تعاني الامة العربية والإسلامية من مشكلة النظرة المشوهة التي تجعلها تواجه التمييز والاستهداف، سواء لجهة انكار الحقوق الفلسطينية خاصة إقامة دولتهم، او الاعتداء على الجاليات العربية والإسلامية في الدول الغربية، وهذه الصورة المسبقة لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت نتاج عمليات تغذية تاريخية طويلة، وعززتها الحرب الهمجية على غزة.
وسيتم في هذا المقال استعراض آلية اسرائيل والعالم الغربي لاستغلال هذه الحرب باتجاهات سلبية.
تعريفات الصورة النمطية كثيرة، لكنها بالمجمل تعتبر اخضاع اشخاص او شعوب او مواقف لصورة معينة تجمعهم، وتكون هذه الصورة مسبقة لا تحتاج إلى تفكير، وغالباً ما تكون غير دقيقة، ومن ابرز خصائصها التأثير المباشر للسلطة السياسية فيها ، من خلال ادواتها المختلفة.
ما زال التصور الخاطئ للعربي والمسلم في الغرب مستمرا منذ زمن بعيد، ولم يتوقف بل كان يختفي فترات ثم يظهر، حسب سياسات القوى الغربية الرسمية، وتظهر عبر محطات مختلفة مثل احداث ١١ ايلول ومحاربة الارهاب، غزو العراق، وصولا إلى الحرب البربرية على غزة، ومن الاهمية بمكان التأكيد على ان الانطباع السلبي لم يستثنِ اي دولة او قومية عربية وإسلامية، بل شمل الجميع بدون استثناء.
أبرز ملامح التعميم السلبي التي غذتها الدول الاوروبية وامريكا، أن المجتمعات العربية والإسلامية تتصف بالتخلف والعنف والخراب والارهاب، وترتبط بالجريمة المنظمة وغسل الأموال والجنس وغيرها، وكانت تتم هذه التغذية عبر الاذرع الاعلامية وصناعة الافلام ومواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الثقافية ، ويشار إلى أن دعم اسرائيل لم يرتبط بالمطلق بالحرب على غزة ، بل كانت استراتيجية ثابتة لدى الولايات المتحدة .
منذ بداية الحرب على غزة ، لم يحتاج العالم الغربي لبناء صورة نمطية جديدة ، بل استحضر القديمة وقام بالبناء عليها ، وتبنى الرواية الاسرائيلية كاملة من قطع الرؤوس والاغتصاب وغيرها ، وتزامن ذلك مع توجيهات للاعلام الغربي حول الخطاب الاعلامي ، حيث اكد الصحافي البريطاني اندرو مار الذي كان يعمل محررا في قناة البي بي سي ، بأن الاعلاميين كانوا مطالبين بعدم ربط هجوم ( ٧/ اكتوبر) بتاريخ الاحتلال الاسرائيلي , الاخطر ان هذّه التغذية السلبية ، تزامنت مع الدعم غير المحدود لليمين المتطرف الغربي لاسرائيل ، ارتباطا بمواقفه من المهاجرين العرب والمسلمين .
شكلت هذه التغذية حافزا للاعتداء على الجاليات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة واوروبا واستراليا ، منها قتل طفل فلسطيني واطلاق نار على طلبة فلسطينيين ورسائل كراهية في الولايات المتحدة ، ومهاجمة المساجد وكتابة شعارات ضد الإسلام في العديد من الدول الأوروبية، وتم رصد (١٣٣) اعتداء وتهديدا بالعنف ورسائل كراهية في استراليا، ويبدو أن هذه الاعتداءات مرشحة بالتصاعد في المرحلة المقبلة، في ضوء عدم وجود خطط رسمية غربية لوقف تلك السياسة والدفع باتجاه ايجابي.
ختاما ، الفكرة السلبية المسبقة للعربي والمسلم تتسبب بانكار اية حقوق سياسية للفلسطينيين وتدعم الرواية الصهيونية، علاوة على تفاقم جرائم الكراهيه والعنف والاعتداءات ضد الجاليات العربية والإسلامية وأماكن العبادة في العديد من الدول الغربية.