مدار الساعة - في دولة قارب عمرها القرن، ورسخ فيها نظام حكمٍ منذ التأسيس، وتجذرت مؤسساتها، برلماناً وحكومةً وجيشاً، مع أول سنوات تشكّلها، واجتاز شعبها من الصعاب والتحديات التي ناءت بها دولٌ عظمى، واقترنت فيها الولاية بالولاء حتى أصبحت علامةً فارقة، وتأتي اليوم أصواتٌ ناشزة؛ مسعاها باطل، ونواياها ظاهرة، ورواياتها إشاعة، أبطالها فيسبوكيون، والمنجرون خلفها ليسوا الا ثلة.
الأردنيون هم ذاتهم، بذات الولاء ونقاء الانتماء والقرب من القيادة، يعلمون أن ملكهم يحمل همهم أينما حل وارتحل، أقرب لهم من الحكومات، وهم ذاتهم الأردنيون ليسوا بحاجة لشرح، ولا يتعطشون لتوضيح، ولا تهزم مقولة سوشلجي ولا قلم أفاك، ولا تأخذهم حيناً إشاعة ولا تردهم أخرى.
الأردنيون قنوعون مقتنعون بأن "سيدنا" دوماً بيننا، وأن "سيدنا" دوماً معنا، له الحق كل الحق براحةً ننشدها نحن له، من تلك الأحداث التي جعلته يقضي أشهراً بليلها ونهارها، فجراً بين رفاقه بالجيش، وصباحاً في مكتبه يرصد في صحافتنا واذاعاتنا قصة مواطنٍ ضاقت به السبل، و ظهيرةً في برنامج سياسي واقتصادي، يستقبل مسؤولا أجنبي ويلتقي آخر عربي ويترأس اجتماعا للجنة ملكية لتعليم أو صحة أو فقر.
سيدنا، كما نناديه، لا تطوله في عيون الأردنيين إشاعة، ولا تثار عليه في قلوبهم مقولة، ولا يمسه حديث إفك، ولأننا نعرفه فسمعته لدينا مسك، وقوله صدقٌ مصدّق، و إيماننا به يقين، أقرب لنا، وأحن علينا، وأحرص على ذاتنا وأردننا منا، ولذا يبقى كل قول دون ثرثرة، وكل إشاعة دون حقيقته إثمٌ على أصحابها، وكل مَسٍ يسعى له مارقون فتنة، لا تهز جدارن ولاءنا قيد أنملة.
يسافر سيدنا، ولا يغيب، بأجندة في عمق السياسة الخارجية الأردنية أعمدة راسخة، وثوابت على قضايا الأردن وأمته ماثلة، فسفره مشروع، وسفرته معلومة، ووجهته أينما كانت هي لأجل الوطن ومواطنيه، فليرتاح من يسن أقلامهم المغموسة بالسم، وليهدأ من يطلق إشاعات لا هدف لها إلا الإثارة.
والأهم أن نعي نحن الأردنيين أننا مستهدفون وقيادتنا في عمق روابطنا وعميق ثقتنا ونسيجنا، الذي هزّ كثيرون، يستغلون سفر جلالة الملك كانا رسمياً أم خاصاً ليدكوا في كوزٍ مثقوب واسطونةٍ مشروخة وطبلٍ أجوف ومزمارٍ بلحنٍ شاذ، لأننا نعيش في دولة مؤسسات مظلتها ملكٌ لا يكل ولا يمل من العمل، ولا يعرف ساعة للإنجاز، يترك لهذه المؤسسات مساحتها الدستورية، ويمنحها حرية العمل والاجتهاد ضمن تنسيق وتناغم، لكنه يتدخل، كما حصل في حالاتٍ ليست ببعيدة، حينما يقصّر مسؤول، أو تضعف جهة، أو تتباطئ مؤسسة في خدمة الأردنيين.
الغريب اليوم أن ذاك التيار المكشوف بأجندته وأدواته لا يكل من خسارة معركة إشاعة حتى يطلق أخرى، ولا يتعب من انكشاف زور ادعاء حتى يطرح أخر، في سوق ليس لها مكانة الا صفحات التواصل الاجتماعي، كجوٍ متاح لبث الأكاذيب، ووسيلة لا يحاسب القائمون عليها أصحاب الحسابات الوهمية التي يختفون خلفها، فيستغلون تلك المساحة لنشر أكاذيب وافتراءات ورسم سيناريوهات سياسية، تشرح مسببات سفر سيدنا، بل وتجتهد تضليلا أن تقول بأنه هنا أو هناك، أو يرافقه فلان وفلان، أو يلتقي المسؤول الأمريكي للحديث عن صفقة نفت أعلى مستويات الدولة الأردنية علمها بها، وتصر على رفض أي بنود تتعارض مع ثوابتها.
لنقل لهؤلاء أن عليهم قراءة تاريخ بلد يحكمها الهاشميون، وأن يدركوا أن الأردنيين لا تهزهم إشاعة ولا تثيرهم أخبار مفبركة، بل هم مع راحت سيدهم لأنهم يعرفون كم من التعب والثقل على كاهليه.
نقول لهؤلاء إن سيدنا، الذي نُصر على مناداته بها، يسافر ولا يغيب، وندرك أنه يقرأ أخبارنا ويسأل المسؤولين عن قضايانا، ويستفسر منهم ويوجههم، ونحن لا يفت عضدنا أصحاب أقلام واجندات ميزتهم الوحيدة انهم لا يعرفون الأردن، ملكا ولا شعبا، لُحمةً والتفافاً عضيداً.