تعقيباً على توقّعات البنك الدولي بتحوُّل فائض الضمان إلى عجز خلال 10 سنوات؛
أقول: الضمان ليس في خطر بل مُريح بحذَر.!
أقول باختصار ووضوح شديدين، ودون أن أنفي ما أشار إليه تقرير البنك الدولي في سياق دراسة أصدرها مؤخراً تحت عنوان (بناء النجاح وكسر المعوّقات؛ إطلاق القوة الاقتصادية للمرأة في الأردن- Building success, Breaking barriers: Unlocking the Economic Power of Women in Jordan) وإشارته إلى أن صندوق استثمار أموال الضمان أصبح من الجهات الرئيسة غير المصرفية التي بحوزتها ديون كبيرة على الحكومة وأن هذا سيحد من قدرة الصندوق على الاستثمار في أصول أخرى، مُتوقِّعاً تحول الفائض المالي المتحقق للضمان حالياً إلى عجز في غضون (10) سنوات قد تمتد إلى (20) سنة إذا تم أخذ العائد على الاستثمار بالاعتبار.
وبالرغم مما كتبته عشرات المرات في هذا الموضوع مُنبِّهاً ومُحذِّراً وناصحاً، أقول بأنه لن يصيب الضمان عجز إذا فعلنا الآتي:
أولا: إيقاف التقاعدات المبكرة الإجبارية في مؤسسات القطاع العام.
ثانياً: توسيع قاعدة المشمولين بمظلة الضمان لتصل إلى كل عامل على أرض المملكة.
ثالثا: تخفيض مديونية الضمان على الحكومة تدريجياً والتي تناهز (8.6) مليار دينار وتشكّل حوالي (60%) من موجودات الضمان لتصل إلى ما لا يزيد على 40% من الموجودات بحلول عام 2028 ثم إلى ما لا يزيد على 25% من الموجودات بحلول عام 2035.
رابعا: إعادة هيكلة استثمارات الضمان بما يراعي تنويع الاستثمار وتوزيع المخاطر، والدخول في مشروعات إنتاجية كبرى مُشغّلة للأيدي العاملة الوطنية.
خامساً: إعادة نسبة الاشتراكات المترتبة على الحكومة عن المؤمن عليهم العسكريين إلى ما كانت عليه قبل إقرار قانون الضمان المعدل لعام 2023، باعتبارها النسبة التي أوصت بها الدراسات الإكتوارية للحفاظ على استدامة النظام التأميني.
سادساً: فك ارتباط مؤسسة الضمان بالحكومة وبنظام الخدمة المدنية، ووضع نظام حوكمة صارم تتشارك فيه الأطراف الثلاثة الممثلة للضمان؛ الحكومة والعمال وأصحاب العمل في إطار توازن يراعي الكفاءة والمسؤولية والرقابة والمحاسبة.
سابعاً: ربط الحد الأدنى للأجور في المملكة بمعدلات التضخم السنوية للحفاظ على إيرادات عادلة متوازنة للضمان عن شريحة كبيرة تعمل ضمن سقف الحد الأدنى للأجور.
ثامناً: إعادة قراءة ومراجعة قانون الضمان الاجتماعي بهدف الوصول إلى حماية اجتماعية أكثر شمولية ونظام تقاعدي أكثر توازناً يراعي الفئات الأقل دخلاً ويقلص فجوة التفاوت الكبير بين الأجور أولاً ثم بين الرواتب التقاعدية ثانياً.
تاسعاً: مراجعة كافة إنفاقات الضمان خلال جائحة كورونا، وإعادة كافة المبالغ التي صُرِفت دون وجه حق وكذلك المبالع التي تم إنفاقها خارج إطار صندوق التعطل عن العمل وقْيل أنها غير مُستردّة.
عاشراً: وضع نظام مُحكم للحد من التهرب التأميني بأشكاله المختلفة الذي تُقَدَّر اشتراكاته الضائعة بحوالي (120) مليون دينار على الأقل سنوياً. وتفعيل نظام تحصيل الاشتراكات ومديونية المؤسسة على المنشآت التي زادت على حوالي (800) مليون دينار.
وإذا كان لدينا حالياً حوالي (1.536) مليون مشترك و (322) ألف متقاعد تراكمياً، فهذا يعني أن مقابل كل متقاعد 4.8 مشترك، وهذا يُنذر بالتراجع إلى ما هو أقل من ذلك في حال لم يتم الانتباه والأخذ بما ذُكِر أعلاه، بسبب النمو المتزايد بأعداد المتقاعدين بنسب أكبر من النمو بأعداد المشتركين، وهو ما سيعكس ارتفاعاً بالنفقات التأمينية يزيد نسبياً على الارتفاع بالإيرادات التأمينية ما سيؤدي إلى تقليص الفوائض التأمينية تدريجياً ومن ثم تلاشيها تماماً لتبدأ بعدها مرحلة العجز لا سمح الله.!
أخيراً أقول بأن الوضع المالي للضمان اليوم ليس في خطر وإنما مُريح بحذر، وعلينا أن نأخذ بما ذُكِر أعلاه من نقاط ليبقى الضمان ومستقبله مُريحاً وآمِناً.