في ساعة متأخرة من مساء اليوم.. سترفع سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة/ ليندا توماس - غرينفيلد.. «يدها», مُعلنة أمام دول العالم وشعوبها قاطبة, إطاحة مشروع القرار الذي قدمته الجزائر, والذي يدعو من بين بنود أخرى, إلى «وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة لأسباب إنسانية.. تحترمه جميع الأطراف». حتى لو أيدت مشروع القرار الجديد «12» أو «13» دولة. كما حصل عند التصويت على مشروع القرار/ البرازيلي في شهر تشرين الأول/2023, إذ أيَّدته 12 وامتنعت دولتان عن التصويت. كذلك كان مصير مشروع القرار الإماراتي في الأيام الأخيرة من العام المنصرم/2023, حيث أيَّدته «13» دولة وامتنعت «بريطانيا» عن التصويت, لكن «الفيتو» الأميركي «أطاحهما». ولن يَسلمَ مشروع القرار الجزائري من الغطرسة والإزدراء الأميركيين للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وشرعة حقوق الإنسان, إرضاء ودعماً للمشروع الصهيوني الإستعماري الإستيطاني العنصري.
وإذ بذل وزير الخارجية الأميركي/بلينكن جهوداً مُحمومة, مع وزير الخارجية الجزائري/أحمد عطاف, لثنيه عن طرح مشروع القرار للتصويت (في «صيغته الزرقاء», التي تعني أنه «غير» قابل للتعديل), يزعم من بلينكن أن التحرّك الجزائري يُشكل «خطراً على مسار المفاوضات, وعرقلة لمساعي وقف الحرب» (!!). شاركته في ذلك المندوبة الأميركية/غرينفيلد, التي «ندّدت» بقرار الجزائر إحالة النصّ على التصويت. مُعتبرة أن الخطوة الجزائرية «تُهدّد بتقويض المفاوضات «الجارية, بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة أميركية, مصرية وقطرية، لإرساء هدنة جديدة تشمل إطلاق سراح الرهائن في غزة، وأسرى فلسطينيين في إسرائيل». مُضيفة «لهذا السبب، فإن الولايات المتحدة لا تدعم التصويت على هذا النص».
الفيتو الأميركي الجديد يأتي مكافأة من إدارة بايدن لحكومة و«مجلس الحرب» الفاشيين في تل أبيب, التي ما تزال مُصرة على إجتياح مدينة رفح, (علماً أن التقارير الميدانية وبعضها «إسرائيلي», تتحدث أنه تم تدمير أكثر من 20% من المدينة, محدودة المساحة, والمُكتظّة بالنازحين فضلاً عن عديد سكانها, جرّاء الغارات والقصف المدفعي المتواصل والعنيف لها), دون إهمال الرفض المُطلق الذي أعلنه مُجرم الحرب/ نتنياهو, للإقتراح الأميركي/البريطاني/ الأُوروبي, المُفاجئ بل المُفخّخ بـ«الإعتراف بالدولة الفلسطينية», مُعززاً/ نتنياهو موقفه بإستصداره قراراً بالإجماع من إئتلافه الفاشي, والذي يقول: (تُعارِض إسرائيل بموجبه الاعتراف بدولة فلسطينية أحادي الجانب، وتؤكد رفضها «الإملاءات الدولية»). والذي سيُحيله على الكنيست حيث يتوفر على أغلبية (64 عضواً من أصل 120), بل هناك من كتل ما يُوصوفون بالمعارضة, مَن سيسارع للتصويت لصالح قرار «إئتلاف» نتنياهو, حيث كل أطياف المشهد السياسي والحزبي في دولة العدو, ترى في إقامة كيان فلسطيني «مُستقل» حتى لو كان هزيلاً وخانِعاً, يشكل خطراً ماثلاً على «جوهر وايديولوجية وخطاب ومُستقبل» المشروع الصهيوني الإستعماري الإحلالي.
من هنا يمكن التوقف عند «المناورات», التي لا ينّفك نتنياهو وزمرته إفتعالها داخلياً وخارجياً, إن لجهة موافقته السريعة على ما طرحه الكاهاني العنصري بن غفير في شأن تقليص عدد المصلّين في المسجد الأقصى من «فلسطينيي الداخل", على نحو يُراد من مواصلة التضييق عليهم والتنكيل بهم تمهيداً لفرض المزيد من العقوبات عليهم وترهيبهم وإخراج المخططات النائمة في الأدراج لتهجيرهم, ما دام مشروع تهجير الفلسطينيين قد بات مطروحاً على جدول الأعمال الصهيو أميركي والغربي, ناهيك عما سيطرح لاحقاً حول منع المصلين في الضفة الغربية المحتلة والقدس من الصلاة والتعبد في شهر رمضان القريب، حيث بدأ المحتلون الصهاينة يجبرون شباب القدس على التوقيع على تعهدات بعدم الصلاة في المسجد الأقصى خلال الشهر الفضيل.
أم خصوصاً لجهة مساعي العدو لتدمير وإلغاء وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين/ الأونروا, واتهامها بأنها ذراع لحماس ومشركة موظفيها في عملية طوفان الأقصى, فضلاً عن القيام بحملات شيطنه وتشويه سمعة لأي زعيم دولة اومنظمة حقوقية أممية أو إنسانية, وأخرها الحملة الصهيونية المنسقة التي ما تزال فصولها تتواصل ضد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا, إذ بادر مجرم الحرب نتنياهو إلى إتهام الرئيس لولا بأنه «مُعادٍ خبيث للساميّة» ويسّتخِف بالإبادة الجماعية النازية لليهود, خلال الحرب العالمية الثانية. قائلاً بصلف ووقاحة: تصريحات لولا «تُقلل من شأن المحرقة» و«تتجاوز الخط الأحمر».
علماً أن الرئيس البرازيلي كان «أدان» عملية طوفان الأقصى, ووصفها بـ«الإرهابية» عند حدوثها, لكنه الآن وبعد مواصلة آلة القتل الصهيوأميركية حرب الإبادة والتجويع والتدمير والقصف الوحشي, ومن على منبر قمة الاتحاد الإفريقي, لم يتردد في وصف ما يقارفه النازيون الصهاينة, بأن «ما يحدث في قطاع غزة وللشعب الفلسطيني, لم نَشهده في أي لحظة أخرى في التاريخ. في الواقع ـ أضاف الرئيس لولا ـ حدثَ ذلك عندما قرّر هتلر قتل اليهود».
** إستدراك:
في كلمة بمناسبة ذكرى محارق النازي يوم 5/5/2016.. شبّه الميجر جنرال/ يائير غولان نائب رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي حينذاك,.(هو عضو سابق في الكنيست عن حزب ميرتس), العمليات العسكرية الإسرائيلية بالنازية الألمانية، وقال: إن «ما يقلقه في كل عام من ذكرى المحرقة النازية ضد اليهود، هو رؤية أمور في إسرائيل تبعث على الغثيان حصلت في ألمانيا قبل 70 عاما).
** وقد إستبعده نتنياهو في ذلك الحين, عن موقع رئيس هيئة الأركان, إثر إنتهاء خدمة الجنرال/ آفيف كوخافي في ذلك المنصب بعد تصريحاته/غولان.. الأخيرة.