تشهد الضفة الغربية حالة من التوتر والغضب وتصاعد العنف، بسبب عمليات القتل والإبادة والتهجير القسري فيها وفي غزة، وسيتم استعراض كافة الانتهاكات في الضفة وتحليل الجهود الامريكية والبريطانية لإصلاح السلطة الفلسطينية لمحاولة زيادة شعبيتها، والتطرق إلى التهديدات المحتملة بانفجار الأوضاع في الضفة وتأثير ذلك على مستقبل المنطقة.
تعمل الولايات المتحدة وبريطانيا حاليا على ادخال إصلاحات على السلطة الفلسطينية لزيادة شعبيتها وتحضيرها لاحتواء تداعيات طوفان الأقصى، ولكن هذه الخطوة ليست في محلها او توقيتها الحقيقي ولا تشكل أساسا للبدء بمسار سياسي جاد وحقيقي يرتكز على اعلان خارطة طريق واضحة تؤكد إقامة الدولة الفلسطينية ، وان يقرر الشعب الفلسطيني لوحده كيفية تمثيله بعيدا عن الغرف المغلقة، والاهم التعامل وبشكل فوري وواضح وبدون تبرير لإسرائيل في عمليات القتل والإبادة والتهجير القسري الذي تقوم به في غزة والضفة الغربية.
المثير للسخرية ، ان حكومة الاحتلال ترفض بالمطلق الاعتراف بالسلطة الفلسطينية وتقوضها ، كما ترفض اتفاقية أوسلو ، لكنها تعتبر عمليات القتل والاسر والمداهمات في الضفة الغربية ، قانونية ، وتتم وفقا لاتفاقية أوسلو ، التي تسمح لها بالتدخل في مناطق الحكم الذاتي لمواجهة أي خطر ترى فيه تهديدا .
مستويات العمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية تأتي ضمن عدة محاور أهمها:
• نشاط عسكري وامني لجيش الاحتلال عبر تنفيذ عمليات مداهمة واقتحامات وضرب البنية التحتية، وكانت النتائج استشهاد (٣٥٥) شخصا ،واعتقال (٦) الالاف ، واستهداف محلات صرافة ومصادرة ملايين الدولارات ، للاشتباه بانها تمويل خارجي لدعم حركتي حماس والجهاد الإسلامي .
• الكيان رعى تأسيس تشكيلات وفرق شبه عسكرية مسلحة لقطعان المستوطنين ( الدفاع القطري، الطوارئ ،تدفيع الثمن ، فتية التلال ،…) ، ونفذت (٢٤١٠) اعتداء ضد مواطني الضفة ، من قتل وهدم منازل وضرب البنى التحتية وتجريف الأراضي الزراعية وهدم آبار المياه، والتهجير القسري لتجمعات سكنية للبدو من مناطق (ج) في الضفة ، وبلغ عددهم (١٢٠٨) شخصا، تمهيدا لوضع اليد على الأراضي لغايات الاستيطان .
• الأحزاب الدينية المتطرفة نفذت ومن خلال وزرائها اجندتها منذ طوفان الأقصى ، المتعلق بدعم المستوطنين وتسليحهم ، ودعم الاستيطان حيث خصصت الحكومة الإسرائيلية مؤخرا ملايين الدولارات لمشاريع استيطانية جديدة ، وتشجيع هجرة اليهود إلى المدن العربية بالداخل مثل ( اللد ، الرملة ، عكا ، …) التي يغلب على سكانها العرب ، لتغيير معالمها السكانية .
اللافت ان المستويين العسكري والأمني للاحتلال حذرا حكومتهما من احتمال تفجر الأوضاع في الضفة الغربية ، وتدهور الوضع الاقتصادي ، واقترحا ادخال عمال فلسطينيين إلى الكيان للعمل للتخفيف من هذه الأوضاع ، وبدعم من الولايات المتحدة الا أن الحكومة الإسرائيلية رفضت هذه الاقتراح .
ويشار هنا ، إلى أن المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية اجرى استطلاعا للرأي في الفترة ( ٢٢/١١ – ٢/١٢/٢٠٢٣ ) في غزة والضفة الغربية خلال فترة الهدنة ، اكدت نتيجته في (الضفة الغربية تحديدا ) ارتفاع نسبة التأييد لحركة حماس وفقدان الثقة بالسلطة الفلسطينية وقيادتها ، وارتفاع نسبة المطالبة بحلها ، وان (٧٠٪) يؤيدون العمل المسلح للدفاع عن انفسهم ضد المستوطنين ، ونسبة (٧٥٪) يفضلون بقاء حماس في السلطة في غزة .
استمرار تجاهل الحقوق الفلسطينية والإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل عبر خطط اصلاح السلطة الفلسطينية ، وتبرير هذه الانتهاكات بحجة دفاع الاحتلال عن نفسه ، وعدم وجود أفق حقيقي للوصول إلى حل الدولتين ، فإن الوضع الأمني والعسكري مرشح للتطور باتجاهات خطيرة تنذر بتمدد الحرب في المنطقة ، ومن غير المستبعد أن فشل الأهداف الإسرائيلية في غزة قد يدفع الكيان للتصعيد في الضفة الغربية ، لتعويض خسائره في غزة ، والعواقب الوخيمة لن تكون بصالح المنطقة .
ختاما ، لا شك أن الضفة الغربية قد تكون ميدانا محتملا لتفجر الأوضاع باتجاهات خطيرة ، وانعكاسات ذلك على المنطقة باتجاهات سلبية لا يمكن السيطرة عليها ، يضاف إلى ذلك اليأس الفلسطيني من السياسات الغربية التي تتجاهل ببساطة حقوقه وعلى راسها إقامة الدولة الفلسطينية .