منذ أسبوعين وأنا أتلقى دورات في اللهجة الفلسطينية, أتابع مدونات أهلي (الخلايلة) وصفحاتهم على الفيس بوك, في الخليل حين يسأل أحدهم عن وظيفته يقول لك: (بسترزء) هذا إذا كان عمله حرا وليس محددا..أنا صرت حينما يسألني أحدهم عن وظيفتي أقول: (بسترزء)...
حتى أنني أثناء الحلاقة استبدلت كل أغاني نجاة ومحمد عبدالوهاب بالتراث الفلسطيني, أولادي صاروا يستغربون مني حين أغني: (كومي اركصي يا ام احمد في ابريك الزيت الله ايخليلك إحمد–بكسر الألف- عامود البيت)...
وحين أتحدث من مع سائق (الأوبر) ويسألني عن أصلي, أحيانا أقول له من العباسية, وأحيانا من دورا الخليل..وأحيانا من (كباطيا)..لا أقول قباطيا بل (كباطيا)..وذات مرة قلت لأحدهم حين سألني أنني من نابلس, فأعاد السؤال: (من نابلس المدينة ولا القضا)..أجبته من نابلس المدينة, وحتى لا يغرق في الأسئلة وتكتشف الكذبة قلت له: بتعرف صبيح المصري؟..فأجاب بنعم, فرددت على الفور: صبيح بصير خالي...كان رده: (طيب ما داموا خالك ليش ما يشتريلك سيارة بدل ما تركب معنا).
اللهجات الفلسطينية, كانت من أهم المشاريع التي قاومت الإحتلال..والتي رسخت الهوية, والأهم أنها متوارثة...بحيث أن الفلسطيني الذي غادر إلى كندا سنة (1970) أورث اللهجة لأحفاده, ومازالوا يتحدثونها بطلاقة..بالرغم من أن أقدامهم لم تطأ فلسطين منذ أن ولدوا.
فلسطين ليست أرضا وقضية فقط.. هي لهجة وثقافة وهي أهم مشاريع الهوية في العالم..وأكثر ما يمسح الحزن عن قلبي, مشهد الذين يقفون خلف المايكريفونات...حين يريدون الحديث, عن الصمود والفداء...اللهجة الغزاوية على ألسنتهم تكون أشبه بطلقات (الكلشن كوف) وأقرب إلى وتر يداعب الروح...
الكيان الصهيوني لم يستطع أن يهزم اللهجة الفلسطينية, وانتصرت عليه في كل المراحل..فهل يجرؤ هزيمة شعب ما زال الطفل فيه ينطق (الغزاوية) الفصحى بأجمل من كل... من عزفوا على العود منذ اختراعه؟.
تكلكوش.