواء الضغوط التضخمية.
وأشار الشركس إلى أن نتائج السياسية النقدية التشددية التي انتهجها البنك المركزي خلال العامين الماضيين ومصداقيته بالإبقاء على الانسجام بين أسعار الفائدة المحلية وأسعار الفائدة الإقليمية والدولية، كان لها دور كبير في تعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني بشكل عام، والحفاظ على الاستقرار النقدي، وقوة الدينار، بشكل خاص، وذلك وسط بيئة عالمية وإقليمية مليئة بالتحديات، وقد تُرجمت هذه الثقة باستمرار التراجع في معدل الدولرة ليصل إلى 17.9% في نهاية 2023، قياساً بمعدلات فاقت 20% قبل تداعيات جائحة كورونا.
إضافة إلى "الحفاظ على مستويات قياسية من الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي تبلغ حالياً 18.2 مليار، وتكفي لتغطية 8 أشهر من مستوردات المملكة من السلع والخدمات"، وذلك يأتي إلى جانب المساهمة في بقاء معدل التضخم، والذي بلغ 2.1% خلال عام 2023، وانخفض إلى 2% في شهر كانون ثاني من العام الحالي بعد أن بلغ 4.2% في عام 2022، ضمن حدود مناسبة للنشاط الاقتصادي، وبما يحفز البيئة الادخارية والاستثمارية في المملكة.
الشركس أشار إلى أن الثقة بالاقتصاد بشكل عام، وبالدينار كعملة جاذبة للادخار، فضلاً عن قوة القطاع المصرفي ومتانته، كانت من بين العوامل التي أدت إلى ارتفاع الودائع لدى البنوك في نهاية عام 2023 بمقدار 1.6 مليار دينار، لتسجل نحو 43.7 مليار دينار.
وأكد أنه رغم السياسة النقدية التشددية ورفع أسعار الفائدة، إلا أن التسهيلات الائتمانية نمت بنسبة 2.6%، أو ما مقداره 838 مليون دينار، ليبلغ رصيدها قرابة 33.4 مليار دينار في نهاية 2023.
كما أكد أن الاستقرار النقدي الذي ينعم به الأردن شكل دعامة لتحقيق إنجازات اقتصادية ومكتسبات مهمة خلال السنوات الماضية، وتحديداً في عام 2023، وذلك وسط بيئة عالمية هشة، والحالة الكبيرة من عدم اليقين التي يعيشها العالم، والتي من أبرزها المضي قدماً بنهج الإصلاح المالي والهيكلي من خلال استكمال المراجعتين السادسة والسابعة بنجاح مع صندوق النقد الدولي، الذي يؤكد التزام الأردن في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، والعبور إلى برنامج اقتصادي جديد مع الصندوق لمواصلة أجندة الإصلاحات الاقتصادية دون انقطاع، إلى جانب النظرة الائتمانية المستقرة التي يتمتع بها الأردن من قبل العديد من مؤسسات التصنيف الائتماني، فضلاً عن رفع اسم الأردن من قائمة الدول تحت المتابعة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في عام 2023.
وشدد الشركس على أن عام 2023 لم يقتصر على تحقيق إنجازات مهمة فحسب، بل أيضا في تحقيق أداء إيجابي في العديد من المؤشرات الاقتصادية، وفي مقدمتها الدخل السياحي، مشيراً إلى أن التوقعات تشير إلى تسجيل الاقتصاد نمواً نسبته 2.6% لعام 2023، مع التوقعات بأن يستقر عند هذه النسبة في عام 2024، وذلك بافتراض عدم تفاقم تداعيات الحرب في غزة وتعمق التوترات في البحر الأحمر، والتي تنعكس على ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين.
وأكد أن الاقتصاد الوطني يمتلك من الخبرة والأدوات ما يمكنه من مواجهة الأزمة، والخروج منها بأقل التكاليف.