لعل السؤال الأبرز هو كيفية تحقيق التوازن بين استقطاب العمالة الأجنبية، التي تعد ضرورية لبعض القطاعات، وضمان توفير فرص عمل كافية للأردنيين، خاصة ان البعض يرى ان هنالك تناقضات حادة، مع وجود معدل بطالة يتجاوز 22 % ومن ناحية اخرى توجد عمالة غير أردنية بأعداد كبيرة، المرخص منها بلغ 282453 ألف عامل، بما في ذلك 90 ألف تصريح للعمالة السورية وحدها في عام 2023، في ظل أن الشباب الأردني من صعوبة العثور على فرص عمل. الوضع الاقتصادي في الأردن يواجه تحديات جمة، خصوصاً فيما يتعلق بسوق العمل والبطالة، مما تبرز الحاجة إلى استراتيجية متكاملة لإعادة تنظيم سوق العمل.
وفي المقابل، تبذل وزارة العمل جهوداً مهمة لتحسين ظروف العمل وضمان السلامة والصحة المهنية، كما يتضح من إصدار أنظمة جديدة تهدف إلى تعزيز بيئة العمل في القطاع الخاص. هذه الخطوات تعكس توجهاً إيجابياً نحو تحسين جودة العمل وحماية العمال. بيد أن هذه الإجراءات، رغم أهميتها، لا تتطرق بشكل مباشر إلى المشكلة الأساسية المتمثلة في البطالة المرتفعة بين الشباب الأردني، حيث تتواجد عمالة غير أردنية بأعداد كبيرة يثير تساؤلات حول سياسات العمل وإدارة سوق العمل، والحاجة ماسة لتطوير استراتيجيات توظيف تركز أكثر على توفير فرص عمل للأردنيين. في هذا السياق، تبرز أهمية الأنظمة الجديدة مثل نظام العمل المرن والمكاتب الخاصة لتشغيل الأردنيين كخطوة نحو توفير فرص عمل مرنة ومتنوعة، الهدف من هذه الأنظمة هو تسهيل دخول الأردنيين إلى سوق العمل وتوفير بدائل عملية للتحديات الراهنة.
التعاون الدولي، كما في الاتفاقية مع الجانب الألماني لتسهيل تشغيل الأردنيين، يمثل أيضاً خطوة مهمة في هذا الاتجاه، اذ إنه ومن خلال هذا التعاون، يمكن توفير فرص تدريب وتأهيل مهني تساعد الأردنيين على تطوير مهاراتهم وزيادة فرصهم في الحصول على عمل.
التحدي الأكبر يكمن في تحقيق التوازن بين الاستفادة من العمالة الأجنبية وتقليل البطالة بين الأردنيين، مما يتطلب جهوداً متضافرة واستراتيجيات شاملة تتضمن تحسين السياسات العمالية، وتعزيز الفرص التعليمية والتدريبية، وتحفيز الاستثمار في قطاعات توفر فرص عمل جديدة. والاهم من ذلك، لا بد من توجيه نظر صناع القرار نحو إيجاد حلول مستدامة تضمن تحقيق النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل كافية للأردنيين، مع الحفاظ على جودة وسلامة بيئة العمل. الحلول المحتملة تتطلب نهجاً متعدد الأبعاد، يشمل تحسين قوانين العمل لتشجيع توظيف الأردنيين، وتطوير برامج التدريب والتأهيل المهني لتلبية متطلبات السوق، بالإضافة إلى تعزيز الرقابة على سوق العمل للحد من العمالة غير المرخصة، ومن الضروري أيضًا إعادة النظر في السياسات الاقتصادية لتحفيز النمو في قطاعات يمكن أن توفر فرص عمل للشباب الأردني، وخاصة في مجالات الابتكار والتكنولوجيا.
وفي الختام، يجب على الأردن معالجة هذه التحديات بشكل استراتيجي وشامل لضمان نمو اقتصادي يشمل جميع فئات المجتمع.