ليس المقصود في العنوان أعلاه ما يعانيه فلسطينيو الداخل من عسف وتنكيل وتضييق على حرياتهم ومطاردتهم من قبل شرطة العدو الصهيوني وأجهزته الأمنية والقضائية, خاصة منذ السابع من أكتوبر الماضي (عملية طوفان الأقصى), فضلاً عن مراقبة هواتفهم وتعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي, وفرض إقامة جبرية منزلية عليهم وسجن بعضهم وتدفيعهم كفالات باهظة, ناهيك عن منع تجمعاتهم أو مُظاهراتهم أو حتى ندوات تروم فعاليات حزبية ونقابية إقامتها.. في إطار أنهم باتوا يُعاملون (رسمياً) كمواطنين (بل الأدق مُقيمين) من الدرجة الثانية, بعد إق?ار قانون القومي في تموز العام 2018. الذي يمنح «اليهود» وحدهم حق تقرير المصير في كامل فلسطين التاريخية.. بل الجديد الذي «تبيّن» بعد مُصادقة ائتلاف نتنياهو الفاشي أول أمس/الاثنين على الموازنة العامة المُعدلة لعام 2024, حيث تم رفعها إلى 582 مليار شيكل (156 مليار دولار), أي بزيادة قدرها 70 مليار شيكل (19 مليار دولار) عن الموازنة الأصلية المُقترَحة. وهي زيادة خصّصها الائتلاف الفاشي كتمويل «إضافي» لحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة..
وإذ نجح وزير المالية اليميني العنصري المُتطرف/سموترتش, في «تمرير» هذه الموازنة بدعم شخصي مباشر من نتنياهو, بعد عقد صفقات مع عدد من الوزراء الذين عارضوا الموازنة المُقترحة, ومنهم «حليفه» العنصري المتطرف/بن غفير وزير الأمن القومي، فإن ذلك إنتهى برفع «عجز» موازنة دولة العدو إلى 6,6% من الناتج المحلي الإجمالي..
هنا برزت حقيقة أن فلسطينيي الداخل قد إستُهدِفوا مباشرة من قِبل الائتلاف الفاشي, وسموترتش شخصياً الذي وصف الموازنة بأنها «موازنة حرب»، عندما تم تقليص (4,5) مليار شيكل كانت مُخصصة لخطط في الوسط العربي... في التعليم، التشغيل والرفاه, كذلك تنمية البنى التحتية وغيرها, على ما قدّرت لجنة رؤساء السلطات المحلية لفلسطينيي الداخل, وكما أوردت أسرة تحرير صحيفة هآرتس الصهيونية في افتتاحيتها أول أمس/الاثنين. التي جاءت تحت عنوان: فليدفَع العرب.
مُضيفة/هآرتس «خطة وزارة المالية التقليص بشكل غير مسبوق وغير متوازن, في الميزانيات المخصصة لتنمية المجتمع العربي تدل على أن الحكومة قرّرت أن يكون المواطنون العرب, أول من يدفع ثمن المصيبة الاقتصادية في أعقاب هجمة حماس والحرب.. مشكوك أضافت–أن تكون المؤشرات الأولى لثمار الاستثمار في الجمهور العربي, تهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وحكومة التفوّق اليهودي برئاسة بنيامين نتنياهو. وحتى جهاز الأمن العام/الشاباك ـ تابعت أسرة تحرير الصحيفة ــ وصفَ أمس، في بيان استثنائي التقليص المخطط بانه «مسٌّ إستراتيجي بالحصانة ال?ومية»، من شأنه أن يؤدي إلى «تعميق الاغتراب، إحساس عدم الانتماء وانعدام الإلتزام من جانب الدولة»، مما «سيُعمق احتمالات العنف على خلفية قومية».
لم تتوقف هآرتس عند هذا الحد، بل واصلت الكشف ان التقليص الذي تم على ميزانيات مجتمع فلسطينيي الداخل كان مقصوداً بذاته ولذاته إذ قالت مُستطرِدة: «تتضمن التقليصات في مشروع الميزانية للعام 2024، ما مجموعة 23 قراراً حكومياً لتقليص بمعدل 15 في المئة. وتكاد تكون كل الخطط مُتعددة السنين, بحيث أن التقليص سيحل أيضاً على السنوات التالية. من 37 مليار شيكل لعموم القرارات–واصلتْ–خصص 32 مليار للمجتمع العربي، والتي تتضمن ضمن أمور أخرى الخطة الخماسية (التي اتخذت في الحكومة السابقة)، خطة مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، وغي?ها. من تحت اطار الدخان الذي تسدله وزارة المالية والحكومة بشأن «تقليصات أليمة» ستشعر بها كل أطياف المجتمع، تتضح الحقيقة–أكّدت الصحيفة–مسّ فظ ومُركز بالميزانيات للمجتمع العربي.
على سموتريتش ونتنياهو ختَمتْ أسرة تحرير الصحيفة–أن يُنصتا إلى تحذيرات مسؤولي الجمهور العربي، وزارة المساواة الاجتماعية والشاباك, من احباط تنمية المجتمع العربي. الخطة–اي تقليص ميزانيات الوسط العربي ــ هي تمييز مرفوض، تفرِض ضائقة اقتصادية – اجتماعية على نحو 20 في المئة من مواطني إسرائيل. مَحظور الموافقة على سلم الأولويات المُشوّه هذا.
** إستدراك:
في ملحق «ذي ماركر» الاقتصادي الصادر عن «هآرتس» كتبت ميراف ارلوزوروف
مقالة تحت عنوان: طلبات الجيش الإسرائيلي خطيرة اقتصادياً
جاء فيها: الجيش الإسرائيلي كان حتى الآن عقلانياً بما فيه الكفاية، كي لا يلقي على وزارة المالية فشل 7 اكتوبر، أي لا يوجد ادعاء جدي بأن النقص في الميزانية هو عامل الفشل في يوم السبت الاسود، لكن هذه النزاهة تنتهي عند الوصول إلى مناقشة ميزانية الدولة. التصور الذي كان يجب أن يتحطم في 1982 تحطم الآن، والجيش الإسرائيلي يطالب بالتسلح حتى الأذن – في القوة البشرية وفي المعدات – كاستعداد لعهد جديد من الحروب الشاملة الطويلة والمُتعبة.
لماذا يجب حدوث ذلك الآن، بالضبط في هذه اللحظة؟. النقاشات الآن هي حول ميزانية 2024، ولا يوجد أي خلاف على أنها ستخصص مبالغ ضخمة، 150 مليار شيكل واكثر، لصالح تسديد تكلفة الحرب وتجديد كل الاحتياطي الذي نفد. فقط أنه خلال النقاشات حول ميزانية 2024، الجيش الإسرائيلي يُصمم على ادخال أيضاً النقاشات حول الزيادة في قوته طويلة المدى، أي أنه لا يكتفي الآن فقط بتجديد الاحتياطي الذي كان قبل الحرب، بل هو يطالب بإجمال كل مستويات الاحتياطي الجديدة, التي يعتقد أنها مطلوبة له في السنوات الأربع القادمة.