يبدو من خلال الملاحظات البصرية ومما نسمعه ان موجة» المقاطعة » قد بدأت تنحسر وتتراجع في معظم مناطق المملكة، بعد ان تبين ان لا تأثير لها سواء على اقتصادنا الوطني والمستثمرين والعاملين فيه، فلا عدوان توقف ولا مواقف غربية داعمة تغيرت باستثناء تغير طفيف لايذكر على الصناعة المحلية، فماذا اثرت «المقاطعة» وما حققت بجردة حساب ؟.
منذ من اربعة اشهر بدأت دعوات المقاطعة لبعض الماركات والسلع العالمية وتحديدا التي تنتج ومقراتها في الدول التي اعلنت دعمها للكيان الاسرائيلي بعدوانه على غزة، فالتزم بها من التزم ورفضها من رفضها، الى ان جاءت فترات وبعد طول فترة العدوان بدئنا نشهد فيها على تراجع المقاطعة لا بل تلاشيها في معظم الدول العربية والاسلامية وباستثناء الاردن الذي بدأت فيه المقاطعة تتلاشى في المحافظات وتتراجع في العاصمة والمدن الكبرى.
احد العاملين في إحدى الماركات المقاطعة اخبرني سرا بان الطلب على السلع التي يبعونها"درفري"ارتفع الى ما يقارب 800% عما كان عليه قبل المقاطعة،ومسؤول في احد خطوط الانتاج الداعمة لاحدى الماركات ايضا ابلغني ان الانتاج تأثر في اول شهرين وعاد تدريجيا ليقترب من المعدلات الطبيعية مؤخرا، والاهم ان نسب تسريح للعمالة المحلية بدأت تنحصر وبدأ من تسرح بالعودة تدريجيا للعمل.
المفاجأة تكمن في ان احدى الماركات المعلن عن مقاطعتها قد ارتفعت مبيعاتها بحسب مستثمريها مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وعند السؤال تبين أن خدمة التوصيل كانت بديلا للكثيرين ممن التزموا المقاطعة الصورية لأجل تجنب المزاودات والتشكيك فاستبدلوا الذهاب بالطلبات.
للاسف المقاطعة لدينا تحول مسارها من قناعة لدى الكثيرين لترهيب ومزاودات مورست على غير المقتنعين واجبارا لمن يتعاطف مع غزة وتخوين لمن ليس مقتنعا ولهذا وجب ان نبدأ بجردة حساب موضوعية، وهنا لابد من سؤال لابد من الاجابة عليه، هل قيامي بشراء سندويشة وعلبة مشروب غازي من ماركة أجنبية اكون بذلك ضد غزة، ولماذا لا يقاس اثر المقاطعة على الاقتصاد الوطني؟ وهل يجوز لي اتهام المقاطعين بأنهم ضد اقتصاد وطنهم.
خلاصة القول، القرارات صحتها من عدم صحتها تقاس بالنتائج فقط ومدى تأثيرها وتغييرها للواقع، وبغض النظر عن نجاحها وعدم نجاحها لايجب أن تستخدم في التخوين والتشكيك واعتبار غير المقاطعين على أنهم ضد القضية الفلسطينية او يدعمون الكيان أو يمولونه، فما في القلوب لايعلمه الا الله والوقوف مع غزة لا يتوقف عند مقاطعة عبوة غازات أو سندويشة أو قطعة ملابس أو عبر منصات التواصل، بل بتقديم المساعدات لهم وهذا ابسط الايمان الحقيقي.