بروح الفارس الذي يخطط و يقيس الأمور قبل خوض غمارها ، زار جلالة الملك عواصم القرار العالمي ، و هي ذاتها الدول الداعمة لأسرائيل ؛ مستنداً إلى سردية مختلفة عن تلك السردية الغربية و إلى الحق و العدل الذي ينبغي أن يسود بدل لغة العنف و الدمار و والقتل ؛ التي لا تجلب إلا الرغبة في الانتقام عند الفلسطيني ؛ لأنه يشعر بأن هذا العالم قد تخلّى عنه و ساند السردية الإسرائيلية الظالمة و المبنية على تزييف الحقائق و الكذب .
قال الملك كلمته بوضوح لا يمكن إنهاء العنف و القتل و الدمار و الظلم إلا من خلال إعطاء الشعب الفلسطيني حقه الشرعي بتقرير مصيره و رفع العدوان عنه و إعمار ما دمرته الآلة العسكرية و ما خلفته من خسارة لأرواح شهداء قاربوا الثلاثين ألفاً و جرحى يفوقونهم عدداً غير المفقودين . و طالب هذه العواصم بسرعة إدخال المساعدات الإنسانية بسرعة و دون إبطاء أو تأخير متعمدين في ظل ظرف قاس يعانيه أهل القطاع ، عدا عن التحرك الفوري بإيقاف المستوطنين عن الاعتداء على أهالي الضفة الغربية و تأجيج الصراع في الضفة الغربية و احترام الوصاية الأردنية على المقدسات في القدس بالسماح للمصلين بالدخول إليها بحرية و دون معوقات و بخاصة و نحن على أعتاب الدخول في شهر رمضان المبارك .
لا شك أن جلالة الملك قد ترك تأثيراً كبيراً على ساسة هذه الدول بما يملكه من رصيد كبير من المصداقية و الثقة و الاحترام و الشجاعة و درايته الكبيرة في طريقة مخاطبتهم و بما يملكه من حس إنساني عال ترجمه الى موقف أردني يحترمه العالم و يحترم المملكة المستقرة و القوية بشعبها و قيادتها و أجهزتها المدنية و الأمنية ؛ التي تقوم بمهامها باحتراف و مهنية عاليتين بعيداً عن الشطط و الاحتكام الى العواطف و هذا ما رسّخ صورة متزنة للمملكة أمام العالم.
يعتري الأردنيون إحساس بالفخر و الاعتزاز بملكنا الذي استطاع أن يصنع اللحظة الأردنية في سياقها العالمي عبر مخاطبة العالم بلغة يعرفونها و بخطاب يكرّس البعد الإنساني و يعلي من شأن البعد القانوني الذي يعطي الحق للفلسطينيين بإقامة دولتهم الفلسطينية و عاصمتها القدس و يعرّي المحتل من دعواه الباطلة بحق " الدفاع عن النفس " ؛ لأن القانون الدولي يحرمه من هذا الحق بوصفه قوة احتلال .