في ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية وحتى الصحية والتقلبات المستمرة، تبرز قصص النجاح التي تحتذى بها.
في هذا السياق، يأتي الأردن كمثال حي لكيفية التعامل مع الأزمات بكفاءة وفعالية، إذ تسلط تجارب وزارة الصناعة والتجارة الضوء على الأساليب الناجحة في حماية الأسواق والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، خاصة في ظل الظروف الراهنة من حرب الإبادة الإجرامية وما يحدث في البحر الأحمر، وما قبلها من تحديات مثل جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
جائحة كورونا من الأزمات الكبرى التي واجهت العالم بأسره، مسببة اضطرابات واسعة في سلاسل التوريد العالمية، وفي توافر السلع الأساسية، في هذا الإطار، سطر الأردن قصة نجاح مهمة، حيث استطاع تجاوز الأزمة بنجاح، وذلك بفضل توجيهات جلالة الملك، وبجهود وزارة الصناعة والتجارة، تمكن الأردن من تأمين الاحتياجات الأساسية لمواطنيه والمقيمين فيه، محافظًا على استقرار الأسواق وتوفير مخزون استراتيجي من السلع الغذائية، خصوصًا القمح والشعير.
الأردن لم يواجه تحدي جائحة كورونا على الجانب الصحي فحسب، بل تعداه إلى تأمين الاستقرار المالي والاقتصادي، ثم واجه أيضًا الحرب الروسية الأوكرانية من ناحية إنتاج القمح وتدفقه إلى الأسواق، ورغم هذه التحديات، أظهرت الدولة قدرة عالية على التكيف والمرونة.
إحدى الخطوات الرئيسية في استجابة الأردن لهذه الأزمات في التركيز على الأمن الغذائي، حيث استطاعت الحكومة، من خلال تنفيذ سياسات محكمة وفعالة، الحفاظ على مخزون استراتيجي من السلع الغذائية الأساسية وتأمين الاحتياجات الضرورية للمواطنين، هذا ليس فقط يعكس القدرة على التخطيط السليم والتنفيذ العملي، بل يبرز أيضًا الأهمية القصوى للأمن الغذائي كعامل أساسي في استقرار الدول ورفاهية شعوبها.
وفي سياق التحديات الاقتصادية، برزت الإدارة الأردنية في التحكم بمعدلات التضخم خلال العام 2023، حيث سجل الأردن معدل تضخم بلغ 2.1 في المائة، وهو من بين أقل معدلات التضخم المسجلة في المنطقة والعالم، إذ ان هذا الإنجاز ليس مجرد رقم اقتصادي جاف، بل يعكس قدرة الدولة على تحقيق استقرار اقتصادي نسبي في بيئة عالمية مليئة بالتحديات.
السبب وراء هذا النجاح يعود إلى سلسلة من الإجراءات الفعّالة التي اتخذها البنك المركزي، في موازاة دور وزارة الصناعة والتجارة، إذ كانت عمليات الرقابة على الأسواق أحد الأعمدة الرئيسية في هذه الاستراتيجية، حيث عملت الوزارة على التجاوب السريع مع نداءات المواطنين وتلقي شكاواهم، مما ساهم في تحقيق التوازن بين حقوق المستهلكين ومصالح التجار.
ومن ناحية أخرى، يستحق القطاع التجاري في الأردن الإشادة لالتزامه بمعايير حماية المستهلك وعدم رفع الأسعار بشكل غير مبرر، حيث أظهر التجار وعيًا بالمسؤولية الاجتماعية، حيث حافظوا على الأسعار ضمن مستويات معقولة، على الرغم من التحديات الاقتصادية الراهنة، إذ ان هذا التعاون بين الحكومة والقطاع التجاري أدى دورًا حيويًا في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وحماية المستهلك.
وفي ظل الظروف الراهنة، اليوم، وزير الصناعة، يوسف الشمالي، يتابع ميدانيا تخزين الحبوب والمواد الغذائية وضمان الكفاءة التخزينية، وذلك للحد من ارتفاع تكاليف الشحن والحفاظ على استقرار الأسعار في السوق المحلي.
لا يقتصر الأمر على الإجراءات العاجلة فحسب، بل يشمل أيضًا الاستراتيجيات طويلة الأمد، تتضمن هذه الاستراتيجيات وضع سقوف لأسعار الحاويات للحد من الضغوط التضخمية وتخصيص ميزانيات لدعم المؤسسات الاستهلاكية لتثبيت الأسعار، كما تم تعزيز التعاون مع القطاع الخاص لتحقيق الاستقرار في الأسعار وضمان توفر السلع.
التعاون بين القطاعين العام والخاص جزء أساسي من نجاح الأردن في تجاوز الأزمات، إذ تعكس هذه الشراكة التزام الدولة بتعزيز الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي، مما يشير إلى أهمية العمل المشترك في وجه التحديات.
وللتأكيد، فإن الاستجابة السريعة والمرنة، والتخطيط الاستراتيجي، والتعاون الفعّال بين مختلف القطاعات، هي مفاتيح النجاح في إدارة الأزمات، حيث يقدم الأردن نموذجًا جيدا في هذا المجال، مؤكدًا على أن الإرادة السياسية والإدارة الحكيمة يمكن أن تحدث فارقًا حقيقيًا في مواجهة أصعب التحديات.