حدثنّي خبير اقتصادي عتيق عن الأزمة التي تلوح في الأفق نتيجة مجموعة من الأحداث التي تتالى على بلدنا تبعاً للجغرافيا السياسية التي تحاصرنا أحياناً، لنجد أننا نخرج من نفق ليتلقفنا نفق آخر، و رغم جهليّ بالاقتصاد فقد خضت بالمداولات وماهية الأسباب التي تُعيق الاستثمار الوطنيّ، خصوصاً مع تراجع في الميزانية العامة وتراجع آخر في المنّح وغيرها من الأسباب، وصلنا بالفعل إلى أهم شركتين يستند عليهما الناتج المحلي وهي شركة البوتاس العربية وشركة مناجم الفوسفات الأردنية اللاتي يدعمّن الناتج القومي ويرفدّن خزينة الدولة بملايين الدنانير، ولو لم تكن هاتان الشركتان موجودتان لكان حالنا بعلم الله، وزيادة على ذلك فإن القيادة الحكيمة للشركتيّن على مستوى الإدارة وما قامتا بإعادة تصويب الأوضاع ما كانتا لتصلان إلى ما وصلتا له اليوم.
حيث قام رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة برعايته لاستراتيجية شركة البوتاس العربية ( 2024- 20288 ) وقام بافتتح مبنى الإدارة العامة الجديّد للشَّركة في غور الصافي، وعندما نتحدث عن البوتاس في أخفض بقعة على الأرض فإن الواجب علينا أن نبذل الجهود كحكومة وخبراء في التعدين والاختصاصّين في أمور البيئة والتغيّر المناخي، أن نسعى لجلب أكبر كميات من المياه المسُالة نحو البحر الميّت، وإذا ما علمنا أن الجانب الآخر يقيمون عليه منشآت عملاقة ويستنزفون جزءاً من المياه فإن أي تهديد مائيّ سينعكس علينا سلباً.
في المقابل نرى أن شركة مناجم الفوسفات الأردنية التي منحتها مجلة "فوربس" بأفضل رئيس تنفيذي، لم ينقطع لها أي عمل أو إعاقة منذ سنوات وواصلت تصديرها إلى العالم أجمعّ، خصوصاً مع استراتيجتها هي الأخرى، والتي أدت إلى خفض التكاليف التشغيلية ورفع الأداء العملّي والاستمرار باستقطاب أسواق جديدة لم تكن تصلها عبر القيادات السابقة التي فرط البعض بها وإدخال مستثمرين لا علاقة لهم بالمنتج سوى التربّح والاستحواذ على حصص أوصلت الشركة آنذاك لأدنى مربوط الربح، وهي اليوم من أفضل شركات التعدين التي تتهافت عليها الأسواق لجودة منتجها.
الرئيس الخصاونة وكما رأيناه مباشرة في الميدان عبر جولاته الميدانيّة وزياراته التفقُّدية وافتتاحه لطُرُق هامةّ في جنوب المملكة كالطريق الصحراوي ورأس النقب والقويرة في العقبة والطريق الخلفي، العقبة –عمان،و الذي أكد على فتحه في الوقت المقررّ، وغيرها من المشاريع في العقبة أو في بقية المحافظات، أشاد بشركة البوتاس العربية ووصفها بصرحٍ وطنّي هامّ ورافد للاقتصاد الوطني و ركيزة أساس لقطاعيّ التعدّين والأسمّدة ومساهمٍ اجتماعيّ كبير.
الخصاونة أعرب بفخره لما حققته شركة البوتاس العربية، واصفاً إياها بقصّة نجاح محلية وعالمية، مبدياً سعادته بإنجازاتها التي حققتها و خلفّت تأثيراً إيجابياً في تعزيز مؤشرات الاقتصاد الكُليّ وزيادة الصادرات الأردنية ودعم الناتج المحليّ الإجمالي، وأن هذا هو سعينا الحثيث لتحقيق مستهدفات رؤية التَّحديث الاقتصادي المنبثقة عن مشروع التَّحديث الشَّامل الذي يقوده جلالة الملك عبد الله الثَّاني، حيث وجّه إلى ضرورة وضع استراتيجيَّة لتطوير منتجات جديدة لشركتيّ البوتاس والفوسفات، والاستفادة من المنتجات ذات القيمّة الأعلى من الخامّات، والتَّسريّع في مراجعة القوانين المتعلِّقة بالتَّعدين حسب أفضل الممارسات الدَّولية، وجذب الشَّركات الكبرى في مجالات التعديّن،
من هنا تظهر التكاملية التي يقودها فريق الإدارة الحصّيفة في إطلاق الاستراتيجية الثانية للشرّكة ضمن أهدافٍ عالية للتوسّع في الإنتاج، والدخول في صناعات جديدة ذات قيمّة مضُافة عالية، مع تحقيق عوائد مرتفعة عبر الدخول لأسواق جديدة، وهذا ما يسهم في تعزيز تنافسية الشركة على المستوى العالمي ومع الشركات الوطنيّة في ذلك القطاع ومساهماتهما الحقيقيَة في زيادة الإنتاج الوطنّي وزيادة حجم الصادرات والنموّ و توفير فرص العمل للأردنيين.
هذا ما كنا نبحث عنه داخل وطننا من دعم للشرّكات الوطنيةّ لتصل إلى العالمية، فقبل عقود خلت كان الأردن يصدر منتجاته وصناعته من جميع السلع والمواد لدول قريبة أصبحت اليوم عملاقة في شتى الصناعات، بل تطاولت شركاتها نحو العالمية، واليوم نحن أمام شركتان عملاقتان وطنيّتان يقودهما وزراء أكفياء ومدراء تنفيذيون لهما باع طويلة في الاقتصاد، و ما حققتهما اليوم ساعدت الاقتصاد الوطني في ظل الركود العام من سياحة وغيرها من المجالات، ومن هنا على الجميع دعم جهود الشركتين لا الطعن بهما رغم ما قدمّتا للمتقاعديّن من رواتب مجزّية وطبّابة دائمة.