تسعة شهور عاشها اقتصادنا الوطني بحالة «انتعاش وتعاف» سياحيا وتجاريا وصناعيا وتصديريا واستثماريا وبمختلف القطاعات، فبعد ان قضى ثلثي العام الحالي في حالة نمو حتى تفاجأ كما العالم كله بتبعات العدوان على غزة، ليتلقى بعدها ضربات موجعة وتراجعا بالمؤشرات الاقتصادية وبمختلف القطاعات، فماذا ينتظر اقتصادنا في الثلث الاول من العام المقبل؟.
الثلث الاخير من العام الحالي شهدنا فيه «شهورا عجاف» ما كان لاقتصادنا ليتوقعها، وخاصة انه كان يمضي برتم عال وبمستويات حطمت كافة الارقام القياسية مقارنة مع السنوات التي سبقت عام 2019 اي ما قبل الجائحة كورونا،وللاسف مازالت تداعيات العدوان مستمرة ولربما ستتعمق بحال استمراره، وهذا يعني ان اقتصادنا سيعيش الثلث الاول من العام المقبل بنفس الظروف التي يعيشها حاليا ولربما اصعب قليلا مالم يتوقف هذا العدوان.
كافة المؤشرات والارقام الاقتصادية قبل العدوان تؤكد على ان اقتصادنا يسير بالاتجاه الصحيح متفوقا على الظروف والتحديات التي واجهها طيلة السنوات الماضية، فالناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الجارية والثابتة نما خلال الربع الثاني بنسبة 2.6% وارتفع حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي للمملكة بنسبة 21% وارتفع حجم الاستثمارات المستفيدة من قانون البيئة الاستثمارية بنسبة 34 % وسجل نمو الاحتياطيات الأجنبية مستويات قياسية لتصل الى 18 مليار دولار وانخفض التضخم ليصل الى 2.1 % وارتفع الدخل السياحي للمملكة بنسبة 30.5 % وانخفضت البطالة الى 22%.
وكما سجل العجز في الميزان التجاري انخفاضا بنسبة 9.0 %، خلال 10 أشهر من عام 2023، مسجلا 8.142 مليار دينار، مقابل 8.948 مليار دينار للفترة نفسها من العام الماضي وبلغت نسبة تغطية الصادرات الكلية للمستوردات 48 % خلال 10 أشهر من عام 2023، وحافظت أسعار المواد الغذائية بالأردن على استقرارها حيث لم تتجاوز 1.7 % وارتفعت الإيرادات المحلية لتصل إلى 7.124 والاهم اننا حافظنا على استقرارنا النقدي والمالي وبشهادة كافة وكالات ومؤسات العالم المالية.
نتائج الثلث الاخير من هذا العام لم تظهر بعد، رغم ان كل المؤشرات تشير الى تراجع حاد لنتائج مختلف القطاعات وبشكل حاد مقارنة مع ما تحقق خلال التسعة الشهور الاولى،فالسياحة المحلية والاجنبية تراجعت بشكل حاد بالاضافة الى تراجع مبيعات مختلف القطاعات وهنا يأتي السؤال ماذا لو طال عمر هذا العدوان ما ستكون نتائج الثلث الاول من العام القادم ؟.
خلاصة القول،أن القدر وعلى ما يبدو قد كتب على اقتصادنا عدم الراحة او التقاط الانفس فما ان يخرج من مواجهة تحد حتى يواجه تحديا جديدا اصعب، فمن الازمة الاقتصادية العالمية والارهاب ولجوء ملايين من اللاجئين وانقطاع الغاز والربيع العربي و كورونا والحرب الروسية الاوكرانية، ها هو يخوض تحدي مواجهة تداعيات العدوان على غزة، وما يطمئننا ان اقتصادنا يربح الرهان في كل مرة.