أنا لم أذهب إلى قطر, لتشجيع منتخبنا....
كنت أتمنى ذلك, ولكن الظروف لا تسمح.. ترى ما هي أخبار الذين ذهبوا؟ هنالك مجموعة من الشباب ذهبوا بدافع وطني نقي, ذهبوا فعلا لتشجيع المنتخب ولكي يمارسوا وطنيتهم, ولكي يشعروا بشغف الإنتصار...
هنالك مجموعة أخرى ذهبت, فقط للإستعراض.. من أجل تصوير نفسها على المدرجات, والتباهي بالشماغ الأحمر.. وترس (الإنستغرام) الخاص بهم بالصور ناهيك عن تصوير فيديوهات تؤكد حزنهم على النتيجة, وفي النهاية هؤلاء.. تجدهم في المباريات, في المسيرات, في المؤتمرات... هؤلاء الوطنية لديهم تشبه السلعة التي من الممكن عرضها في المول, أو على (بسطة). أو على رفوف المحلات..
هنالك مجموعة ذهبت بحكم الفائض المالي, لا أكثر ولا أقل...وربما متعة التسوق لديهم وركوب الدرجة الأولى كانت أعلى من متعة المباريات..
هناك أيضا مجموعة العلاقات العامة, وهؤلاء يستغلون أي حدث للظهور فيه ويبحثون دوما عن الكاميرات, والإعلام وعن التلفزة..فقط لأجل إنتاج علاقات هنا أو هناك, أو لتمتين أمور (البزنس) فيما بعد.
لا أريد أن أقول أن كل الجمهور الأردني هناك كان من هذه الأنواع, الأغلبية التي ذهبت من هنا... ذهبت بدافع وطني خالص.. لم يكن يهمها الكاميرات, ولا التلفاز ولا التسوق..ولا تناول (الأرجيلة) في سوق واقف كان يهمها العلم والوطن.
لكن السؤال الذي أو طرحه هو: نحن بلد فقير, دخل الفرد فيه هو الأقل في المنطقة.. ونعاني من صعوبات مالية جمة, ومستويات البطالة مرتفعة.. فهل من المنطق أن يمارس البعض التصوير في هذه الرحلة, ويعرض حجم التذاكر التي اشتراها وثمنها.. وتكلفة العطر الذي اشتراه من الأسواق الحرة... والفندق الذي سكن فيه, وحجم الرفاهية...؟ وينهي رحلته بالقول: (هارد لك للنشامى)..
ما أزعجني أكثر، تفاهة بعض نجوم السوشيال ميديا..
في النهاية علينا أن نعترف, أن من بنى هذه المنظومة الكروية.. هو الأمير علي بن الحسين, هو الذي أصر على (عموتة), هو الذي ساند خيارات اللاعبين والمدرب.. هو الذي كان معهم في ذات الفندق, هو الذي ظل يجتمع معهم قبل كل مباراة..هو الذي سالت دمعته فرحا, وهو الذي كان الأقل حضورا على الشاشات.. هذا الرجل منذ (24) عاما منذ تسلمه الإتحاد الأردني لكرة القدم, وضع كل جهده فيه... والأهم أنك لم تشاهد على حسابه صورة له..أو حتى جملة عابرة, لم تشاهد لقاء على (بين سبوت).. أو حضورا على الملعب, ظل يعمل بصمت.
حين تريد أن تشرح معنى الوطنية أو معنى الإنجاز, عليك أن تراقب سلوك الأمير علي في كل مراحل البطولة, عليك أن تعرف كيف ابتعد عن الأضواء وتركها لهؤلاء الشباب الذين تعامل معهم كأنهم أولاده, عليك أن تدرك أيضا أنه هو الذي تحمل النقد وتحمل في مرحلة سابقة الهجوم على الإتحاد.. وتحمل الضائقة المالية ولكنه في النهاية أنتج حالة كروية أردنية عالمية.
شكرا سمو الأمير, وأتمنى من الاتحاد في المرات القادمة, أن تكون أمور التشجيع منوطة به وحده, نريد منه أن يرسل للخارج, من يذهبون فقط للبحث عن الإنجاز ومن يحبون كرة القدم, لأنها تمثل العطاء ولأنها تمثل الشغف بكل تفاصيله.. أما بالنسبة لمن يبحثون عن الإستعراض فأعتقد أن (مولات) عمان فيها من الماركات ما يشبع غرورهم في التصوير والتقاط (السناب شات).