يستعد وزير الخارجية الأميركية/بلينكن للقدوم الى المنطقة في جولة هي الرابعة منذ السابع من اكتوبر الماضي. إذ كانت الأولى منها اكثر صخباً خاصة عندما اعلن انه يزور دولة العدو الصهيوني كـ«يهودي» وليس كأميركي (وإن كان لاحقاً حاول «تعديل» الصيغة المُستفزّة هذه لكنه لم ينجح, خاصّة عندما قال: انه «رغم ارتباطه الشخصي بما حدث في اسرائيل (يقصد معركة طوفان الأقصى) - إلاّ انه بالنهاية أميركي - أضافَ - ولديه شرف المسؤولية لكونه وزيراً للخارجية وُممثّلاً للجميع، مُستطرداً في نفاق مكشوف – انه بعمِله إنما يخدِم ويعكس المصالح الأميركية، وما هو (مُناسب) للولايات المتحدة».
ما علينا...
يأتي بلينكن للمنطقة - إن أتى فعلاً - بعد ثلاثة أشهر, من حرب الإبادة الجماعية الصهيوأميركية. حيث يتشارك فيها الحليفان الإستراتيجيان في حلف شرٍ شيطاني، تحت شعار مُزيّف يقول: انه لـ«الانتقام من عملية طوفان الأقصى وكسر حركة حماس وتصفية حكمها وقوتها العسكرية»، فيما يلحظ الجميع – باستثناء المعسكر الغربي/الأوروبي – الأميركي, الذي يُغلق عيونه وآذانه عمّا يحدث في قطاع غزّة, في الوقت الذي يواصل فيه أحفاد المستعمرين الانجلوساكسون, الثرثرة عن الديمقراطية وحريّة التعبير والقِيم الإنسانية وغيرها من المصطلحات المغسولة, التي لا تُترجم على ارض الواقع, أقله بالسماح للمتعاطفين مع القضية الفلسطينية, من المواطنين الأوروبيين وبخاصّة الفرنسيين والألمان, من تسيير مظاهرات سلمية الطابع في شوارع المدن الألمانية/والفرنسية بل ويتم حظر رفع الأعلام الفلسطينية ومُطاردة المواطنين من اصول فلسطينية/عربية وإسلامية.
وإذ جاء خبر زيارة بلينكن الرابعة للمنطقة من خلال تصريح لمسؤول «إسرائيلي» لشبكة CNN الأميركية يوم الخميس الماضي 28/ 12/ 2023، لافتا - المسؤول الصهيوني - ان بلينكن قادم لِمناقشة «الخطوات التالية» في الحرب بين «اسرائيل وحركة حماس», علما ان تصريحا كهذا جاء مباشرة بعد أن التقى مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية بـ«رون ديرمر» الذي يُعدّ أحد المقربين من مجرم الحرب/نتنياهو بشأن المرحلة التالية من الحرب الصهيوأميركية على قطاع غزة، فإن المثير والداعي لمزيد من التشاؤم, المحمول على غضب وشكوك عميقة, في شأن «صدقية» المساعي التي يقودها رئيس الدبلوماسية الأميركية, هو إعلان بلينكن نفسه بعد يوم من نشر خبر جولته «الرابعة» في المنطقة, عن موافقته/بلينكن على صفقة بيعٍ عسكرية اجنبية لقذائف M107 عيار 155 ملم، والمعدات ذات الصلة للحكومة الصهيونية بـ «147.5"5 مليون دولار».
المثير واللافت في الخبر الذي تم الإعلان عنه, ليس فقط القيمة المنخفضة جداً للصفقة (الثانية التي يتم فيها تخطّي إدارة بايدن للكونغرس الأميركي, مقارنة بما ضخّته واشنطن من أسلحة وعتاد وقنابل ضخمة, وزن الواحدة منها يصل 1 من طن من المتفجرات الى جيش الفاشية الصهيونية. حيث حملت اكثر من 230 طائرة نقل عملاقة و «20» سفينة اميركية, كل ما تتوفر عليه ترسانة الحرب الأميركية، إضافة بالطبع الى «فتح المستودعات الإحتياطية للقوات الأميركية الموجودة في دولة العدو). ناهيك عن تهافت ووقاحة التفسير الذي ساقه بلينكن لتبرير صفقة كهذه, يعلم الجميع أنها مُخصّصة لتدمير ما تبقّى من منازل ومشافي ومدارس وبنى تحتية في قطاع غزّة، حيث دمّر جيش النازية الصهيونية أكثر من 70% منها.
قال بلينكن عن الصفقة: إن «حالة طوارئ تتطلّب البيع (الفوري) للمواد والخدمات العسكرية لحكومة اسرائيل لمصلحة الأمن القومي الأميركي»، مضيفاً ان الولايات المتحدة «مُلتزمة امن اسرائيل»، وان مساعدتها على تطوير والحفاظ على قدرة قوية وجاهزة (للدفاع عن نفسها)، تُعدّ أمراً حيويّاً للمصلحة الوطنية للولايات المتحدة», مُعتبراً ان هذه المعدات والدعم لإسرائيل «لن تُغيّر التوازن العسكري الأساسي في المنطقة».
يا للوقاحة وبيع الأوهام... يتحدثون الآن عن» التوازن العسكري الأساسي في المنطقة», في وقت لا يتوقّف قادة الكيان النازيّ الصهيوني عن التبجح بـ«أنهم قادرون على الوصول الى اي مكان في الشرق الأوسط». مُتكِئين بالطبع على الأساطيل الأميركية والإستخدام الأميركي المُفرط والمُستفز لـ«الفيتو» في مجلس الأمن لمنع وقف النار, بذريعة ان اي مشروع قرار «لا يتضمّن إدانة لحركة حماس, أو انه لا يعترف بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها».
في السطر الأخير: من المفيد هنا التذكير بأنه في التاسع من الشهر الماضي, ولأسباب مُماثلة لقرار وزير الخارجية الأميركية/بلينكن بيع صفقة 29 الشهر المنصرم, وافق بلينكن ذاته وبفارق «20» يوماً, على بيع نحو «14» ألف طلقة من ذخيرة الدبابات بقيمة «106» ملايين, لجيش الفاشية الصهيونية دون عرضها على الكونغرس أيضاً.
فما الذي سيحمله بلينكن معه في جولته الرابعة, غير «الفيتو» وصفقات الأسلحة للعدو؟.
الأيام ستقول.