نقوم الصحافة بتوجيه النقد، الناعم أحياناً والخشن أحياناً أخرى، إلى بعض المؤسسات الحكومية وغيرها، إما لأنها لا تفعل ما يجب فعله او لانها لا تفعل عندما يحب عليها ان تفعل.
هناك تباين في مواقف الحكومات من الانتقادات فبعضها يقبله ويناقش وبعضها يضيق صدره.
لست بصدد تقييم موقف هذه الحكومة وغيرها مما سبق غير انني لم اتلق حتى الان اي عتب، بل ملاحظات وتصويب في كثير من الاحيان.
اما على مستوى الدولة فهي منظومة من المؤسسات وهي قابلة للنقد إن اخطأت اما على مستوى البلد فسنضرب مثلا، في مرة وفي بواكير عملنا الصحفي اختلطت بعض المفاهيم في مقالة كتبتها ذهبت فيها الى توجيه نقد لبلد ما، سريعا جاء التصويب كقاعدة ذهبية من الراحل استاذنا محمود الكايد، إذ قال "الاوطان لا تشتم".
اقول ذلك وانا اسمع كثيرا من الشتائم للبلد وكثيرا من التذمر، وإن كانت دوافع ذلك الظروف الصعبة لكن ذلك لا يعني ان البلد هي المشكلة، المشكلة هي في بعض المسؤولين الدين يزيدونها سوءا باخطائهم وقراراتهم وسلوكهم احيانا.
ما زال كثير من النخب يقعون في هذا الخلط الذي أشرت إليه حتى بسطاء الناس فان اخطأ موظف أو مسؤول أو سرق موظف أو مسؤول أو ظلم موظف أو مسؤول يسارع بعضنا إلى لعن البلد ووسمها بالخراب والفساد!
النقد لا يجب أن يحرج أو يجرح أحدا حكومة ومؤسسات ووزراء ومدراء، رجال أعمال ولا مواطنين، لكن شتم البلد يجب أن يجرح كل مواطن.
نقد الحكومة أصبح سهلا ربما، في المقابل نقد القطاع الخاص تصعب كثيراً.
كل منا يرى من وجهة نظره ان على الحكومة أن تفعل كذا أو ان لا تفعل كذا، هذا نقد مشروع وعلى المسؤول الذي قبل ان يتصدى للخدمة العامة أن يشرح صدره للناس، وأن لا يمارس الأستاذية، لأن الرجوع عن الخطأ اقل كلفة من الاستمرار فيه.
في الجانب الآخر عموم الراي العام لا يقبل الاختلاف وأكثرهم ينهالون سبا وشتما إن اختلف كاتب ما مع وجهة النظر السائدة، وقد تكون عقلانية ويثبت في النهاية صحتها لكن المهم هو أن لا يضحي المسؤول بالصواب لحساب الرأي العام لتحقيق شعبوية الخاسر الوحيد فيها هو المجتمع.
مناسبة ما أقول هو ملاحظة ما من عودة إلى التردد، والعذر هو غياب حالة اليقين وما نلاحظه أيضا هو تجاوز المواجهة في الرأي الصائب والعذر هنا هو تلافي الهجوم.
النقد المباح هو الموجه للاجراءات والتقاعس وللمسؤولين بأعمالهم، وليس بشخوصهم مع أن القناعة بأن المسؤول في عين الرقابة على سلوكه الشخصي أيضا أن النقد غير المباح فهو نقد أو شتم البلد ومن يلجأ لذلك إنما يتهرب من نقد المسؤولين تحت طائلة القانون.