كان الأصّل أنّ تكون الولايّات المتحدّة الأمريكّية منارة الحرّية و شُعاع الثقافة العالميّ منذ تأهُلها على قمّة العالم وضمّها هاوايّ كآخرّ ولايّة، كي يستقيّم المربّع خمُاسيّ النجوّم، لتقفّ مع العدّل بعد حروبٍ داخليّة حصدّت أرّواح ملاييّن البشرّ، و رغمّ أن غالبية مواطنيّها من أصّول غيرّ أمرّيكية، نستثنيّ قبائل الهنودّ الحُمرّ الذين تعرضوا لحملات تطهيرّ وقتل ما يقارب مئّة وأربعيّن مليوّن هندّي، فإنها أصبّحت خزّاناً بشرياً مستورداً من جميّع دوّل العالمّ، وهي لا تزال متربّعةً على كرُسّي العّالم، و لكنّها اليّوم باتتّ مكرّوهةً من عديّد البَشرّ حول العاّلم، ليس لأن الأمريكييّن غير لطفاء بل لأن غالبية الرؤسّاء ونوابهِّم يُصرّون على دعّم دّولٍ تنتهّج مبدّأ القمعّ كدّولة الاحتلال الإسرّائيليّ.
و المثالُ الفاضّح اليوّم هو الدعّم المفتوّح لدولة الاحتلال الإسرائيليّ، التيّ باتتّ تتحكّم فيها عصّابةً من اللصوّص، فحكومّة نتنياهو خرَقت منُذ سنواتٍ حتّى اليوّم كلُ المواثيّق الدولّية، وإنّ توقفت الحربُ على غزّة سنرّى أنهّا خلفّت استشهاد أكثّر من أربعين ألفاً، وأكثر من 75 ألف غزّي مصُاب أو أزيّد، فيما لايزّال نزّوح مليوّن و ثمانمائة ألفّ إنسّان دوُن مأوىً، و95% منهم معرضّون لخطّرّ المجاعّة، فيّما الدمّار الهّائل لا يمُكن وصّفه إثرّ قصّف الطائرّات الإسرّائيلية منُذ بدايّة الحرّب حتى وصّلت الدبّابات والجرّافات لتدكّ حرّب السمّاء والأرضّ الصهيوّنية ثلاثة أربّاع جنوّب غزّة، وترتكبُ عمليّات إبادّة جماعيّة ضّد الأطّفال والنسّاء والشيوّخ بلا أيّ عقّل أو رحمّة، فهل يُعقل أن اليهّود هكذا يفعّلون؟
لقدّ أصدرّت محكمّة العدّل الدوليّة وهيّ أعلّى محكمّة عالميّة فيّ العّالم قرّاراً يأمّر إسرّائيل بوقّف ارتكابّ أعمّال الإبادّة الجماعيّة في غزّة ضّمن وقائعٍ دامغةٍ للوحشيّة التي يتفنّن بهّا حُكّام إسرائيّل دوّن أيّ رأفّة ورحمّة، وكأنهّم يعيدّون مشهّداً آخر مِن مشاهدّ محارّق النازيّة التي يدعّونها، حتى المثقفوّن والأدبّاء والصَحافيون الإسرائيليون الذيّن كانوا يدافعّون أحياناً عن الفلسطينيّين مقابل الهمجّية البرّبرّية ضدّهم، انقلبّوا على الفلسطينيّين و على أبنّاء غزّة، على الأطفّال والأمهّات القتّلى أو الثكّلى والعجّائز، حيّث باتّ المشّهد يترّجم معرّكة هرمجدّون المنُتظرة.
اليوّم لا يزّال الخّطر يتزّايد فيّ إبادّة جماعيّة كلّ ساعة تمتنعُ فيّها دوّلة الاحتلال عن تنفيّذ قرّار المحكمّة، و ذلكّ يجب على حكومّة الولاياّت المتحّدة ورئيسهّا » جو بايدن» أن لا يدُس رأسَه برّمال غزة فهو الحليّف الأكبرّ لحكومّة نتنياهو و عليه أن يُقرّ بتنفيذ أمرّ المحكمة لا الانتقاصّ من قرارّها، والجميّع باتوا يعلمّون أنه قاربَ على خسارّته للانتخابات القادمّة إذا ما بقيّت الحرّب على غزة دون وقف عمليّات جيشّ الاحتلال، وهو يرى بعينهِ ويسمَع كيف هي التظاهرّات العالميّة العارمّة حتى في أمرّيكا، كيف ترفع مِن وتيرّة الاحتجاجّات وإطلاّق حمّلات المُناصرّة والحمَلات الإعلامّية حوَل العالّم الذيّ اكتشف أخيراً أنّ ما تسُمى إسرائيّل باتّت قرناً للشيّطان تحت سلُطة نتنياهو وأعوانِه من شرّق وغربّ.
نعمّ الجميع يعرّف أنّ غزة تعرضّت ولا تزال تتعرّض لتدميرٍ ممنهّج من قبِل حكوّمة الاحتلال وهذا ما يريّده نتنياهو، والقتل بلا حدوّد، وانفصّال الأطفال عنّ آبائهم أو فقدّوا أحداً من أفراد أسرّهم في حرّب نتنياهوـ بايدن، في ظلّ نزُوح أكثّر من مليوّن و800 ألفّ غزّي جنّوباً وكشفّ المتُحدّث باسم اليونيّسف في الأراضّي الفلسطيّنية «جوناثان كريكس»، إن تقديرّات وكالتهِ تشُير إلى أنّ أكثّر من مليوّن طفلٍ يحتاجّون إلى الصحة العقلية والمساعدة النفسية وأضّاف أنّ هذا العدّد تضَاعف تقريبًا منُذ بدء الحرّب على قطاعّ غزة، منوهاً إلى أن الصّحة العقليّة للأطفال تتأثر بشّدة،
مضيفاً «إن أولئكّ الأطفال باتتّ تظهرّ عليهّم أعراضٌ عاليّة للغايّة من القلّق المسُتمر وفقدان الشهيّة وعدّم النوَم، كما يعُانون من نوبّات انفعّالية أو ذعّر في كل مرّة يسمعّون فيها التفجيّرات».
نعم ّإنهمّ عصابّة من اللّصوص يجلسّون على قمّة الأرضّ غير مباليّن بأيّ دولّة في العالم، فهيّ دولّة الباطّلّ التي ستزوّل عما قريبّ إذا بقيتّ هكذا.