مشروع قانون الموازنة لعام 2024 بعد إقراره يصبح الموازنة الثانية في ظل رؤية التحديث الاقتصادي، ويبقى السؤال ماذا أنجزنا، وهل حققنا الأهداف، وهل الواقع يتحدث عن الإنجاز؟
حسب نظام متابعة الأداء الحكومي والإنجاز وقياس تقدم سير العمل على مستوى البرنامج (2023 - 2025)، فقد سجلت نسبة الإنجاز 5.7 بالمائة بواقع 25 برنامجا، أما قيد التنفيذ، فقد بلغت النسبة 69.5 بالمائة بواقع 307 مشاريع، أما المتأخرة فقد سجلت 19.5 بالمائة بواقع 86 برنامجا، في حين أن التي لم تبدأ 24 برنامجا.
على الرغم من الجهود المبذولة، يبدو أن هناك فجوة بين التخطيط والتنفيذ، حيث تظهر البيانات أن هناك تقدمًا، لكنه دون التوقعات، ويُظهر هذا الاختلاف الحاجة الماسة إلى تحسين آليات الإشراف والمتابعة، بما يضمن تحقيق الأهداف المنشودة بكفاءة أعلى.
الموازنة الثانية في ظل رؤية التحديث الاقتصادي لم تقدم تغييرا عن سابقتها، فالإنفاق ضمن مستوياته، واستمرار العجز في الموازنة سواء بشمول المنح أو استثنائها، وتزايد نسبة خدمة الدين العام من النفقات العامة، وحتى الإنفاق الرأسمالي الذي تتحدث الحكومة عنه بأنه الأعلى لا ينعكس على إحداث فرق بالنمو الاقتصادي.
ما زالت لدينا معضلات رئيسة تتعلق بالنمـو المسـتدام والقـوي فـي الاقتصـاد، وإدارة الدين العام ورفع كفاءة الجهاز الحكومي وضبط الإنفاق. وأيضا إحدى القضايا الرئيسة التي يجب التركيز عليها هي تحسين البنية التحتية والاستثمار في التكنولوجيا، هذا لا يقتصر فقط على تعزيز الإنتاجية، ولكن أيضًا على تحفيز الابتكار وجذب الاستثمارات الأجنبية، إذ ان تحديث البنية التحتية الرقمية يمكن أن يكون عاملاً رئيسا في تحقيق قفزة نوعية في النمو الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة إعادة تقييم السياسات الضريبية لتحفيز النمو، وتقديم حوافز للشركات الناشئة والاستثمارات في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا إذ إن ذلك يمكن أن يساهم في خلق بيئة اقتصادية أكثر ديناميكية وتنافسية.
ومن الضروري أيضًا النظر في أبعاد الاستدامة والشمولية في السياسات الاقتصادية، حيث يجب أن تعمل الحكومة على دمج إستراتيجيات لتحقيق التنمية المستدامة، بما في ذلك الحد من الفقر وتحسين الرعاية الصحية والتعليم، من خلال تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، يمكن تعزيز الاستقرار والرفاهية على المدى الطويل.
وأخيرًا، يجب على الحكومة تطوير آليات لزيادة الشفافية والمساءلة، فالشفافية في إدارة الموارد المالية واتخاذ القرارات تساهم في تعزيز الثقة، كما أن القدرة على تقييم أداء البرامج الحكومية بشكل فعال تعد عنصرًا حاسمًا في تحقيق أهداف التحديث الاقتصادي.