انهت قبل قليل محكمة العدل الدولية جلستها بالإستماع الى مرافعة الكيان الإسرائيلي, رداً على القضية التي كانت قد اقامتها جنوب افريقيا بحقها واتهامها بإرتكاب جرائم تتعلق بالإبادة الجماعية, واتى ذلك ايضاً في رد الكيان الصهيوني على ما جاء في مرافعة دولة جنوب افريقيا.
وكانت دولة جنوب افريقيا قد قدمت مرافعتها البارحة على اثر الجرائم التي اترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي, وكانت مرافعة دولة جنوب افريقيا مدعمة بالعديد من الوثائق التي تثبت ان أفعال دولة الكيان الصهيوني كانت تحمل نية جرائم الإبادة الجماعية بكافة أركانها, وقد أوضحت جنوب افريقيا ان ما حدث في السابع من أكتوبر يأتي ضمن اطار أساسي وهو الإستعمار الإسرائيلي لأرض فلسطين الممتد لأكثر من 75 عاماً, والظروف المعيشية الصعبة التي واجهها السكان العرب الأصليين في فلسطين من تهجير وتنكيل.
وقد جاءت مرافعة إسرائيل الممثلة من فريق الدفاع الخاص بها, هزيلة ومتناقضة وكان جلها يتحدث عن ان حماس هي التي بدأت المعركة وان الشعب اليهودي طالما كان يعيش في ظل ظروف معيشية الصعبة, وتناولت المرافعة ايضاً ان إسرائيل سمحت بأدخال المساعدات الى القطاع وانها اكتشفت ذخائر تعود للمقاومة في المستشفيات وانها كانت قد حذرت سكان القطاع من التوجه الى نقاط امنة قبيل القصف الجوي..الخ
وفي حقيقة الامر ان كل هذه المزاعم يمكن تفنيدها بسهولة من قبل دولة جنوب افريقيا, فتقارير المنظمات الدولية والمشاهد الحية التي بثت في الإعلام كلها اكدت ان هذه الأمور ليست سوى أكاذيب يتذرع بها الكيان امام العالم لكي يحسن من صورته الإعلامية.
وبعد هاتين الجلستين يتوقع الان من محكمة العدل الدولية ان تدرس المرافعات التي تقدم بها الطرفان, وان تقرر اتخاذ تدابير فورية تحفظية ومؤقتة بحق الكيان الصهويني لوقف اطلاق النار في القطاع والسماح بدخول المساعدات الى المدنيين في غزة, ويجب التنويه ان المحكمة لن تأخذ قرار قاطع بشأن القضية ككل في وقت قريب, ولا يتطلب إصدارها لقرار اتخاذ التدابير المؤقتة ان تكون قد تيقنت من الأدلة المقدمة من الطرفين, بل هي ستحكم وفق الذي تراه ووفق ما يطمئن له ضميرها.
والغالب الذي يطغو على المشهد الان ان إسرائيل سوف تذعن لقرار محكمة العدل الدولية كون انها مثلت امامها لتقدم مرافعتها, وفي حال لم يحصل هذه الامر فالمحكمة كما نعلم ان قراراتها ملزمة ولكن لا تملك إمكانية تنفيذ القرار, مما يعني ان امام جنوب افريقيا طريق اخر لتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية امام مجلس الامن الدولي لأتخاذ التدابير اللازمة بحق إسرائيل تنفيذاً لقرار المحكمة, وهنا قد نشهد فيتو جديدا على أي قرار قد يصدر بما يتعلق بالتدابير التي سوف يتبناها مجلس الامن, وفي الواقع يبقى هنا لجنوب افريقيا طريق اخر الا وهو اللجوء لتفيذ قرار محكمة العدل الدولية لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي بدورها لديها القدرة على سحب سفراء الدول الأعضاء من دولة إسرائيل وقطع العلاقات الديبلوماسية بين دول الأمم المتحدة وإسرائيل.