أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

تصفية 'الأونروا'.. نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة يكتب


راكان السعايدة
نقيب الصحفيين الأردنيين

تصفية 'الأونروا'.. نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة يكتب

راكان السعايدة
راكان السعايدة
نقيب الصحفيين الأردنيين
مدار الساعة ـ
في العام 2018 أوقف الرئيس الأميركي السابق والمرشح "الجمهوري" الأوفر حظا في انتخابات الرئاسة العام الحالي دونالد ترمب تمويل وكالة غوث وتشغيل اللأجين "الأونروا" بوصفها "عقبة في حل الصراع".
والآن، تطل علينا إدارة جو بايدن "الديمقراطي" بقرار تعليق تمويل الوكالة على وقع زعم "إسرائيل" أن موظفين فيها شاركوا في "طوفان الأقصى"، ولحقت بها كندا وإيطاليا وبريطانيا وأستراليا وفنلندا، وقد تأخذ دول أخرى خطوات مماثلة.
في عهد ترمب نجح الأردن في مجابهة الاستهداف الأميركي الإسرائيلي لـ"الأونروا"، وتمكن عبر نشاط سياسي ودبلوماسي دولي استثنائي من تأمين التمويل اللازم للوكالة كي تواصل عملها.
آنذاك أدركت عمّان أن هدف الخطوة الأميركية هو التخلص من رمزية "الأونروا" وما تمثله، بوصفها شاهداً على إحدى أشد الأزمات الإنسانية بؤساً التي خلّفها الاستعمار الغربي، وإطارا أمميا يديم ملف اللاجئين ويبقيه حيا حتى بحثه وتسويته في مفاوضات الحل النهائي.
أي أن هدف أميركا و"إسرائيل" بالأساس هو تصفية الوكالة وإخراجها من خدمة مناطق لجوء الفلسطينيين في الأردن والضفة الغربية وغزة وسوريا ولبنان كمقدمة لعملية توطين واسعة تنهي ملف اللاجئين نهائيا وتغلق ملف القضية الفلسطينية.
فرفض "العودة" مسألة محسومة "إسرائيليا" وبغطاء أميركي، وهما لا تضعان خيارا أمام دول اللجوء إلّا بتوطين اللاجئين لديها وتعويضهم، أما العودة وفقا لقرارات الشرعية الدولية فلا حظ له في قاموس الخيارات السياسية.
والاستهداف الممنهج لوكالة "الأونروا" لا يمكن فهمه أيضا خارج سياق تصفية ملفات الحل النهائي واحدا تلو الآخر، فبعد أن قررت إدارة ترمب اعتبار القدس (المحتلة) عاصمة موحدة للكيان ونقل سفارتها من تل أبيب إليها، واعترافه بالمستوطنات الصهيونية وبأنها لا تخالف القانون الدولي، شرع في حينه بخطوة لم تكتمل لطي ملف اللاجئين بطي "الأونروا".
ما لم يكتمل في عهد ترمب ها هو بايدن يشرع بالتحضير لإكماله، وقد يعود ترمب في الانتخابات المقبلة لينجزه كليا، في إطار ترجمة متطلبات "صفقة القرن" التي سيعود ليبعث الحياة مجددا في أوصالها.
الذي يثير، أو يفترض أنه يثير القلق هذه المرة، أن دولاً تعد ممولة رئيسة لـ"الأونروا" تماهت مع أميركا و"إسرائيل" في تعليق تمويلها، وهو لم يحدث إبان إدارة ترمب.
وهذا التعليق للتمويل، وإن وصف بأنه مؤقت، فلن يعود قريبا، وحتى لو عاد فلن يحدث ذلك قبل أشهر طويلة، ما يعني أن بعض عمليات الوكالة ستتوقف، وبعضها الآخر سيتقلص ويتقلص، ما سيفاقم أوضاع اللاجئين والدول التي تستضيفهم التي هي أصلا تعاني أزمات اقتصادية كبرى.
الأكيد أن "إسرائيل" ستستغل فترة التعليق المؤقت لتمويل الوكالة كي تقنع الدول ذات الصلة بتحويله إلى تعليق دائم، وسيكون هذا أساس تفكيرها ونشاطها، وستسوّق لذلك مبررات من كل الأنواع، وعلى رأسها تعميق قصة مشاركة موظفين في الوكالة بـ"طوفان الأقصى".
فهذه الشماعة التي أسست عليها الدول التي علقت تمويلها موقفها وستنشط "إسرائيل" بتزوير تفاصيل وحيثيات وقرائن لتؤكد زعمها، وعندها ستجد هذه الدول صعوبة شديدة في وقف التعليق إلاّ إذا توافرت على أدلة تؤكد زيف ادعاء الكيان.
والملفت أن إدارة الوكالة بدت وكأنها تقر بصحة الزعم الإسرائيلي بدون تحقيق وتثبُّت وقررت إنهاء خدمات عدد من موظفيها، وهي ذاتها الوكالة التي تخلت عن مسؤولياتها في شمال القطاع وتركت اللاجئين هناك يواجهون مصيرهم.
لذلك، هذه الوكالة يجب أن لا تترك هكذا، وإلا تعمقت شراكتها غير المكتوبة مع الكيان ورعاته إما لتصفيتها أو إعادة صياغتها بمقاسات "إسرائيل" بالكامل.
لذا، لا بد وأن ينشط كل من الأردن والسلطة الفلسطينية وسوريا ولبنان على وجه السرعة في بناء موقف عربي ودولي لمواجهة مشروع اليمين المتطرف حيال الوكالة، يعمل على:
أولا: منع تصفية "الأونروا" وتأكيد أن قضية اللاجئين من قضايا الحل النهائي ومحمية بقرارات شرعية دولية.
ثانيا: شن حملة اتصالات سياسية ودبلوماسية للحؤول دون تعليق دول أخرى تمويل الوكالة، وتكون البداية مع الدول المرشح التحاقها بالموقف الأميركي، مثل اليابان.
ثالثا: تنشيط الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية للتصدي لتصفية "الأونروا" والتركيز على دورها الإنساني، ومعناه السياسي.
رابعا: تأمين التمويل الكافي من مصادر مختلفة لتعويض ما ستحجبه الدول المعلِّقة لحصتها كي لا تتعطل عمليات الوكالة في أماكن اللجوء.
هذه الخطوات العاجلة ضرورية ولا تهاون فيها أو تراخي، ليس فقط لإدامة عمل الوكالة وخدماتها، بل الأهم وهو إدامة قضية اللاجئين على الطاولة على قاعدة "العودة والتعويض".
ببساطة شديدة، إذا نجحت "إسرائيل" وأميركا في تصفية "الأونروا"، فلا معنى لذلك إلاّ تصفية ملف اللاجئين على حساب الدول المستضيفة.. تصفية في سياق تصفية كل قضايا الحل النهائي.
مدار الساعة ـ