أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها الأولي المستعجل في قضية جنوب أفريقيا ضدّ "إسرائيل"، حول قيام "إسرائيل" بانتهاك اتفاقية "منع إبادة الجنس البشري " الصادرة عام 1951، والتي تشترك فيها كلّ من "إسرائيل" وجنوب أفريقيا.
وفي قراءة أولية للقرار الصادر عن المحكمة الدولية أنها قبلت قضية جنوب إفريقيا شكلا وموضوعا وردت دفوع إسرائيل برد الدعوى وعدم الدخول في أساس الدعوى، ووجدت أنه يحقّ لجنوب أفريقيا مساءلة "إسرائيل" بشأن عدم التزامها باتفاقية منع الإبادة الجماعية، وبالتالي، للمحكمة السلطة في اتخاذ تدابير ضدّ أي ضرر وخطر قائم، ويمكنها السير بالدعوى حسب الأصول القانونية المتبعة والسماع للبينات والمرافعات وإصدار حكم نهائي.
ووفق مضمون ومنطوق القرار المستعجل أن "إسرائيل" ستخضع للمحاكمة في هذه القضية والتي تعد سابقة في تاريخ إنشاء الكيان الصهيوني تحاكم إسرائيل عن جرائمها - منذ عام 1948 - وباتت "إسرائيل" متهمة وعرضة للمساءلة أمام القانون الدولي.
المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية على المحك وسيسأل عن سياسة الكيل بمكيالين تلك التي تتعامل فيها أمريكا والغرب الداعم لإسرائيل ولم تعد إسرائيل بمنأى عن المساءلة القانونية الدولية وهي ليست فوق القانون كما كانت تدعي وحلفاؤها ، مما يتطلب من المجتمع الدولي سرعة التحرك ووقف الإبادة الجماعية وفق نص ومضمون القرار ، حيث أقرّت المحكمة أن الفلسطينيين هم "جماعة" محمية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، كما ارتكزت إلى أحاديث رسمية من قبل مسئولين إسرائيليين تثبت "النية الإسرائيلية" بإبادة الفلسطينيين في غزة.
وهذا الإقرار بأنّ الفلسطينيين "جماعة" لها كبانيتها وهويتها ووجودها له مفهوم ودلالة كبيره على الحقوق التي يجب أن تتمتع به الجماعة من حماية وغيرها وخضوع الجماعة للقرارات الدولية بما فيها اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة ولائحة لاهاي ، إضافة إلى تأكيد المحكمة "وجود نية إسرائيلية" تثبتها التصاريح الرسمية الإسرائيلية من قبل الرئيس الإسرائيلي ووزراء ومسئولين إسرائيليين، تكون المحكمة قد وصلت لحد القناعة بوجود نية لدى المسئولين الإسرائيليين لارتكاب جرم الاباده الجماعية ، وبموجب المادة الـ 2 من اتفاقيّة منع جريمة الإبادة الجماعية، التي استندت إليها المحكمة في قرارها والنظر في القضية بموجبها ،
واستنادا إلى ما أوردته رئيسة المحكمة من أعمال قامت بها "إسرائيل" في غزة، والاقتباسات التي نقلتها عن مسئولين في الأمم المتحدة والوكالات الدولية، فإن "إسرائيل" ارتكبت "عمداً" معظم هذه الأعمال، وكانت لديها "النيّة المسبقة" للقيام بتلك الأعمال "لإهلاك الجماعة كلياً أو جزئياً".
هذا القرار وما تتضمنه من حيثيات ووقائع ونية مسبقة أوردتها المحكمة وتتضمنه منطوق قرارها ، تعتبر تاريخية وسابقه في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، وستكون علامة فارقة ومرتكزاً قانونياً، إذ إنها ستشكّل معياراً لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التي تنظر في قضية فلسطين من ناحية المسؤولية الجنائية أن تتخطاها. وسيكون من الصعب على المحكمة الجنائية الدولية (إذا استمرت في القضية ضد إسرائيل) أن تتنكّر للإثباتات التي أوردتها محكمة العدل الدولية.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "كريم خان" الذي سبق له القيام بزيارة "إسرائيل" وأطلق تصريحات أقلّ ما يقال فيها إنها ساوت الضحية بالجلّاد، متجاهلا انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي وخرقها لكافة الاتفاقيات الدولية وأن ما تقوم به قواتها ومستوطنيها في حربها على غزة والضفة الغربية والقدس يرقى لمستوى شبهة ارتكاب جرائم حرب . وهناك وقبل قرار المحكمة الدولية تقاعس حقيقي من قبل مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في ملفات عديدة تتهم إسرائيل بارتكاب شبهة جرائم حرب
قرار المحكمة وفق نصه ومدلوله وحكمه يفرض التزامات قانونية دولية على إسرائيل، وأن عليها ضمان توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة في قطاع غزة بشكل فوري ، وعلى الرغم من أن المحكمة لم تدع بصريح العبارة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة الا أنها طالبت إسرائيل بالتأكد من أن جيشها لا يرتكب جرائم حرب، واتخاذ إجراءات لمنع التأجيج على الكراهية وارتكاب الإبادة الجماعية وتوفير الخدمات الأساسية للفلسطينيين ووقف تدمير بيوتهم وضمان توفير المساعدات والاحتياجات الإنسانية لهم ومنع تدمير شهادات ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية ورفع تقرير بالتزامها بهذه الإجراءات في غضون شهر واحد.
المحكمة أصدرت قرارها و لم تملك أداه تنفيذيه لتنفيذ إجراءاتها وقرارها بشأن التدابير الاحترازية المؤقتة التي طلبتها جنوب إفريقيا ، وستنكب المحكمة بعد اليوم على النظر في دعوى ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد الفلسطينيين وانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية وهو أمر سيستغرق النظر فيه سنوات.
وبات مطلوب من مجلس الأمن ترجمة القرارات والتدابير الاحترازية الذي تضمنه قرار محكمة العدل العليا إلى واقع ملموس وبذل الجهود الدولية لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية ورفع الحصار عن غزه ومنع الترحيل وعودة السكان لمنازلهم ، لان تنفيذ القرار مسؤولية دوليه وهو صادر عن أعلى مؤسسه دوليه ؟؟ بانتظار ما ستسفر عنه اجتماع مجلس الأمن الأربعاء الذي يُعقد بطلب من الجزائر "بغية إعطاء قوة إلزامية لحكم محكمة العدل الدولية في ما يخص الإجراءات الموقنة المفروضة على الاحتلال الإسرائيلي" وهنا تحديدا سوف تظهر القوى صاحبه الفيتوا على حقيقتها أمام اخر طلقه في مؤسسات العدل الدوليه