يبدو ان التحديات الاقتصادية ومواجهتها اصبحت قدرا علينا، فما ان نخرج من تحد حتى يطل علينا تحد جديد اكثر صعوبة، فمنذ سنوات واقتصادنا يتلقى صدمة تلو الاخرى دون التقاط الانفاس ومع ذلك يخرج من كل تحد اقوى من ذي قبل، مسجلا في كل مرة اعجازا اقتصاديا يدهش به العالم، فما هي التحديات؟.
منذ ثلاثة عشر عاما واقتصادنا يواجه ازمات اقتصادية فرضت عليه من الخارج جراء الكثير من المتغيرات الجوسياسية في العالم، فبدأ بمواجهة تداعيات الازمة المالية العالمية ليخرج منها بسلام وباقل الخسائر مقارنة مع بقية الدول،ليبدأ بعدها مباشرة بمواجهة تداعيات الربيع العربي وانقطاع الغاز ومواجهة تحد ارتفاع النفط واغلاق الحدود مع اسواق تصديرية رئيسية للمملكة، لينتقل بعدها لمواجهة كثير من الاضطرابات الامنية في دول الجوار وما نتج عنها من ارهاب ونزوح و لجوء.
وما ان بدأنا نستفيق و يلتقط اقتصادنا انفاسه حتى اطلت علينا الجائحة كورونا وما رافقها من تحديات صحية واقتصادية واجتماعية، فتعطل الانتاج وتوقف العمل وتراجعت خلالها كافة المؤشرات والارقام الاقتصادية وارتفاع فاتورة الصحة،ما دفع الحكومة الى الاسراع بوضع خطط واجراءات تعاف لضمان استمرار العمل دون تسريح العمالة وضمان عدم تفشي الفايروس، ليبدأ اقتصادنا بالتعافي بعدها والمحافظة على استقراره المالي والنقدي.
التعافي من «كورونا» وتحقيق نتائج مبهرة ومميزة بمختلف القطاعات صدم بالحرب الروسية الاوكرانية وما نتج من ارتفاع الطاقة وتعطل سلاسل التوريد وارتفاع الاغذئية عالميا، فكان اقتصادنا على اهبة الاستعداد ومتحوطا لمثل هذه الظروف الطارئة بكميات كبيرة من القمح والشعير والمواد الغذائية الاساسية، فاعلن عن حزمة أجراءات وبرامج التمويل ميسرة للمستوردين ودعم اجور الشحن البحري وقيام البنك المركزي برفع اسعار الفائدة للحفاظ على قوة وقيمة صرف الدينار مقابل العملات الاخرى.
وما ان عبرنا كل التحديات بتحقيق نتائج ايجابية اقتصاديا وحافظنا على استقرارنا المالي والنقدي في العامين الماضيين وبشهادة كل المؤسسات الدولية، حتى اطل علينا «التحدي الاصعب» والمتمثل بالعدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة وما نتج عنه من تراجع بالسياحة وتضرر قطاعات كثيرة وارتفاع باجور الشحن وتسريح اعداد كبيرة من العمالة،وغيرها من الداعيات التي لم تظهر لربما بعد، فهل نستطيع العبور باقتصادنا هذه المرة ايضا الى شواطئ الامان ؟.
خلاصة القول ان الاردن اثبت في كل مرة امتلاكه لاقتصاد عميق وبانه قادر على مواجهة كافة التحديات التي تواجه وسيواجها بتضافر ابنائه وتلاحمهم وبالشراكة الحقيقية ما بين القطاعين، غير انه مازال يطلب من كل الاردنيين مساعدته وتحديدا هذه المرة في مواجهة التحدي الاصعب والاخطر من كل التحديات الماضية،وكما انه يؤكد وبصلابة اجهزته على انه سيهزم هذا التحدي وسيخرج منه اقوى من قبل، مصرا على الاستمرار بادهاش العالم بقوة اقتصاده رغم قلة امكانياته.