مدار الساعة - يختلف حكم تلاوة القرآن ووهب ثوابها للميت عن حكم استئجار مَن يقرأ القرآن ويهدي ثوابه.
قول الإمام أحمد والعلامة محمد بن أحمد بن عبدالبارئ الأهدل
قال الإمام أحمد رحمه الله : "يصلُ ذلك إليه، ويحصل له نفعه".
وقال السيد العلامة محمد بن أحمد بن عبد البارئ الأهدل : «إن مسألة وصول ثواب قراءة الحي للميت قد اشتهر فيها الخلاف وكثر التأليف فيها وطال النزاع وقل الائتلاف، ولكن القول بالوصول هو الظاهر الأقرب وعليه عمل الجمهور إلا من شذ وأغرب، والعمل بذلك هو المتعين طمعًا في وصول الثواب، ورجاءً لنزول الرحمة».
قول الإمام النووي رحمه الله
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : "اختلف العلماء في وصول ثواب قراءة القرآن، فالمشهور من مذهب الشافعي وجماعته أنه لا يصل، وذهب أحمد بن حنبل وجماعة من العلماء وجماعة من أصحاب الشافعي إلى أنه يصل، قال: فالاختيار أن يقول القارئ بعد فراغه: اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان".
ويقول أيضا :" وما القرآن إلا ذكر ودعاء، فهو واصل إلى الموتى بناءً على ذلك بغير شك كسائر الدعوات التي أجمع العلماء على أن الميت ينتفع بها ويصل ثوابها إليه ".
قول الإمام إبن عثيمين
يرى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله جواز إهداء ثواب القراءة للميت، وأن ذلك يصله وينتفع به إن شاء الله، وإنما الذي لم يجوزه هو الاجتماع عند القبور والقراءة عليها، وهذا الذي قاله الشيخ هو مذهب الجماهير من أهل العلم والمحققين.
قول لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
"ما حكم عمل ختمة للمتوفى؟ " سؤال ورد للجنة الفتوى بمجمع البحوث الاسلامية بالازهر الشريف ،وأفادت اللجنة بالآتى:
أولا: قراءة القرآن وجعل ثواب القراءة للميت جائز شرعًا، ويصل الثواب للميت وينتفع به – إن شاء الله – ويستدل على ذلك بالأدلة الواردة في انتفاع الميت بعمل الحي في باب العبادات منها ما رواه الشيخان من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ، أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أفحج عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ومنها ما رواه أبوداود من ابن عباس – رضي الله عنهما: أن رجلاً قال: يا رسولَ اللهِ إن أُمَّه تُوفّيَتْ، أفينفعها إن تصدقتُ عنها؟ قال: "نعم".. ومنها: ما رواه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال لعمرو بن العاص: «إِنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ بَلَغَهُ ذَلِكَ» . ومنها: ما رواه ابن ماجه من حديث ابْنِ بُرَيْدَة َعَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَقَالَتْ: يا رسول الله، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمٌ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: "نَعَمْ" .
فدلت هذه الأحاديث على وصول ثواب قراءة القرآن للميت إذ لا فرق بين انتفاعه بالصوم والحج وانتفاعه بقراءة القرآن، قال ابن قدامة رحمه الله: "وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله"
و بناء على ما سبق: لا بأس بقراءة القرآن خالصًا لوجه الله بغير أجر، ووهب ثوابها للميت ويصله الثواب – بفضل الله تعالى - وهو مذهب جماهير أهل العلم من الحنفية والحنابلة ومتأخري المالكية واختيار الإمام النووي رحمه الله.
قال الشيخ الدرديري رحمه الله :" الْمُتَأَخِّرُونُ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَجَعْلِ ثَوَابِهِ لِلْمَيِّتِ وَيَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
حكم استئجار مَن يقرأ ويهدي
استئجار مَن يقرأ القرآن ويهدي ثوابه لا ينتفع به هو ولا الميت ، فلا يجوزُ استئجار أحدٍ لتلاوة القرآن وإهدائه للميت ، كما يفعل ذلك كثيرٌ مِن الجهال والضّلال .
والله أعلم