أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

'إسرائيل' تهديد للأمن القومي العربي.. نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة يكتب


راكان السعايدة
نقيب الصحفيين الأردنيين

'إسرائيل' تهديد للأمن القومي العربي.. نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة يكتب

راكان السعايدة
راكان السعايدة
نقيب الصحفيين الأردنيين
مدار الساعة ـ
الدولة العربية التي تظن أن أمنها القومي بمنأى عن تداعيات العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة، وتظن أنها محمية بقوتها الذاتية، هي حتماً دولة تتوهم ذلك، وتتوهم أن بمقدورها الإفلات من التبعات.
فإذا كان قطاع غزة مركز القتال الرئيسي، فإن ساحات لبنان وسوريا واليمن، والأهم الضفة الغربية، لا تقل أهمية ولا خطورة، وهي ساحات مرشحة لتصبح ساحات قتال رئيسية مختلفة الحدة.
هذا معناه أن المنطقة العربية مرشحة لحرب إقليمية لن تتوقف تبعاتها وآثارها عند حدود هذه الساحات، وإنما ستتجاوزها لتصيب بمستويات مختلفة كل دولها، أشاركت في هذه الحرب أم كانت متفرجة.
الأمن القومي العربي في إطاره الشامل، والأمن القومي لكل دولة مهدد فعلياً لا نظرياً ويواجه مخاطر توسع القتال على نطاق جغرافي أوسع مما هو عليه الآن.
وفي مثل هكذا حال فإن دولاً عربية قد تواجه تهديداً وجودياً جدياً وحقيقياً لا متخيلاً.
فـ"إسرائيل"، التي تشعر أن وجودها مهدد، لن يهمها وجود الآخرين، ولن تقيم وزناً لغير أمنها ونفوذها وهيمنتها، وتزداد خطورتها مع الأسباب الشخصية عند بنيامين نتانياهو، و"العقائدية" عند حلفائه المتطرفين لمواصلة الحرب وتوسيعها.
ما الذي يجب أن يقال..؟
ما يجب أن يقال للدول العربية، بلا استثناء، أن حماية أمنها القومي لا يأتي بالأمنيات والدعوات، ولا تجلبه الإدانات والاحتجاجات.
وأي دولة تعتقد أن بمقدورها تأمين أمنها القومي بمعزل عن الأمن القومي العربي الكامل، هي بلا شك دولة تعاني مشكلة إدراك ووعي، لأن "أثر الفراشة" سيجلب لها التداعيات والأكلاف مهما نأت بنفسها وظنت أنها بمأمن.
والدول العربية، أي دولة، تراهن على أن أميركا تحميها، وتؤمن لها أمنها القومي، عليها أن تدرك أن أميركا لم تعد هي أميركا، فوجودها وكل أصولها في المنطقة مهددة ومستهدفة، ولديها مشاكلها الداخلية (تكساس نموذجاً)، ونفوذها العالمي يتآكل، وليس لديها مشكلة في التخلي عن حلفائها، وبعض نتائج ما سمي "الربيع العربي" ماثلة وشاهدة.
ثم إن أميركا وتجاربها في الحروب في السنوات الأخيرة يجب أن تكون سبباً في القلق، وتثير سؤالاً: ماذا فعلت في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا، وماذا حققت وما حال هذه الدول الآن..؟.
إذن، فبعد نحو أربعة شهور على حرب الإبادة والعدوان الإجرامي "الإسرائيلي" على قطاع غزة، من المفترض أن تكون الدول العربية، بشكل جماعي أو فردي، قد أجرت تقييمات موضوعية دقيقة لمواقفها ونتائج هذه المواقف على أرض الواقع.
وأن تتفحص ما إذا نجحت مواقفها السياسية والدبلوماسية أم أخفقت في لجم الكيان ودفعه إلى وقف عدوانه. ومثل هذا التقييم، إن تم على نحو صحيح، لا بد أن يخلص إلى أن كل ما فعلته الدول العربية لم يحقق شيئا ولم يترك أثراً على الإطلاق.
والأسباب:
أولاً: الدول العربية متفرقة وليست على قلب رجل واحد، ولا تنظر إلى أمنها القومي كوحدة واحدة، فمواقفها متفاوتة وأحياناً متضادة، والعلني غير الخفي. لهذا لا يوجد في الواقع أي موقف عربي جامع مانع وحقيقي مؤثر.
ثانياً: الدول العربية ملتزمة بعلاقاتها وتفاهماتها مع الولايات المتحدة الأميركية، ولا تستطيع أن تغادر هذا الالتزام، كرهاً أو حباً، فهي متماهية معها حتى لو كان ذلك على حساب مصالحها وأمنها القومي.
ثالثاً: الدول العربية، أو بعضها، ما تزال تعتقد أن "إسرائيل" حليف موثوق في مواجهة إيران ووكلائها، وهذه الدول لا تريد أن تصدق أن كيان "إسرائيل" هُزِم، وهو في حالة تداعٍ وتشظٍّ، وثبت أن قوة الردع وهمٌ وخداع، ومهما فعلت لن تغير نتيجة هزيمتها الاسترتيجية.
رابعاً: الدول العربية قدمت العداء للمقاومة على متطلبات أمنها القومي، فصار كل ما يشغلها هو المراهنة على تصفية المقاومة واستئصالها، ولم تنتبه هذه الدول إلى أن مخاطر "إسرائيل" عليها أكثر بكثير من بغضها للمقاومة.
خامساً: تدرك "إسرائيل" الواقع العربي جيداً، وتقف على حسابات كل دوله فيه، وتعي أن التناقضات البينية العربية تمنع وحدة الموقف على نحو يتيح لها أن تستبيح غزة والضفة ولبنان وسوريا والعراق واليمن، وربما أكثر.
إن هذه الواقع المؤلم، بحساباته الضيقة والصغيرة جعل الأمة العربية مستباحة، ومكّن لأعدائها من أن يتجبروا بها، وبكل خياراتها ومقدراتها، ويتعاملوا معها بوصفها مجرد حديقة خلفية، لا حول لها ولا قوة.
واليوم، إذا ما أرادت هذه الأمة حماية أمنها القومي، وحماية ذاتها ووجودها في ظل التهديدات الجدية، فما عليها إلّا أن تغير مواقفها من العدوان على قطاع غزة، وأن تغادر مربع الأمنيات والإدانات الرخوة إلى موقف جماعي جدي يضع أميركا أمام خيار من اثنين؛ إما وقف العدوان لتضمن بقاء تحالفها العربي واستمراره، وإما مواصلة دعم الكيان وخسارة هذا التحالف.
هذا يتطلب من الدول العربية لغة سياسية قوية غير موارِبة، فيها حزم وحسم، وحتى تهديد بالتدخل في الحرب، إن لم يكن من أجل إنقاذ أهل غزة من حرب الإبادة، ومن أجل مستقبل القضية الفلسطينية، فعلى الأقل من أجل أمنهم القومي، ومن أجل شرعيتهم ومشروعيتهم..
مدار الساعة ـ