أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هل تتحسّب المقاومة لهذا..؟ نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة يكتب


راكان السعايدة
نقيب الصحفيين الأردنيين

هل تتحسّب المقاومة لهذا..؟ نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة يكتب

راكان السعايدة
راكان السعايدة
نقيب الصحفيين الأردنيين
مدار الساعة ـ
قبل، وليس بعد، أن ينتهي عدوان "إسرائيل" على قطاع غزة، يجب أن يوضع ملف إعادة إعمار القطاع على الطاولة، وأن يناقَش جدياً وبعمق، من قبل المقاومة، ومن دول عربية يفترض أن تكون معنية بذلك.
والمقاومة أكثر من يجب أن يتحسب لهذه اللحظة؛ لحظة التعامل مع واقع القطاع بعد الحرب، وأن تكون لديها تصوراتها وخططها لليوم الذي يلي هزيمة "إسرائيل"، وكيف تعزز صمود أبناء غزة في قطاع أحيل إلى مكان غير قابل للعيش.
"إسرائيل" استخدمت قوة تدميرية هائلة في ردها الانتقامي على هزيمتها في 7 تشرين أول، وسَعت في ثنايا الانتقام إلى تهجير سكان القطاع قسراً إلى مصر، وهي فشلت، حتى الآن، في تحقيقه.
هذا، بطبيعة الحال، لن يمنعها عن محاولة تجربة التهجير الطوعي الذي نادى به صراحةً رئيس حكومة "الكيان" بنيامين نتانياهو، ظناً منه أنّ الظروف الموضوعية التي تم خلقها في القطاع تساعد على ذلك.. كيف..؟
لغاية يوم الأربعاء الماضي دمرت "إسرائيل" 126 مقراً حكومياً، ودمرت كلياً 92 وجزئياً 285 مدرسة وجامعة، ودمرت كلياً 115 وجزئياً 200 مسجد، و3 كنائس تضررت بشكل كبير.
أيضاً، دمرت كلياً 65 ألف وحدة سكنية و290 ألف وحدة سكنية تضررت جزئياً، وتضرر 23 مستشفى ومركزاً صحياً، وخرجت عن الخدمة 140 مؤسسة صحية، عدا عن تدمير البنية التحتية من طرق وصرف صحي وشبكات مياه وكهرباء.
هذا تدمير منهجي مقصود لا عبث فيه، ويصبح غاية بذاته مع مراكمة "إسرائيل"، يوما بعد يوم، القناعة بأن خسارتها الحرب على قطاع غزة أكيدة، وأن تحقيق أهدافها المعلنة ضربٌ من الخيال.
فالأهداف الكبيرة على الورق: تصفية حماس، نزع السلاح، نزع "التطرف" من القطاع، لا تستقيم، عقلاً ومنطقاً، مع التشظي والشقوق في جسم الكيان، سياسياً وعسكرياً واجتماعياً.
لكن الكيان، قد يظن، خاب ظنُّه، أن ما لم يستطع تحقيقه بقوته العسكرية، يمكن أن يحققه أو جزءاً منه، بعد أن يخرج من القطاع.. وذلك:
أولاً: وضع المقاومة في مسار تصادمي مع حاضنتها الاجتماعية، معتقداً، أي الكيان، أن أبناء القطاع سيلومون المقاومة على ما حل بهم من خسائر بشرية ومادية هائلة.
ثانياً: لن يحتمل أبناء القطاع البقاء في مكان لم يعد صالحاً للعيش، وسيبدأون من تلقاء أنفسم الهجرة تجاه مصر، وهذا أيضاً قد يضع أبناء غزة في مسار تصادمي مع مصر.
و"إسرائيل" ستكون معنية بمفاقمة أزمة قطاع غزة، بشكل واع ومقصود، عبر تعطيل إعادة الإعمار وإعاقة دخول مواد ذلك ومستلزماته، وسيكون لديها من الحجج الواهية ما يكفي لتبرير أفعالها.
ما الحل..؟
ليس هناك تصور متماسك، أو استشراف محكم لكيفية التعامل مع استحقاقات ما بعد العدوان، أو على الأقل الجميع مشغول الآن بالعدوان تاركين تصورات ما بعده إلى وقتها. لكن بالتأكيد هذا الأمر في ذهن الجميع.
مع ذلك، يمكن لنا التفكير ومناقشة تصورات أولية، وسيناريوهات مختلفة، وتحديد جهات عربية رئيسية معنية، ويجب أن تكون معنية بملف إعادة إعمار قطاع غزة والتعامل معه بوصفه جزءاً من أمنها القومي.
ومعلوم في ذات الوقت أن أكثر من دولة عربية أوضحت، أو أشارت تلميحاً وتصريحاً، إلى أنّ ملف إعادة إعمار غزة لا يمكن أن يكون مجانياً؛ بمعنى أنّ إعادة الإعمار يجب أن يرتبط بحراك سياسي جدي يفضي إلى أفق إيجابي يحمل حلاً سياسياً حقيقياً ينهي معاناة الفلسطينيين المزمنة ويحقق طموحاتهم ومطالبهم.
ويمكن القول:
أولاً: على المقاومة أن تجعل شرط إعادة إعمار قطاع غزة شرطاً أساسياً وفي صلب أي صفقة تُنهي الحرب، وأن يكون لديها منطقها وخطابها في التعامل مع حاضنتها الشعبية لتعزيز صمودها ووأد إمكانية وقوع أي تصادم أو تهجير قسري أو طوعي.
فهذا الأمر، بالنسبة للمقاومة، ليس أقل أهمية من خروج الكيان مهزوماً من غزة، بل يجب أن يكون أولويتَها وشغلَها الشاغل كي لا يتحول النصر إلى إشكالية داخل البنية الاجتماعية في القطاع.
ثانياً: مصر والأردن هما أكثر دولتين عربيتين يجب أن يعنيهما ملف إعادة إعمار القطاع، وذلك لقطع طريق التهجير الطوعي، لأنَّ تمكين "إسرائيل" من تهجير أبناء القطاع بأي طريقة سيعني لاحقاً خلق ظروف مماثلة لتهجير أبناء الضفة الغربية إلى الأردن.
والمقصود أن تقود كل من عمّان والقاهرة جهداً مشتركاً على المستويين الإقليمي والدولي لوضع العالم أمام مسؤولياته لتسريع عملية إعادة إعمار القطاع وتوفير سبل الحياة فيه، وألا تسمحا لـ"إسرائيل" بإعاقة ذلك.
وعلى البلدين أن يتعاملا مع الأمر باعتبارها مسألة أمن قومي..
مدار الساعة ـ