بكل وضوح، يمثل المشهد المتواصل على حدودنا الشمالية حالة حرب حقيقية مفتوحة بكامل التعبئة العسكرية، ضد ميليشيات مرتبطة بقوى إقليمية لا هوادة فيه، معروفة الولاء والانتماء والإرتباط ، تستهدف هذا الحمى العربي الهاشمي أمنا وكياناً ومصالحاً ومواقفاً، وإضعاف إمكانات وقدرات الدولة الأردنية ومشاغلة مؤسساتها السيادية، وفي مقدمتها قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية.
ما يحصل اليوم أخذ أبعاداً جديدة ومتطورة من الحرب على عصابات وميليشيات المخدرات والأسلحة، فالأمر يتعدى كونه تهريب مخدرات، فقط، بل حرب عسكرية عدائية كاملة الاهلية تجاه الأردن من قبل هذه الميليشيات المحسوبة على النظام السوري المغلوب على أمره، لذا سيذهب الأردن بأقصى درجات الحزم وبكل الوسائل لحماية حدوده وللتعامل مع الموضوع كما هو.
الصورة لا تحتمل التأويل، إيران هي التي ترعى هذه الميليشيات الطائفية الموجودة على الحدود الاردنية السورية، أمام تواطؤ واضح وقديم ومتجدد من قبل الدولة السورية، وهذا مرده، أن الأردن مستهدف كدولة، لأنه الأكثر استقراراً في المنطقة والمدافع عن القضية الفلسطينية ومقدساتها، ما يعني أن أيران لديها عقدة من الأردن كونها لم تستطيع اختراقه وتشكيل مليشيات فيه، وهذا الموضوع واحدا من أدواتهم التي تهدف الى استنزاف الأردن والحاق الأذى فيه.
وبلغة واضحة وصريحة، إيران لا تستطيع أن تقنع حتى السذج أنها تقف حقا في خندق أعداء الأمة العربية والإسلامية، في الوقت الذي تدعم وترعى حرب استنزاف ضد بلد عربي أصيل مستهدف بالاطماع الصهيونية التوسعية، والذي أثبت تاريخه الطويل انه الأصدق والأقرب إلى فلسطين والقدس، والأمين في حمل رسالته التايخية والقومية.
لذا، ما يجري من تصعيد عدواني هو نتيجة الفوضى الموجودة وإنفلات السلطة السورية على الحدود الشمالية الذي يؤدي إلى نمو وسيطرة بعض الميليشيات والجماعات التي تقود حربا إقليمية وتصدر المخدرات للأردن وتريد أن تصدرها لدول الخليج ودولا عربية.
إذاً، القضية إشكالية كبرى ليست أردنية فقط بقدرما هي مشكلة إقليمية قد تتحول الى دولية وجزء من الصراع الذي تقوده هذه المليشيات التي تستهدف أمن واستقرار الأردن الذي سبق وتحدث مع القيادة السورية في هذا السياق، لكن دون أي إية اجابه، إنما كانت تتحدث عن الفساد والفوضى في سوريا، وهذا أمرٌ مرفوض وغير مقبول من القيادة السورية.
وهُنا أريد ان أوضح أن الأردن ومنذ أن تأسس يقف على الجبهة، وجاهز دائما للدفاع عن نفسه، متى واجهته العاديات، الأردن وطن له جيش يحميه لا يمكن أن يخاف من صورة حفرة على حدودنا الشمالية هنا او هناك، أو يقبل عابرين يلوكون لحمه في الصباح والمساء، أو يرضخ لمن يلبس الخوذات المغشوشة، أن يستقووا او يزاودوا عليه.
وعليه رسالتنا اليوم للقوى الإقليمية التي تحرك تلك العصابات الاجرامية والميلشيات الطائفية، أن أمن الأردن واستقراره خط أحمر، وسنبتر كل يدٍ تحاول النيل من هذا الوطن، ونقول لنشامى قواتنا المسلحة اضربوا بيد من حديد ونحن معكم، وستفشل كل محاولات تلك الجماعات ومن يحركها من قوى إقليمية.
ما يقوم به جيشنا الباسل من جهود جبارة عظيمة على حدودنا الشمالية يصب أيضا، في مصلحة الأشقاء في الدول العربية المجاورة، مما يستدعي إيلاء الإهتمام اللازم لما يجري، باعتباره ذا علاقة عضوية مباشرة بالأمن الوطني والعربي الجماعي، وما يتطلبه من دعم واسناد للأردن في هذه الحرب المفتوحة .