انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

فلسفة التغيير في عالم الغد

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/26 الساعة 11:48
مدار الساعة,الأردن,اقتصاد,ثقافة,

اليوم وقد طغى على المشهد الأردني قضية التغيير كفلسفة متجددة في إطار البحث عن عقد اجتماعي يصنعه الشعب بكل مكوناته في إطار مشروع وطني نهضوي، واستكمالاً لفكرة التغيير في إطار الحفاظ على مرتكزات الدستور والميثاق الوطني والولاء للقيادة، مع التغيير في قواعد المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما يمكن جميع أفراد الشعب من المشاركة في البناء والتطوير، ورغبة في بَثِّ روح الاطمئنان إلى أنَّ التغيير لا يعني النكوص عن البيعة للعرش، بل هو تجديد لها وبَثُّ روح المعاصرة لكل التشريعات على أساس فكرة التغيير الخلَّاق.

والتغيير ينبغي أن يكون في جوهره الحقيقي تغييرًا في حقائق وأنماط سلوك اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية تعارف عليها البشر؛ بوصفها ثوابت في مجتمعاتهم، على الرغم من أنها كانت دائمًا وفي كل الفلسفات متغيرات قابلة للتقييم والتغيير، ومن أولى أولويات إحداث التغيير أن يشمل الأعراف والتقاليد التي اعتقد البعض واهمًا بأنها محرمات على التغيير، رغم ثبوت هذا الاعتقاد وبطلانه بالتجربة، التي أثبتت أنَّه ليس كل عرف جيد، كما أنَّه ليس كل عرف سيء في الوقت ذاته، وهو ما يدعو إلى مراجعة كل الأعراف والتقاليد والقيم وإعادة إنتاجها في إطار الفلسفة الجديدة للمجتمع؛ لأنَّ جوهر بعض الأعراف والقيم والتقاليد كان في جوهره مُعـيقًا لتقدم المجتمعات والنهوض بها، وتغيير الحقائق ضرورة لأنَّها أساس البناء وأصل كل تغيير.

إنَّ اختزال التغيير في الظواهر الخارجية هو نوع من تسلُّط ثقافة الجمهور على الفرد، وتسلُّطها على الحقيقة أحيانًا، كما أنَّه يؤدي إلى الاهتمام بالظاهر على حساب الباطن، ولذلك فإنَّ إحداث التغيير يكون شكليًّا ولا يؤدي فعليًّا إلى النهوض بالمجتمع بأركانه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وإذا كان التغيير المقصود والمطلوب يتضمن بالضرورة جوهر الأمور لا شكلها، فإنَّ تغيير الأعراف والتقاليد السائدة مطلوب، وهو ثابت من ثوابت التغيير إن كانت مُعيقة للتجديد والتطوير، على أن لا يشمل الإيجابي منها، بل يؤكد القيم الجوهرية الإيجابية، ويعيد دمجها بمنظومة جديدة تقصي وتحيد السلبي المتعارف عليه لوضع منظومة إيجابية متكاملة.

واستنادًا إلى ذلك فإنَّ التغيير فعليًّا ينطلق من الداخل، ويتأسس من الأعماق، ويتضمن التغيير في أنماط التفكير والتغيير في العقل؛ كإعماله بدلاً من إهماله وجموده، والتغيير في المبادئ من السيء إلى الحسن، ومن الحسن إلى الأحسن، وتغيير في الأخلاق والسلوك وتغليب خطاب التسامح وإعلاء المحبة، وتغيير في المفاهيم؛ لأنَّ التغيير يجب أن يحقق التوازن في الحياة؛ بوصفه مطلبًا إنسانيًّا جوهريًّا شاملاً جميع جوانب الحياة في قالب واحد وجديد، وعكس ذلك فإنَّـنا نتجه إلى تغيير جزئي عشوائي يورث الارتباك وربما الفوضى.

إنَّ التغيير المطلوب ينبغي بالضرورة أن يشمل الأفكار؛ لأنَّه ينبع من إعمال العقل في كل الظواهر، ويبني قواعده على البرهان، وعكس ذلك فمآله الزوال أو الاضمحلال لأنَّه يقضي على أصله ووجوده؛ لأنَّ ما بُـني على غير أساس لا يمكن أن يؤثر في غيره، بل يتأثر هو حتى يذوب ويتلاشى.

وفي زمن المتغيرات نحن بحاجة ماسَّة إلى التغيير الأكثر ثباتًا والأبلغ تأثيرًا؛ لأنَّنا نعيش ثورة عالمية في بُعـد كوني من الثقافات والسلوكات التي تحتاج إلى إعداد الفرد وتحصينه من الانجرار وراء الزائف من الأمور إلى عالم المنطق والعقل، وهو ما لا يتم إلا بالتغيير المستند إلى الحقائق العلمية.

والتغيير بوصفه ظاهرة اجتماعية منه ما هو سلبي، ومنه ما هو إيجابي، وهذه حقيقة بدهية لا جدال فيها، إنَّما يحصل الجدال في تحديد مقياس التغيير السلبي والإيجابي، وهنا تختلف أنظار الناس في الأصل الذي يبنون عليه حكمهم على تغيير ما، هل هو سلبي أم إيجابي؟، فمنهم من ينطلق في حكمه من قيم إنسانية بحتة، ومنهم من ينطلق من العادات والأعراف العامة، وبعضهم من التقاليد الخاصة، ومنهم من يبني ذلك على الدين كلٌّ حسب معتقداته.

والقول بأنَّ المؤثر واحد من هذه المنطلقات دون غيره مُجانِبٌ للصواب؛ لعدم واقعـيَّته من جهة، ولأنَّ التغيير في ذاته ليس واحدًا، فهناك تغيير جذري، وتغيير في قضية دون أخرى، وتغيير في الأسس، كما أنَّ التغيير يختلف باختلاف موضوعه ومكانه وزمانه، فليس هناك ما يعسر على التغيير متى وُجدت الإرادة الحازمة، وهذه الإرادة هي الشرط اللازم في مبدأ التغيير، وهي المرتكز للآليات الأخرى، والرأي النهائي أنَّ آليات التغيير الكلية تتلخَّصُ في التسليم بإمكانية التغيير، ووجود الإرادة السياسية والإجتماعية والثقافية للتغيير.

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/26 الساعة 11:48